أصدر محمد حبيدة، أستاذ التاريخ الاجتماعي بجامعة ابن طفيل في القنيطرة، كتابا تحت عنوان "المغرب النباتي: الزراعة والأغذية قبل الاستعمار"، من منشورات ملتقى الطرق 2018، تناول من خلاله تاريخ الأطعمة في المغرب قبل البنيات الحديثة التي أدخلها الاستعمار الأوروبي. وأوضح حبيدة في إصداره الجديد أنه "قبل البنيات الحديثة التي أدخلها الاستعمار الأووربي في القرن العشرين، كان المغاربة يعيشون، بصفة رئيسية، من الشعير والزيت، إنها "نباتيةٌ عفوية"، خالية من أي تصور بيئي أو طبي.. النباتيةُ في الوقت الراهن اختيارٌ، لكنها في الماضي كانت ضرورة، لأن قساوة البيئة وضعف التقنيات الزراعية وتدنّي مستوى العيش جعل أهالي المدن والبوادي على السواء يكتفون بطعام مكونٍ من حبوب ونباتات". أما اللحم، يضيف محمد حبيدة في نبذة عن الكتاب، "فكان طعاما احتفاليا بالدرجة الأولى، لا يأكله الناس إلا في المناسبات الكبرى، الدينية أو العائلية، ومؤشرا قويا على التمايز الاجتماعي بين الأعيان وسائر الناس". وقال الكاتب: "اليوم، تدفعنا الوفرة الغذائية وما تطرحه من مشاكل، خاصة في المدن الكبرى، بسبب كثرة المواد الغذائية المصنعة التي تغزو الأسواق، وانتشار المطعمة السريعة المقترنة بِ "الأكل المضر"، وما بيّنته العلوم الطبية فيما يتصل بالضرر الصحي الذي يسبِّبه استهلاك اللحوم، إلى تغيير المقاييس التقليدية والنظر إلى الأشياء ليس من زاوية الرخاء والهشاشة، وإنما على ضوء الفيزيولوجية البشرية، لأن الأطعمة النباتية، الفقيرة اجتماعيا لكن الغنية غذائيا، هي التي حافظت على الكيان البيوكميائي للمغاربة على مرِّ التاريخ". واستدرك محمد حبيدة بأن "موضوع التغذية يكشف عن تناقضات المجتمع ويترجم بنياته السلوكية، كما أوضح ذلك كلود ليفي ستروس في كتابه "أصل آداب المائدة"، ففي أوقات الجوع كان المغاربة يتحوَّلون من نباتيين إلى لاحمين، حيث يأكلون مواشيهم الجائعة، ويخرجون عن قواعد الشريعة بأكل لحم الخنزير ولحوم محظورة أخرى".