عاشت مدينة جرادة، اليوم الجمعة، على وقع احتجاج حاشد قاده السكان قرب مستودع الأموات، بعدما لقي شاب مصرعه، أمس الخميس، في بئر عشوائي مخصص لاستخراج الفحم، لينضاف إلى اثنين توفيا في دجنبر الماضي وكانا سبباً في اندلاع حراك احتجاجي بالمنطقة لم يهدأ بعد. وبحسب إفادة محمد فازيقي، أحد سكان جرادة المشاركين في الاحتجاج، فإن المدينة عرفت إضراباً عاماً رافقه اعتصام طيلة اليوم الجمعة أمام مستودع الأموات، تخللته شعارات تنتقد الدولة بعد تقديمها وعوداً لم تنفذها إلى حد الساعة. وقال الفاعل المدني إن "جميع المحلات التجارية والمقاهي أغلقت أبواها طيلة اليوم، وتوجهت الساكنة بمختلف شرائحها إلى الاعتصام الذي بدأ منذ الصباح، من نساء ورجال وشيوخ، ليؤكدوا على مطالبهم المشروعة". وأكدت السلطات المحلية، أمس الخميس، مقتل الشاب في منجم مهجور نواحي جرادة، وقالت إنه يبلغ من العمر 36 سنة، دون أن تحدد ظروف مقتله، مشيرةً إلى أن مجموعة من الأشخاص منعت المسؤولين من التدخل، وأعلنت عن فتح تحقيق لتحديد ظروف الحادث. وأفاد فازيقي بأن المدينة عرفت تعزيزات أمنية كبيرة موازاة مع هذا الاعتصام، مشيراً إلى أن "الساكنة تفاجأت بهذا الكم الهائل من قوات الأمن الذي لم تشهده المنطقة حتى حين كانت مناجم الفحم تعرف احتجاجات تقودها النقابات". وكشف فازيقي، في تصريح لهسبريس، أن الساكنة قررت الاستمرار في احتجاجاتها لأن وعود المسؤولين الحكوميين لم تطبق على أرض الواقع، وزاد قائلاً: "مستعدون لوقف الاحتجاجات إذا قدمت الحكومة حلولاً لهذه المنطقة التي تعيش أزمة خانقة". وسبق أن توجه وفدان وزاريان إلى جرادة منذ بداية يناير، وعرضا عدداً من البرامج والمشاريع لم تلق رضى المتظاهرين، واستمر السكان في الاحتجاج بشكل شبه يومي. ومن المتوقع أن يحل رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بالجهة الشرقية في إطار الجولات التي يقوم بها إلى الجهات الاثني عشر. وكان سكان جرادة قد نظموا شكلاً احتجاجاً قبل أيام تمثل في حمل 43 نعشاً رمزياً، عدد أبناء المنطقة الذين توفوا في السنوات الأخيرة في آبار الفحم، بحسب الساكنة، في الوقت الذي لا توجد فيه أرقام رسمية بهذا الخصوص. وسبق للحكومة أن اقترحت تخصيص مشاريع عدة في المنطقة، واستعرضت أرقاماً حول ما تم استثماره في جرادة منذ سنوات، مع اقتراح تخصيص عدد من المناصب للنساء للعمل في مزارع إسبانيا لقطف التوت. وفي نهاية دجنبر من العام الماضي، أثار مقتل شقيقين داخل منجم مهجور غضب السكان في المنطقة، ونظموا تظاهرات حاشدة مطالبين برفع التهميش عن المنطقة وإيجاد بديل اقتصادي لآلاف الشباب العاملين في آبار الفحم العشوائية معرضين بذلك أنفسهم للخطر.