ترفض ديانات التوحيد الزيجات المختلطة وكذلك الحال مع الأعراف المجتمعية في مصر، إلا أنّ حالات قليلة خالفت هذه القواعد الدينية والمجتمعية، واختار بعض أبطالها المواجهة فيما قرر البعض الهروب. يعيش المسلم والمسيحي سويًا في مصر كمواطنين ينتمون إلى دولة واحدة، ومن الوارد جداً أن تنشأ قصص حب بينهم، ولكن تحدث مشاكل وأزمات تأخذ أبعاد طائفية نظرا لحساسية الموضوع، فمعظم الحوادث الطائفية في مصر ترجع أسبابها إلى زواج بعض النساء من أشخاص ينتمون لدين مختلف عنهن. وقد رفضت مصر ممثلة في الأزهر إعلان تونس بالسماح للمسلمات من الزواج بغير مسلم، وأكد في بيان له رفضه تدخل أي أنظمة في العقائد الدينية وأحكامها الثابتة، مما يؤكد أن زواج المصريات برجال من غير ديانتهن سيظل من المحظورات الدينية والمجتمعية. DW عربية التقت بعض بطلات زيجات مختلطة لرصد تجاربهن والعوائق التي واجهتهن. الزواج المدني كغطاء ذي طابع شرعي ماريا عماد (اسم مستعار)، شابة مسيحية وقعت في حب مصري مسلم، وقررت خوض المعركة حتى النهاية. تحدثت لDW عن تجربتها قائلة "التقيت بشاب مصري مسلم منذ سبع سنوات عبر أصدقاء مشتركين، ولم يمثل اختلاف الدين أي مشكلة لعلاقتنا لأننا نحترم اختلاف الآراء والمعتقدات". ولكن بدأت المشاكل تظهر عندما أبلغت أهلها بعلاقتها بحبيبها، والتي وصلت إلى حد تهديد الكنيسة لها ولعائلتها. ولكنها أشارت إلى أن عائلتها لم تستجب إلى تلك التهديدات ظنًا منهم أن علاقتهما ستنتهي. لكن سرعان ما قامت الكنيسة بطردها، حال أن علمت بعلاقتها بمسلم، ولكنّ ماريا لم تكترث كثيرًا لهذا الأمر. وكان التطور الإيجابي في علاقتها بالمسلم، رغم أنه مأساوي وياللمفارقة، هو وفاة والدتها، حيث كان سبباً لتقارب حبيبها من والدها وتحسين علاقتهما، وإقناعه بقبول زواجهما. قائلة" أقنعت والدي بالزواج المدني من مسلم، كما أني وضعت شروطاً في عقد الزواج المدني منها حقي في قرار الطلاق وعدم زواجه دون أذني". ورغم اقتناعها بقرارها إلا أنها رأت أنه سيتسبب لها مشاكل على غرار رفض وربما مقاطعة عائلة والدها لها ولوالدها وهم من أهل الصعيد، كما أن مديرها المسيحي قد يتسبب في طردها. وقد قدمت ماريا بالفعل طلب زواج مدني، وهي في انتظار موافقة المحكمة منذ أسبوعين، وقد أكدت أنه بمجرد إعلان المحكمة موافقتها على العقد، ستقيم احتفالاً وتدعو جميع أصدقائها وعائلتها دون اهتمام بآراء الرافضين للزواج. وقد وصفت ماريا قرار احتفاظها بدينها بالصائب، قائلة "معظم العلاقات بين المسيحيين والمسلمين تكون مبنية على إقناع أي طرف بتغيير ديانته، ولكننا اتفقنا على احتفاظ كل شخص بديانته". يبدو أن الحب لا يعرف الاختلاف الديني، فالأمر لا يقتصر فقط على حب المسيحيات للمسلمين، بل أن هناك بعض المسلمات قد تقع في حب مسيحي، وتتغاضى عن هذا الاختلاف. م.ن، مسلمة أحبت أجنبي مسيحي، رغم اعتراض أصدقائها ونصحها بأن يغير دينه، رفضت الاستماع إلى هذا النصح، وقالت" أرى أنّ الأديان السماوية واحدة ولا أفرق بين مسيحي ومسلم، فكل شخص حر في دينه". كما أن عائلتها تقبلت ذلك، قائلة" أنا محظوظة لأنني تربيت في عائلة تحترم الاختلاف الديني". م.