تسببت الأمطار العاصفية والرياح القوية، التي تشهدها مدينة آسفي، في انهيار جزء آخر من المعلمة التاريخية "قصر البحر" الموجود بوسط المدينة. مَصادر حقوقية من المدينة قالت لجريدة هسبريس الإلكترونية إنّ غياب الترميم وإصلاح هذه المعلمة البرتغالية كانا من أسباب انهيار جزء جديد من الجزء الغربي للمعلمة التاريخية، مضيفة أن وزارة الثقافة لم تقم بأي إجراء حيال الأمر، بعد انهيار جزء آخر في مارس الماضي، إضافة إلى انهيارات أخرى وقعت في تواريخ مختلفة. وفي تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أوضح أبو القاسم الشبري، مدير مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي، أنّ انهيار هذا الجزء سبقه انهيار آخر في شهر مارس، بفعل تساقط الأحجار، موضحاً أنّ أهم أسباب تآكل هذه المنشأة العمرانية يكمن في تطاير الماء عليها حين يكون محيط البحر في حالة هيجان. وأضاف أنّ "مياه المحيط الأطلسي دخلت تحت القصر ووصلت إلى شوارع مدينة آسفي، التي أصبحت هي الأخرى مهددة بالانهيار، بالإضافة إلى الارتجاجات الهوجاء التي يحدثها قطار البضائع". وأشار الشبري إلى أنّ "التهديدات المحدقة ب"قصر البحر" ترتبط أساسا بالوضعية الجيولوجية الهشة للجرف البحري، الذي يتعرض لتعرية حادة تتسبب في تآكله بفعل تفاعلات ميكانيكية وكيميائية، مما أدى إلى ظهور تشققات عمودية بالصخرة". وأوضح أن تشكل تجاويف ومغارات تهدد "قصر البحر" وباقي البنيات التحتية المقامة على صخرة الجرف". وأكد مدير المركز أنّ ترميم "قصر البحر" مجرد حلول ترقيعية لهدر المال العام، مبرزاً أن "الحل الوحيد هو استبدال الميناء بآخر ترفيهي قبالة "قصر البحر"، مما سيمكن من تحييد أمواج البحر العاتية والناسفة، ويزيد من جمالية المدينة، ويدر عليها أموالا طائلة بفعل أنشطته الرياضية والترفيهية، الوطنية والعالمية". وأضاف أنّ المسؤولية لا تتحملها وزارة الثقافة، وأن الدولة أيضا تتحمل مسؤولية إتلاف هذه المعلمة، التي قد تهوي في أي لحظة، موجهاً نداء إلى المسؤولين المغاربة بالعمل على تصنيف "قصر البحر" تراثا عالمياً. وكان "قصر البحر" أول موقع احتله البرتغال لدى دخولهم مدينة آسفي، حيث استخدموه، بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي المتصل مباشرة بالبحر، كمكان لإقامة الجنود وتخزين الأسلحة والبضائع، فيما اضطلعت أبراجه بوظيفة المراقبة العسكرية. واكتمل بناء "قصر البحر" عام 1523، وقد تطلب إنجازه أكثر من ثماني سنوات من العمل. وتبلغ مساحته نحو 3900م، ويعلوه برج واحد للمراقبة، ويسمى هذا الموقع التاريخي باسم "القلعة البرتغالية"، نسبة إلى الغزاة البرتغاليين الذين دشنوه عام 1508 بمدينة آسفي عقب احتلالها، إبان القرن السادس عشر، باعتباره حصنا عسكريا.