تعيش كيبيك هذه الأيام التي تسبق إحياء الذكرى الأولى للحادث المأساوي الذي عاشه مسجدها الكبير نقاشا حول كيفية تخليد هذه الذكرى الأليمة التي عاشها مئات الآلاف من أبناء الجالية المسلمة بكندا، ومعهم الملايين من الكنديين الذي رفضوا ما وقع ونددوا به واستنكروه. هناك من ينادي بضرورة اعتبار يوم 29 يناير من كل سنة يوما وطنيا ضد الإسلاموفوبيا؛ في حين أن هناك من يطالب بضرورة وضع قانون يحمي المسلمين من الإسلاموفوبيا ومن جرائم الكراهية، وهناك رأى آخر يأخذ بوجوب الاستثمار في التوعية عبر مناهج التعليم المنسجمة مع اختلاف الهويات بكبيك، وبضرورة التعايش بين كل أبنائها كيفما كانت معتقداتهم أو أصولهم. بلدية كيبيك، ومعها المركز الإسلامي الكندي، قررت تخليد هذه الذكرى على امتداد أربعة أيام، تنظم فيها ندوات ولقاءات وصلوات، الهدف منها استخلاص العبرة مما وقع وتفادي وقوعه مرة أخرى. لكن بالموازاة مع هذا طفا على السطح موضوع الإسلاموفوبيا، وصاحبه نقاش حول كيفية التعامل مع هذه الظاهرة المرفوضة من الجميع. هسبريس سألت عددا من الأساتذة المهتمين بالموضوع المقيمين بكيبيك؛ إذ اعتبر أستاذ مقارنة الأديان الدكتور يوسف بن الغياثية في تصريحات لهسبريس أن "الإسلاموفوبيا مرض اجتماعي نفسي ويتصل أيضا بالأفراد". وزاد: "الجدل القائم اليوم في كيبيك أو كندا هو بمناسبة ذكرى سقوط عدد من المسلمين بمسجد العاصمة، وهو جدل قوي وحامي الوطيس، والإشكال المطروح هو هل نقيم يوما وطنيا ضد الإسلاموفوبيا على غرار ما يقام سواء على المستوى العالمي أو على صعيد بعض الدول لمكافحة معاداة السامية؟..الأمر يحتاج إلى روية وإلى تفكير"، ويضيف: "لكن هذا النقاش دليل على حيوية المجتمع في كيبيك". وأردف بن الغياثية: "قد نقيم يوما وطنيا على سبيل الذكرى، لكن يجب وضع مقررات دراسية منسجمة تستطيع أن تستوعب هويات مختلفة، لأن المهاجر اختار أن يهاجر إلى هذه الأرض لتكون أرضه. يجب التركيز على التعليم، خصوصا في ما يتعلق بالمواطنة، وبدونه لا يمكننا أن ننجح في القضاء لا على معاداة السامية ولا على الإسلاموفوبيا، ولا على أي نوع من السلوكات العنصرية" . وبالنسبة لسامر مجذوب، رئيس المنتدى الإسلامي الكندي، فهو يعتبر أن "الدعوة إلى يوم وطني ضد الإسلاموفوبيا يجب أن ننظر إليها من زاوية خاصة، فالقصد من ورائه ليس فقط محاربة الإسلاموفوبيا، بل حتى محاربة معاداة السامية ومحاربة أي نوع من التمييز أو العنصرية المبنية على العرق أو اللون أو الأصول والقناعات أو الجنس". ويضيف المتحدث أن "إثارة موضوع الإسلاموفوبيا، القصد الأساسي منه هو التوعية بمخاطرها"، وحسبه فالمنتدى اشتغل لسنوات على هذا الموضوع، وقدم عريضة لإدانة الإسلاموفوبيا تبناها البرلمان الفدرالي, ويؤكد رئيس المنتدى الإسلامي الكندي أن “الإسلاموفوبيا ظاهرة قاتلة"، وزاد: "كلنا نتذكر ما وقع في كيبيك، وكثيرا من الأحداث التي تقع للنساء بسبب لباسهن ومظهرهن الإسلامي. والغرض من هذه الذكرى هو التوعية وتحسيس الناس بهذا الموضوع المرفوض". ولفت سامر إلى أن "كل هذا لا يعني أن هذه الظاهرة تخص كل المجتمع، بل على العكس تماما، فالأكثرية في كيبيكوكندا ترفض نهائيا أي نوع من التمييز، وتتميز بشكل كبير بالتضامن والوحدة ضد كل أنواع العنصرية والكراهية" . عبد العزيز أرزيق، رئيس الجمعية الإسلامية لشمال مونتريال، يعتبر أن "فكرة ذكرى ضد الإسلاموفوبيا هي فكرة حسنة"، موردا: "لازلنا نتذكر ذلك اليوم بكثير من الألم.. يبقي الموضوع مرتبطا بالجانب السياسي". ويتابع أرزيق: "لقد سبق وطرحنا الموضوع مع رئيس الوزراء الكندي في لقاء مع الجمعية بخصوص ضرورة وجود قانون يحارب الإسلاموفوبيا"، ويضيف: "ورغم أن هذه الظاهرة موجودة في كيبيك، إلا أنه لا يجب أن نعمم، ولا يجب أن نعتبر أن الكيبيكين يعانون من الإسلاموفوبيا. ويسترسل "لكن يجب أن يكون هناك قانون يحمي المسلمين بكيبيك، ففرديرك كاسطيل، الخبير في الديانات، يقول إنه يكفي الاطلاع على ما يروج في الإنترنت لمعرفة أن الأمر سيء بالنسبة للجالية المسلمة، وحتى إحصائيات يونيو 2017 تؤكد أنه خلال سنة 2015 بلغت نسبة جرائم الكراهية التي تمس المسلمين 61 في المائة. إذن من الضروري أن تهتم الجالية بهذا الموضوع، لأن غياب المسلمين في الطاولة السياسية له يد في هذا الأمر".