اهتمت الصحف المغاربية الصادرة اليوم الجمعة، على الخصوص، بتصويت البرلمان التونسي على تعيين محافظ جديد للبنك المركزي، ونشر قوات الأمن بأعداد كبيرة لمنع الاعتصامات في العاصمة الجزائرية، وتضارب الآراء داخل لجنة إصلاح الحزب الحاكم (الاتحاد من أجل الجمهورية) في موريتانيا. ففي تونس علقت صحيفة "الصباح" على تصويت مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان) على تعيين مروان العباسي كمحافظ جديد للبنك المركزي خلفا للشاذلي العياري الذي قدم استقالته من هذا المنصب، معتبرة أن "تحميل محافظ البنك المركزي وحده المسؤولية يعد تجنيا على الرجل". وأكدت أن السياسة النقدية "مرتبطة بواقع اقتصادي كامل ونحن نعلم جيدا ما وصل إليه الاقتصاد التونسي والدينار والميزان التجاري والمديونية..." وأضافت الصحيفة في افتتاحية تحت عنوان "ما بعد الاستقالة ومنح الثقة"، أنه "ليس بذهاب المحافظ وتغييره فقط ستشرق شمس الرخاء والنمو على البلاد، بل لا بد من تغيير السياسات المتبعة وأولها سياسات الحكومة". ورأت الصحيفة أن المطلوب بعد الإعلان عن شخصية المحافظ الجديد هو "أن تكون له الكفاءة العالية والفهم الجيد للتحديات النقدية والاقتصادية والاستقلالية والجرأة في اتخاذ القرار واستشراف الأزمات الممكنة والقدرة على التصدي لها". وأشارت صحيفة "الشروق" من جهتها إلى أن المحافظ الجديد للبنك المركزي أكد أمام النواب أمس الخميس، أنه سيتم تجاوز تصنيف تونس ضمن القائمة السوداء للدول، التي يمكن أن تكون عرضة أكثر لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وأضافت أن العباسي لم يخف أن "المؤشرات مخيفة مثل عجز الميزان التجاري"، معتبرا أن الوضع صعب لكنه ليس مستحيلا، وشدد على ضرورة العمل وتحسين الانتاجية وخلق الثروة. وتطرقت صحيفة "المغرب" من جانبها، إلى الجدل الذي واكب التصويت في البرلمان على تعيين المحافظ الجديد للبنك المركزي، مشيرة إلى أن هذا الجدل تركز حول "عدد من النقاط القانونية والتقنية من قبل حضور رئيس الحكومة إلى الجلسة العامة للمجلس وتقديم برنامج محافظ البنك المركزي وأسباب التغيير". وانتقد بعض النواب المحافظ المستقيل معتبرين أنه كان من الأجدر تغيير محافظ البنك المركزي منذ مدة وأن استقالة الشاذلي العياري لا يمكن أن تعفيه من المحاسبة باعتبار أن المسألة أعمق من مجرد تصنيف تونس كملاذ ضريبي أو في قائمة مخاطر تبييض الأموال. وسجلوا أن الأمر يتعلق بالمنظومة البنكية للبلاد. واعتبرت صحيفة "الصحافة اليوم" من جهتها، أن المحافظ السابق سعى في جلسة الاستماع إليه أمام لجنة المالية "للهروب إلى الأمام بإفراغ مؤسسته المالية من كل محتوى رقابي ورمى بفشله إلى حكومة الشاهد". ورأت صحفة "الأنوار التونسية" من جهتها أن حصيلة خمس سنوات ونصف من رئاسة الشاذلي العياري للبنك المركزي "يمكن قراءتها في جملة التقارير السوداء التي تتوالى من مؤسسات دولية وفيها تصنف تونس ضمن الدول المتهمة بغسيل الأموال"، معتبرة أن "الأخطر من ذلك أن توضع بلادنا ضمن قائمة الدول التي تحوم حولها شبهات تمويل الإرهاب". وقالت إن "تصويت نواب البرلمان الأوروبي حول وضع تونس في القائمة السوداء بشبهات تبييض الأموال كانت هي الضربة القاصمة التي سارعت بتنحي محافظ البنك المركزي". وتساءلت صحيفة "لوكوتيديان" من جانبها، عن التغييرات التي سيشهدها البنك المركزي التونسي بعد استقالة محافظه السابق، مشيرة إلى التراخي الذي طبع في مكافحة التمويل المشبوه للأحزاب السياسية ومئات المنظمات، وتساءلت عما إذا كان هذا الوضع سيستمر. واعتبرت أن الضرر الذي تعرضت له البلاد بفعل ذلك يقاس بمئات الملايين من