في السنوات الخمس الأخيرة بدأت بعض الكتابات تطفو على السطح، يدعي أصحابها بأنهم قد تنصروا واعتنقوا المسيحية عن قناعة وإيمان، وتخلوا عن الإسلام دين آبائهم وأجدادهم لأنهم لم يجدوا فيه الأجوبة الشافية والكافية عن الأسئلة التي كانت تؤرقهم، وبعد كل مقال لهم إلا ورأيت القراء يسألونهم سؤالا يبدو معجزا ومحرجا وهو: كيف اقتنعتم بالمسيحية؟ أو بعبارة أخرى: ما الذي أعجبكم في المسيحية واستهواكم حتى اعتنقتموها وشعرتم بعدها بالسكينة والخلاص والطمأنينة التي لم تجدونها في الإسلام؟ إن استغراب العديد من القراء يتأسس على يقينهم بأن المسيحية بضاعة مزجاة لم يستطع حتى أكبر قساوسة العالم الدفاع عنها. ودليلهم على ذلك هو أن المنصرين ظلوا يمارسون جميع الأساليب غير القانونية لنشر دينهم، أي لا يجرؤون أبدا على إلقاء محاضرة أو حضور ندوة يحضرها المسلمون، ولهذا فهم يدسون رؤوسهم في الرمال، ويستغلون عاهات المرضى والعوز والفقر والبطالة مقابل إغراءات مالية كبيرة يسيل لها لعاب هؤلاء المتنكرين لدينهم الأصلي، أو يشترون ولاء بعض المثقفين الملاحدة واكتراء ألسنتهم وأقلامهم حتى يلعبوا أدوارا من أجل تحقيق ما عجزت حملاتهم التبشيرية في تحقيقه. منذ أقدم الحوارات التي جرت بين المسلمين والمسيحيين في القرون الأولى، مرورا بحوار الشيخ رحمة الله الهندي مع القس الانجليزي فندر، إلى الحوارات التي كان يجريها الشيح أحمد ديدات، وانتهاء بالندوات المليونية التي يعقدها الشيخ ذاكر نايك والتي يحضرها الآلاف من الأطر المسيحية من قساوسة ودكاترة ومهندسين، فلا زال التحدي في مواجهة المسلمين مخيفا مرعبا لا يقدر عليه أكبر القساوسة إلماما بالعهد القديم والعهد الجديد، فكيف بشباب مغربي أغرار يدعون أنهم قد اعتنقوا المسيحية عن قناعة وعقلانية؟ يشدد كل من ياسر وحياة ووفاء، وهي أسماء مستعارة لثلاثة شبان مغاربة (مسيحيين)، على أن كل واحد منهم اعتنق المسيحية عن اقتناع ورأى فيها دين الحب والتسامح والسلم وأنهم يؤمنون بالسيادة المطلقة لله ويؤمنون بالكتاب المقدس. هكذا بدأت إحدى الجرائد الالكترونية المغربية حديثها عن هؤلاء الشباب الذين قامت باستجوابهم، ومن خلال المعاني الواردة في كلامهم هذا يحق لنا أن نسأل: هل يمكن أن تكون مسيحيا وأنت تؤمن بأن السيادة المطلقة لله وفي نفس الوقت تؤمن بالكتاب المقدس؟ وهل كونك مسيحيا تقرأ الإنجيل تؤمن بأن المسيحية دين حب وسلم وتسامح؟ في البداية لابد أن نقف قبل الشروع في تبيان أن هؤلاء لا علاقة لهم بالمسيحية انطلاقا من الكتاب المقدس نفسه الذي يؤمنون به، إذ أن من أكبر المغالطات التي يقع فيها بعض الناس، ومنهم هؤلاء الشباب، هي اعتقادهم أن المسيحيين يعملون جادين حتى يحولوا المسلمين من الإسلام إلى المسيحية. لأن في رأيهم إدخال المسلم إلى المسيحية هو شرف له، وأن المسلم ليس أهلا ليحضى بهذا الشرف. وكما قال المستشرق الألماني الشهير كولد زيهر والذي قضى أزيد من أربعين سنة في الإمارات العربية المتحدة وهو يعد الأفواج تلو الأفواج من البعثات التنصيرية ويقوم بتوزيعها في كل أنحاء العالم الذي يتواجد فيه مسلمون: "لا تظنوا أن المسلم يمكن أن يتحول من الإسلام إلى النصرانية، ولذا دوركم هو فقط إبعاده عن الإسلام وليكن بوديا أو وثنيا أو أي شيء آخر غير الإسلام " إذا، فهل فعلا هؤلاء الشباب اعتنقوا المسيحية عن اقتناع، كما يقولون؟ ولعل لكي تتضح الصورة أكثر لابد من الإجابة عن سؤال لازال العديد من الناس يطرحه، بما فيهم حتى النخبة المثقفة، وهو لماذا المسلمون يقومون بالدعوة إلى الإسلام في بلاد الغرب في حين لا تسمح الدول العربية المسلمة بالتنصير وتعمل فورا، بعد ضبطه، إما على محاكمة القائمين به أو إجلائهم من الوطن فورا؟ فهل في هذا ظلم وجور وعدم عدل؟ أم هو ممارسة لحلال علي حرام عليهم؟ إن الجواب عن هذا السؤال هو أبسط مما يتصور وهو جواب يبين لنا حقيقة تنصير هؤلاء الشباب، كما يبين حقيقة المسيحية نفسها ولماذا لا تقوى النصرانية على الانتشار كما هو الشأن بالنسبة للإسلام؟ إن المسلمين في الغرب يعملون على نشر الدعوة الإسلامية علانية ومن خلال التعامل المباشر مع الناس ومن خلال مؤسسات وجمعيات، ويعقدون المحاضرات والندوات ويدخلون في مناظرات وغيرها من العديد من الأنشطة القانونية لأن الإسلام لم يخفي وجهه في يوم من الأيام، وهو يواجه ويحاور ويناقش على مرأى من الأشهاد، لكن المسيحية بضاعة مزجاة لا يستطيع أصحابها ولا يقووا حتى على الدفاع عنها لسهولة كشف زيفها وتناقضاتها الصارخة فضلا عن تضارب مائات الآلاف من الأناجيل التي لا يشبه بعضها بعضا، كما أن ما بقي فيها من وحي حقيقي إلاهي يشهد بوحدانية الله و بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم سواء تعلق الأمر بالعهد الجديد أو العهد القديم، ولهذا يلجأ المنصرون في الدول العربية المسلمة إلى التخفي والعمل سرا من خلال استغلال فقر الفقراء ومرض المعوزين والبطاليين الناقمين على حكوماتهم ودولهم، فيتم إغراؤهم بالمال والوعود والشفاء والعناية الصحية من أجل التخلي عن الإسلام وهو أمر غير قانوني بل وحتى غير أخلاقي بل هو تصرف جبان مشين لا يليق بأديان سماوية من المفروض أنها تستمد الوحي والحكمة من الله رب العباد. فالمنصر لا يستطيع عقد محاضرة في بلاد المسلمين يتحدث فيها عن الإسلام ذما أو المسيحية تبشيرا لعلمه المسبق بفشله في مهمته ولعله كذلك لخوفه من أن يتحول إلى الإسلام وبالتالي لا داعي للمغامرة. وكثير من الذين غرر بهم، مثل هؤلاء الشباب، دفعهم الفقر إلى اعتناق المسيحية تظاهرا وزعما من أجل الحصول على مال أو عمل بأوربا،(1) كانوا عندما يعودون ليلا إلى منازلهم يصلون ويبكون ويستغفرون الله على ما اقترفوه اضطرارا، وفي صلواتهم تراهم يشرحون لله تعالى وهو أعلم بهم من أن ظروفهم والفقر والعوز هو من اضطرهم لهذا الفعل المشين عسى أن يغفر لهم ويتجاوز عن ذنبهم وأنهم يؤمنون به ربا واحدا لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله. إذن، لا داعي للمبالغة وإخبار المغاربة بأن أزيد من 20 ألف مغربي قد تنصر وهم يعيشون بيننا في بلادنا في بيوت حولوها إلى كنائس، وأن هؤلاء الشباب كانت لهم أسئلة تؤرقهم ولم يجدوا لها جوابا في الإسلام، من يستطيع أن يصدق هذا؟؟؟ فمتى كان الإسلام عاجزا عن إعطاء إجابات؟ الإسلام لم يعجز في محاوراته لأكبر فلاسفة الأرض ولأكبر الفرق الكلامية العقلانية في الوجود كالمعتزلة، فماذا تشكل أسئلة هؤلاء الشباب مع الأسئلة التي كان يتلقاها الإمام أبوحنيفة أثناء مناظراته أو الإمام الباقلاني وهو يحاور خصومه؟ أين هي من أسئلة القس الهندي فندر المدعم من طرف الاستعمار الانجليزي عندما ناظر العلامة رحمة الله الهندي في مناظرة سميت مناظرة القرن، (2) فانهزم شر هزيمة حتى فر وصار يغادر الدولة تلو الأخرى كلما علم بحلول رحمة الله الهندي بها. وأين هي أسئلتهم من أسئلة جيمي سواغارت وروبرت دوغلاس وإيريك بوك وستالين شوبرج لأحمد ديدات وأين هم من أسئلة أنيس شوروش مع الدكتور كمال بدوي ومناظرة مهدي حسن مع أعتى العلمانيين في الغرب بجماعة اكسفرود؟ وأين هي من الأسئلة الأكثر حرجا التي يتلقاها يوميا الدكتور نايك داكر في مختلف المجالات ومختلف الديانات ومن داخل كل الكتب السماوية والوضعية التي لها علاقة بالدين؟ ألا توجد مجالس علمية في كل مدينة مغربية؟ ألا يوجد مسجد في كل حي؟ ألا يوجد ببلدنا أكبر عدد من العلماء لا يوجد مثله في أي بلد عربي؟ (3) أما أن يعتبروا حجتهم في عدم التوصل إلى أجوبة هو سؤالهم لأساتذة التربية الإسلامية فالأمر مضحك لأنهم يعلمون أن جل أساتذة التربية الإسلامية إنما يعتبرونها مهنة تفرض عليهم الالتزام بمقرر وزاري خاص محدود المواد وسطحي من حيث الكم والعمق المعرفي، أو أنهم لا علاقة لهم بالعلوم الشرعية والفهم العميق للدين، إلا من شذ على ذلك. ثم لماذا لم يتحدثوا عن كيفية اقتناعهم بالمسيحية، لحد الآن لازلنا ننتظر أن يوضحوا للناس ماهية وكنه وجوهر وكمون هذا الشيء الذي كان مقنعا لهم حتى اعتنقوا المسيحية. أنا أجزم أنه غير موجود، والدليل أن جميع المنصرين لا يستطيعون مواجهة المسلمين بحوار ونقاش لعلمهم أن بضاعتهم مزجاة وأن فكرهم غير سديد وأن الدين الذي عبث فيه بولس(4) يفتقد للحجة، بل الحجة الوحيدة التي في الأناجيل هي في ما تبقى فيها من وحي إلاهي يدل على الله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد كما يدل على نبوءة عيسى عليه السلام وأنه ليس لا إلاها ولا ابن إلاه بل عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم. أما عن قول أحدهم بأنه اقتنع بالمسيحية لأنها دين سلم وسلام وتسامح. فعن أي تسامح يتحدث هؤلاء؟ لا أعتقد أنهم يجهلون تاريخ المسيحية، ولا أعتقد أنهم لا يعرفون شيئا عما قامت به المسيحية في استراليا وذلك بقتلها لأكثر من عشرين مليون استرالي باسم المسيح (5). كما لا أظن أنهم يجهلون ماذا فعل الرجل الأبيض الأمريكي المسيحي الذي بنى حضارته على أشلاء ودماء وإبادة الهنود الحمر، وراح يتفنن بأفلامه في تصوير الهنود على أساس أنهم همج رعاع وقطاع طرق، كمحاولة لدفن الجريمة البشعة التي تعد أبشع جرائم التاريخ، راح ضحيتها أزيد من 112 مليون إنسان ينتمون إلى أكثر من 400 أمة وشعب تم القضاء عليهم بأفظع عمليات الإبادة في تاريخ البشرية خلال 150 عاما من الزمان،(6) حتى تناقص عددهم في حدود ربع المليون حسب إحصاء سنة 1990. إن جرائم الغرب المسيحي منذ الحروب الصليبية إلى اليوم لا تحتاج لأحد ليحبك المؤامرات من أجل تشويهه لأن جرائمه لا يمكن إخفاؤها ولازال أبناؤه أنفسهم يخرجون علينا، من حين لحين، في الصحف والإذاعات بالتصريحات وتأليف الكتب يشهدون على حضارتهم بأنها حضارة قائمة على مص الدماء وقتل الأبرياء وتأليف مسرحيات ذريعة للسطو على الخيرات وآبار النفط وسبائك الذهب، كذريعة أسلحة الدمار الشامل السخيفة التي راح ضحيتها حسب ما صرح به الجنرال الأمريكي تومي فرانكس 30000 ألفا من المقاتلين العراقيين وأزيد من 9000 قتيلا مدنيا، وإذا كانت هذه