ن اختارت أن تقترن به بزواجٍ مدني تم خارج مصر، وتعيش معه اليوم في الخارج، ولكنها تزور مصر من فترة إلى الأخرى. ثمن الزيجة- فرار مستمر من العائلة والمجتمع قصة مأساوية أخرى لفتاة اضطرت إلى الهروب داخل مصر من عائلتها وهي كريستين جرجس(اسم مستعار)،البالغة من العمر 25 عامًا وهي مسيحية أخرى أحبت مسلماً. تعرضت كريستين إلى ضغوط عديدة من العائلة والأصدقاء. قالت" حرمتني أمي من الميراث، وحاولوا استخدام العنف معي ومع زوجي". كما لجأت العائلة إلى الكنيسة لمحاولة إقناعها للابتعاد عنه، وقامت بتهديدها لاحقًا. فضلا عن رفض عائلة زوجها زواج أبنهم من كريستين خوفًا من إحداث فتنة طائفية في البلد. ولكن حب كريستين لزوجها أرغمها للهروب إلى محافظات بعيدة عن القاهرة، وأخفت زواجها عن كل المحيطين بها في سكنها الجديد. كما أنجبت كريستين طفلاً، ولكن لم تسجله حتى الآن، خوفًا من معرفة أهلها بمكانها. ونتيجة لإخفاء زواج كريسين، تتعرض لضغوط يومية من الشارع المصري، ففي كل مرة يبحث زوجها عن حجج مختلفة لإيجاد مسكن لهما. وهذه الضغوط التي تعيشها تجعلها لا تنام إلا قليلاً، وكأنه آخر يوم لها، على حد تعبيرها. الزواج المختلط - "الدستور المصري لا يعترف بالزواج المدني" يشرح المحامي الحقوقي رضا الدنبوقي، مدير مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، الوضع القانوني للمصريات الراغبات في الزواج برجل من ديانة أخر. ويشرح لDW في حالة "زواج المسيحية من مسلم لها الحق في الزواج مدنيًا، خاصة وأن مصر دولة تطبَق الشريعة الإسلامية. ولكنّ المسلمة لا يمكنها الزواج مدنيًا من مسيحي، ويكون الزواج خارج مصر في لبنان أو قبرص". ويفسًر معنى الزواج المدني قائلاً" هو زواجًا يجرى قانونيًا لا دينيا حسب قانون فصل الدين عن الدولة، تكون الدولة وقوانينها وأحكامها هي الفاصل في ذلك الزواج بدلا من أحكام الشرع أو الدين". مشيرًا إلى أنّ الأديان لا ترحب بالزواج المدني، قائلاً "حيث لا يحتاج الزواج المدني سوى قبول الطرفين. وفي الديانة المسيحية، الزواج يجب أن يتم بمباركة رجال الدين المسيحي وهو رابط أبدي". ويوضًح الحقوقي الدنبوقي الفرق بين الزواج المدني والزواج الإسلامي قائلاً، "لا يسمح الزواج المدني بتزويج شخص متزوج، أما الدين الإسلامي فيسمح بأربع زوجات. كم أنّ الزواج المدني يسمح بين الزوجين بالإنفاق، أما في الزواج الإسلامي تكون النفقة على الزوج". وأردَف" كما أن الزواج المدني يعطي حق الطلاق للزوجين معًا أما الزواج الإسلامي فيجعل الطلاق في يد الرجل والزوجة حق طلب الفرقة بالخلع أو التطليق". يبدو أن الزواج المدني في مصر مازال في أضيق الحدود، وهو ما أكده الدنبوقي مفسًرا "الدستور المصري لا يعترف بالزواج المدني حيث نصت المادة الثانية من الدستور على أن الإسلام دين الدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". وبالتالي هو لا يعترف بتلك الزيجات ولا يكسبها أية حقوق، خاصة أنه يرفض زواج المسيحي من المسلمة هو ما يخالف نص المادة 53 من الدستور ويعد تمييزاً لا مبرر له، على حد قوله. *ينشر بموجب اتفاقية شراكة مع DW عربية