الدولارات، مشيرة إلى أن النزيف أدى إلى إفراغ الخزينة من العملة الصعبة والعملة المحلية. وفي الجزائر، اهتمت الصحف بموضوع تطويق العاصمة ونشر قوات الأمن بأعداد كبيرة لمنع الاعتصامات وغيرها من الاحتجاجات الاجتماعية التي تتضاعف أمام حالة الاستياء الاجتماعي التي تسود حاليا بالبلاد. وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة (الوطن) أن سكان العاصمة فوجئوا أمس بانتشار قوات الأمن بشكل غير معتاد حول المؤسسات العمومية والإدارات. وقالت إن هذه الإجراءات تعكس حجم الترهيب والقمع غير المسبوق سواء من حيث أعداد عناصر قوات الأمن أو من حيث الوسائل وكذا الممارسات غير المعتادة: التحقق من هوية المارة، وحتى سائقي السيارات، وذلك بكل تأكيد بهدف إحباط أي محاولة للتجمع وأي مظاهرة، على إثر الدعوة إلى الإضراب العام عبر مختلف أرجاء البلاد، التي وجهتها العديد من النقابات المستقلة. وعنونت الصحيفة في صفحتها الأولى "ضد مجرى التاريخ"، مشيرة إلى أن الجزائريين رأوا يوم أمس وسائل، من الأكثر تطورا، وقد أخرجتها مصالح الأمن وذلك من أجل القيام ب"التدبير الديمقراطي للحشود" بحسب التعبير السائد وسط الشرطة. ونددت بتدبير بواسطة الهراوة كما كان الحال مع بداية إضراب الأطباء المقيمين، مسجلة أن إرادة وعناد الأطباء تغلبا على تضارب السلطات العمومية وموقفها المخجل واللذين لا يمكن أن يؤديا سوى إلى تفاقم النزاع. من جهتها، كتبت صحيفة (ليبيرتي)، في السياق ذاته، أن الحكم، الذي تعوزه الشرعية ويفقد مصداقيته يوما بعد يوم، يعطي الانطباع أنه يعيش في فوضى عميقة وارتباك تام وغياب الرؤية الواضحة والآفاق. ولاحظت أن هذا الوضع ازداد تفاقما منذ مرض الرئيس بوتفليقة ومن ثمة غيابه عن الساحة الوطنية، مسجلة أن هذه الفوضى وحالة الذعر أمام أوضاع تتجاوزه لأنه ظل لمدة طويلة خارج السباق، يدفع على سبيل المثال الجهاز التنفيذي، وفضلا عن اللجوء إلى القوة، إلى حلول خاطئة وتقديم تنازلات وإلى التراجع أمام ضربات الأوساط المتشددة، كما هو الشأن في قطاع التربية، والتي تستفيد من الوضع من أجل محاصرة محاولة الوزيرة السيدة بنغبريط، لتكييف القطاع مع معايير العقلنة والتقدم. وأشارت إلى أن الوزيرة، التي لم تحظ بالتضامن الحكومي في محاولتها لإخراج المدرسة من الركود الذي أغرقتها فيه الظلامية والتراجع، تجد نفسها اليوم مجبرة على قبول وساطة إمام في نزاع مهني ونقابي. من جانبهما، ذكرت صحيفتا (الشروق) و(الفجر) أن التكتل النقابي، الذي خاض يوم الخميس، إضرابا ليوم واحد، كان قد أعلن عن هذه المظاهرة للتنديد بالمس بالحريات النقابية والمطالبة بآليات لحماية القدرة الشرائية، مسجلا أنه وأمام إخضاع المداخل الطرقية المؤدية إلى وسط العاصمة للمراقبة، فإن ممثلي النقابات المستقلة الذين كان من المنتظر أن يلتقوا في ساحة فاتح ماي تم تشتيتهم، في حين أن شاحنات قوات مكافحة الشغب طوقت كافة ساحات الجزائر العاصمة التي يمكن أن تستقبل النقابيين. ولاحظت الصحيفتان أن قوات مكافحة الشغب حضرت بكثافة في كل أنحاء العاصمة، وخاصة أمام البريد المركزي، حيث تمكن الأطباء المقيمون من تنظيم مسيرة، الأسبوع الماضي، وهو ما يعكس "الإرادة في خنق حرية التعبير بالجزائر". بدورها، كتبت صحيفة (لوجور دالجيري) أن كبار المسؤولين بالبلاد، وبعدما لاحظوا حجم الأضرار التي خلفها الإضراب في مختلف القطاعات، مثل التربية والصحة، تعبؤوا أكثر وجددوا التزامهم بمواصلة الحوار من أجل إيجاد أرضية للتفاهم وإنهاء هذا الإضراب. وذكرت بأنه بعد عدة أسابيع من الإضراب اللامحدود واجتماعات عقيمة والاعتصام والمظاهرات التي منعتها الشرطة، أكد كبار