في أجزاء ثلاثة، يقتفي المُفكر المغربي محمد الكتّاني آثار خمسة آلاف مُصطلح في عشرين علماً ومجالا وتخصصاً في التراث العربي، ضمن "موسوعة المصطلح في التراث العربي: الديني والعلمي والأدبي". وقدّم أساتذة مختصون في مجال الدّراسة المصطلحية العربية الإسلامية، في مُلتقى دراسي نظمته أكاديمية المملكة المغربية، بحوثا في الموسوعة التي تصنف كلّ تخصّص على حدة، في مسح شمل معظم المراجع والمصادر ما بين القرنين الرابع والخامس عشر الهجرييْن، لحصر المصطلحات المعرّبة والدخيلة في فضاء الثقافة العربية. عبد الجليل الحجمري، أمين السّر الدائم للمملكة، أبرز أنّ "موسوعة المصطلحات للدّكتور الكتّاني تعزز المشروع الفكري العربي، وتعكس ثقافته الشّمولية، التي تعرف علو كعبه في العلوم العربية، وحجم مشاق رَحلاته الفكرية". وأوضح أمين سر المملكة أنّ الموسوعة تُوحِد أمام الباحث معاني المُصطلحات في التراث العربي في مختلف العلوم والفنون، وتابع: "إذا كان معجم كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي أو غيره قد يستجيب لرغبة الباحث طبقاً لهذا الهدف، فإنّ هذه المراجع ظلّت في حاجة إلى ملاءمتها مع مُتطلبات العصر أسلوباً وعرضاً". وأبرزَ الحجمري أنّ الموسوعة "تضم أكثر من خمسة آلاف مصطلح، تهم أكثر من عشرين علماً وفناً وتخصصاً في التراث العربي، مع تذييل هذه الموسوعة بفهارس متخصصة للمصطلحات، تُرشد الباحث إلى موقع كل مُصطلح حسب اختصاصه، وتجاوزت منهجية التعريفات المختصرة الجافة للمصطلحات، لاسيما منها ما يعدّ مفاتيح للعلوم التي تتداولها"، مُضيفاً أنّ المؤلف حرص على تقديم هذه المصطلحات في صيغة مداخل علمية مركزة، تعد زبدة لعشرات الأبحاث المُتعلقة بها. وأورد الحجمري، في مُداخلته، أنّ الألفية الثالثة تشهد أمام التحديات المُتسارعة إهمالاً ملحوظاً لمفاتيح العلوم العربية الإسلامية، ما يدعو إلى الاهتمام بالتراث العربي، لإبراز الخصوصية الثقافية والحضارية، لتقوية جهاز المناعة في مسَار المُستجدات الثّقافية المُعاصرة. من جهته، قال أحمد شحلان، أستاذ فخري بجامعة محمد الخامس، إنّ "الموسوعة تُقدّم إرثاً لكل اللغات، وشملت عالماً شاسعا، إذ جمعت بين أراضي الإسلام، وخلفت إرثاً ثمينا للغة العربية بعد الإسلام"، وتابع: "الموسوعة أغنت تاريخ اللغة العربية على الإطلاق. ولا يمكن أن نسمح بتفضيل الموسوعة الغربية عن العربية". وذكّر شحلان بما جاء به الكتاني في مُقدّمة الموسوعة: "ما كانت عليه العربية في التّاريخ القديم، تطورت تطوراً منقطع النظير داخل بنياتها، من علم القرآن إلى الفلسفة إلى العلوم الحقّة"، مبرزاً أنّ الموسوعة تُعدُ مرجِعاً مُوحداً للباحثين، تُساعدهم في مسارهم الجامعي.