خيم النقاش داخل أحد مدرجات كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء على موضوع العذرية لدى الفتاة، الذي يعد من "الطابوهات" ويتسبب لها في مشاكل عديدة أمام أسرتها والمجتمع. ووجه رشيد بوطيب، الأستاذ الجامعي بالكلية ورئيس الجمعية المغربية للعلوم الجنسية، تنبيها للأطباء الذين يمنحون شهادات العذرية للفتيات الراغبات في الزواج. واعتبر البروفيسور بوطيب أن بعض الأطباء يقدمون شهادة العذرية للفتاة، ويتم التشهير بحالتها، مؤكدا أن هذا اللقاء العلمي يهدف إلى دفع الأطباء والطلبة إلى احترام مبادئ الطب المتمثلة في السرية واحترام موافقة الفتاة من عدمها بخصوص هذه الشهادة. وأوضح رئيس الجمعية المغربية للصحة الإنجابية، في الندوة التي احتضنتها كلية الطب، الجمعة، والمنظمة بتعاون مع مصلحة التوليد بن مسيك، تحت شعار "العذرية: ما بين الوهم/ الخرافة والحقيقة"، أن "بعض الرجال يتوهمون أن غشاء البكارة لدى الفتاة قبل الزواج يدل على أنها لم تكن لها علاقة جنسية سالفة، مع العلم أن هذا واهٍ، لأنها قد تكون مارست الجنس". وتابع أستاذ كلية الطب تبريره للوهم الذي يعتري عددا من الرجال بأنهم "لا يدرون أن الغشاء يمكن أن يكون محصنا ولا يتعرض لأي نزيف في أول علاقة جنسية.. وهذا ما لا يفهمه كثير منهم"، مضيفا أن "هناك وهما بضرورة وجود غشاء، ما يدل حسب هؤلاء على التربية الحسنة لدى الفتاة". كما أكد رئيس الجمعية المغربية للعلوم الجنسية أن ما لا يعلمه هؤلاء الرجال، وهو الثابت علميا، أن "الغشاء لدى الفتاة يمكن أن يكون مفتوحا منذ ولادتها، وهذا لا علاقة له بممارستها علاقة جنسية من قبل أو أنها على تربية حسنة من عدمها". ولفت المتحدث نفسه إلى أن العذرية "تخلق مشاكل للفتاة المقبلة على الزواج وتضعها في موقف لا تحسد عليه، إذ تصير موصومة، وتنبذ من وسطها العائلي نظرا لفقدانها للعذرية"، واعتبر أن هذا الأمر لازال مشكلا في المجتمع المغربي، مشيرا إلى أن العلاقات الجنسية التي تقع "تؤدي الفتاة ضريبتها الباهظة". وتأتي هذه الندوة، حسب ما أكده رئيس الجمعية، لمناقشة موضوع العذرية لدى المغربيات، وهو موضوع يندرج ضمن النقاشات الجارية بالمجتمع المغربي حول الحريات الفردية، والإجهاض وغيره، إذ تطرح تساؤلات حول جسد الفتاة وما إن كانت تتوفر على حرية لاستعماله. يفيس فيرول، أستاذ جامعي بليل الفرنسية، اعتبر أن موضوع العذرية لدى الفتاة لا يطرح إشكالا في فرنسا، ولا يناقش بهذه الحدة مقارنة مع المغرب. وأوضح الأستاذ الفرنسي أن منطق العذرية المعتمد في الدول العربية والإسلامية، وضمنها المغرب، يجعل النساء ضحايا خلال فترة الزواج. من جهته، تساءل الباحث في علم الاجتماع عبد الصمد الديالمي عن السبب في عدم وجود رجل "أعذر"، مؤكدا على أن العذرية مؤنثة، وهذا حكم مسبق. واعتبر أستاذ علم الاجتماع في مداخلته أن العذرية لدى العرب والمسلمين تعد "رأس مال الفتاة، إن تمت إضاعته يضيع كل شيء"، مضيفا أن "الفتاة مهما كانت مكانتها العلمية والأسرية فإن فقدانها للعذرية يفقدها قيمتها، وهذا يدخل ضمن الثقافة المغربية".