المسؤولين في نهاية المطاف حجم هذه الحركات والمخاطر التي يمكن أن تتسبب فيها للمواطنين، مشيرة إلى أن وزيرة التربية، وفي إطار الاجتماعات من أجل مناقشة التطورات الأخيرة لقطاعها، التقت أصحاب مبادرة أطلقها أئمة ورجال قانون وتقترح عقد لقاء بين ممثلي المجلس الوطني لمستخدمي التدريس ثلاثي الأطوار "الكنابست" والوزارة الوصية يوم الأحد المقبل، قصد التوصل إلى حل بخصوص الإضراب المفتوح الذي أطلقته النقابة منذ 30 نونبر الماضي. وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الداخلية والجمعات المحلية والتهيئة العمرانية، نورالدين بدوي، أكد، في المقابل أنه يتعين على كافة فئات المجتمع احترام قوانين الجمهورية وتطبيقها، مضيفا أن أولوية السلطات العمومية هي حماية أمن الجزائر. وفي موريتانيا، اهتمت الصحف، على الخصوص، بتضارب الآراء الصادرة عن أعضاء بلجنة إصلاح الحزب الحاكم (الاتحاد من أجل الجمهورية)، في تشخيصها لحالة الحزب، وذلك على بعد أشهر من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وهكذا، نقلت الصحف عن رئيس الحزب، سيدي محمد ولد محم، قوله إن "الاتحاد من أجل الجمهورية هو فضاء ديمقراطي رحب حي وغني بطاقات مناضليه"، مضيفا في تغريدة على حسابه في (تويتر) وجهها إلى من أسماهم "الذين لا يعرفون"، أنهم "وحدهم، لحد الساعة، من يملك الشجاعة الكافية لنقول للعموم هنا أخطأنا وهنا أصبنا هنا نجحنا وهنا فشلنا". وأشارت الصحف إلى أن هذه التغريدة تعتبر من أولى التعليقات من ولد محم على ما يجري في الحزب الحاكم في موريتانيا، وأنها تأتي لتلقي حجرا في بحر اتهامات وجهت للحزب بأنه منهك بالصراع بين قادته، ليؤكد ولد محم من خلالها أن تعدد الآراء ظاهرة صحية ومصدر قوة لا ضعف، وتعداد الفشل والنجاح شجاعة لا يمتلكها إلا قلة. وفي المقابل، ذكرت الصحف أن وزير الاقتصاد والمالية وعضو اللجنة، المختار ولد اجاي عدد، إلى جانب عدد من نقاط قوة الحزب، مظاهر فشله، معتبرا أنه "فشل في بلورة خطاب سياسي قوي يترجم أهداف وأسس المشروع المجتمعي الذي يتبناه رئيس الجمهورية للنهوض بالبلاد"، وفشل كذلك "في ترسيخ الثقافة الديمقراطية في اختيار قياداته و في إدارة هيئاته". ونقلت عن ولد اجاي قوله في تدوينة على صفحة لجنة تشخيص واقع الحزب وتفعيل هيئاته على موقع (فيسبوك) إنه "لا يمكن أن نتجاهل أن الآجال القانونية لتجديد هيئات الحزب قد تم تجاوزها. وأن آلية انتخاب الهيئات الحالية فيها الكثير مما يقال. وأن غالبية الهيئات القاعدية مشلولة إلى حد كبير"، مؤكدا أن "الخطاب السياسي للحزب لم يتجاوز حتى الآن المثل العامة والمبادئ الأساسية التي ترفعها غالبية الأحزاب السياسية الوطنية ويتبناها جل الموريتانيين مثل الإسلام، الوحدة الوطنية، الديمقراطية...الخ". كما نقلت الصحف عن عضو المجلس الوطني للحزب، حميد ولد أسويح، قوله إن "الجميع يتعطش إلى عمل اللجنة الوزارية من أجل إعادة الهيكلة، وإفراز قيادات محلية على أسس شفافة وسليمة تبتعد عن سياسة اللوبيات". وأضافت أن هذا القيادي في فيدرالية الحزب بمدينة نواذيبو اعتبر، في تصريحات صحفية، أن الشباب يتوقون إلى حجز مكانتهم في الهياكل المزمع انشاؤها من أجل أن يتبوؤوا المكانة اللائقة بهم، وأن يتم تفادي كل الاختلالات التي عرفها الحزب في السنوات الماضية. وعلى صعيد آخر، كتبت الصحف أن العاصمة نواكشوط تستعد لأهم حدث كروي في تاريخ موريتانيا منذ الاستقلال، وذلك باحتضانها، يوم الأحد القادم، اجتماعات المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والذي ستتزامن معه ندوة رياضية يحضرها أكثر من 20 رئيس اتحاد كروي من مختلف القارات.