الأرقام هي فقط ما تم التصريح به فمعنى هذا أن ما خفي أعظم. ولا نحتاج إلى التذكير بالقنبلتين الذريتين اللتين ألقيتا في هيروشيما ونجازاكي ولا القنبلة النووية التي جربتها فرنسا في صحراء الجزائر والتي لا تزال آثارها الصحية والبيئية السلبية لحد الآن. ولا أسلحتها الكيماوية التي قتلت المغاربة في الريف، ولا نحتاج للتذكير بما فعل هذا الغرب الهمجي في أفغانستان والبوسنة والهرسك وما فعله ويفعله في فلسطين وفي غزة تحديدا وما يفعله بمسلمي بورما حيث يحرق المسلمون أحياء وتجمع أجسادهم المفحمة أكواما من أجل التقاط الصور والذكريات، وما يفعله الآن في سوريا من إبادات جماعية وتشريد لشعب بأكمله، ولا تجد له استنكارا ولا ذكرا في منظمات حقوق الإنسان والحيوان الغربية. إن جرائم الغرب الصليبي، هو الذي صنع أبشع جماعة إرهابية وهي داعش في بلاد الشام والعراق، هذا العراق الذي دكت أمريكا حضارته وشنقت رئيسه، وقتلت بدم بارد أبناءه، واستولت على خيراته وكنوزه، وأحرقت جميع الوزارات إلا وزارة البترول. هذا العراق المنكوب المستعمر عندما دخله بوش اللعين قال على الملأ « لقد دخلت العراق باسم الرب » فكلمة باسم الرب لها أكثر من دلالة، أهمها أن في الاعتقاد المسيحي، المجرم مهما أجرم فبمجرد أن يقف أمام القس في الكنيسة ويعترف بجرائمه ( confession ) ستغفر كل خطاياه، والرئيس الأمريكي بوش لن يحتاج إلى جلسة الاعتراف هذه، لأنه في جهاد مقدس، وسيثاب عليه لأنه دخل العراق باسم يسوع المسيح. وبما أن هذا الغرب المتوحش لا يخفي أنه متدين، وأنه يدعو إلى تسامح الأديان لدغدغة المشاعر، واستغفال الحمقى من المسلمين، مثل هؤلاء الشباب المغرر بهم والمرتزقة في أغلب الحالات، وكيف نصدق دعوته للحوار ودعوته للتسامح، وهو يوميا يتهم الإسلام بأنه انتشر بحد السيف، وأنه دين إرهاب وتطرف وإكراه. وإذا كان هؤلاء الشباب المغاربة المسلمون قد تخلوا عن دينهم الإسلام واعتنقوا المسيحية لأنها دين تسامح وحب وسلام، فبمفهوم المخالفة يصير الإسلام في نظرهم دين عنف وقتل وإرهاب. فلنر إذن كم ذكر السيف في القرآن الكريم ولا شك أن قيمة السيف في القرآن ستكون كبيرة بما أنه الآلة التي لعبت دورا في قطع الرؤوس ونشر الإسلام بحده، وأنه السلاح الذي فتك بالأبرياء وسفك دماء الأطفال والشيوخ، ولكن الخيبة ستطال كل من ينتظر رقما معينا، لأن السيف لا ذكر له في القرآن الكريم ولا وجود له على الإطلاق، فكيف يعقل أن دينا انتشر بآلة أساسية ومهمة كل هذه الأهمية ولم تذكر في كتابه. ولكن هنا لابد أن نوجه الكلام لهؤلاء الشباب ذوي الحاجة الذين باعوا دينهم بتمثيلية رخيصة تمثيلية أنهم تنصروا واعتنقوا المسيحية عن قناعة. وأقول لهم: هل تساءلتم يوما عن السيف كم ذكر من مرة في الكتاب المقدس الذي تزعمون أنكم تؤمنون به وتجلونه وتقدسونه؟ اسمعوا هذا الرقم المخيف إذن: إن السيف في الكتاب المقدس قد ذكر أكثر من 1200 مرة بأشكال مختلفة من العنف كسفك الدماء وقطع الرؤوس وحرق الأطفال والنساء والشيوخ، وشق البطون، ولنعطي أمثلة على ذلك وأنا على يقين أنكم لم تقرؤوا الإنجيل من قبل، ولا أريد أن لا أستفزكم وأقول لكم أنني أنا المسلم الذي لا يبيع دينه بكل كنوز الأرض قد قرأته مرات عديدة ولي في بيتي منه خمس نسخ: إنجيل متى الإصحاح 34 الآية 10: ( لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض، ما جئت لألقي سلاما بل سيفا) إنجيل لوقا، الإصحاح 27، الآية 19: ( أما أعدائي أولائك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي) حزقيال: الإصحاح 7 الآية 9 (وقال لهم نجسوا البيت واملؤوا الدور قتلى، اخرجوا، فخرجوا وقتلوا في المدينة) صاموئيل: الإصحاح 3 الآية 15: ( فالآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة، طفلا ورضيعا، بقرا وغنما، جملا وحمارا) حزقيال: الإصحاح 6 الآية 9: ( الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء اقتلوا للهلاك، ولا تقربوا إنسانا عليه السمة، فابتدئوا بالرجال الشيوخ الذين أمام البيت) وفي الإصحاح 10 الآية 31: ( وأحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار) يشوع: الإصحاح 21 الآية: ( وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف) أشعياء: الإصحاح 16 الآية 13: ( وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساءهم) يشوع: الإصحاح 31 الآية 13: (تجازي السامرة لأنها قد تمردت على إلاهها، بالسيف يسقطون، تحطم أطفالهم والحوامل تشق) هذا غيض من فيض، و مجرد أمثلة على السلم والحب والتسامح الذي كان سببا في اعتناق هؤلاء الشباب المغربي للمسيحية السمحة، ألم أقل لكم أن لا أحد من المسلمين يدخل في دين المسيحية المزيفة، بل هو الفقر والحاجة، أما الحديث عن الاقتناع فهو ضرب من الجنون العقلي لأن كتابا يتحدث عن معركة بين الرب وعبده وانتصار هذا العبد النبي على إلاهه وربه وخالقه لهو الجنون بعينه، فمن أين جاء الاقتناع إذن إن لم يكن التغرير بالمال والمنصب ورشاوي من أجل الخروج عن الإسلام فحسب، مع وجود أرضية تَدَين هشة مريضة منكوبة مشحونة بالماركسية والإلحاد كما كان حال بعض من هؤلاء الشباب. إن المسيحية لا يهمها أن يعبد هؤلاء الشباب البشر أو الحجر أو القمر أو حتى بول أو روث البقر بعد ذلك. إن من سمات الحب والتسامح تلك الأوامر الوحشية للكتاب المقدس والتي لا ترحم أحدا حتى الأطفال والنساء والشيوخ والبغال والحمير والغنم والبقر، وقد نجحت الكنيسة إعلاميا في إخفاء هذه الجرائم وهذه النصوص الشيطانية الإرهابية وادعت أنها دين المحبة والسلم ولا أقول أنها خدعت هؤلاء الشباب لأنهم يعرفون أن لا وجود للتسامح ولا للحب ولا للسلم في دين أصحابه قتلوا الأنبياء والرسل. وربما من خلال هذه النصوص وغيرها كثير، نعلم سبب كل الجرائم التي ذكرت آنفا، ونعلم مغزى أن يقول بوش بأنه دخل العراق باسم الرب، أي رب بوش الذي يأمر بالقتل والحرق وشق بطون الحوامل. فهل يوجد في الإسلام، الذي تخلى عنه هؤلاء الشباب، مثل هذا، فهل يأمر الإسلام بقتل الأطفال والشيوخ والنساء؟ وهل يقتل الإسلام الأسرى؟ ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في موقف القوي الذي باستطاعته أن يفعل في أعدائه ما يشاء، ولكنه قال لهم: " اذهبوا فأنتم الطلقاء " وقال: " لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد الله" وقال: (رب اغفر لقومي فإن قومي لا يعلمون) ألم يجعل الإسلام إحياء النفس يعادل إحياء البشرية كلها؟ ألم يقل عليه الصلاة والسلام: " من عادى ذميا كنت خصيمه يوم القيامة "؟ والذمي هو النصراني أو اليهودي الذي يعيش في كنف الإسلام. فاحترامه جزء من عقيدتنا نؤجر عليه، وأي اعتداء عليه أو سوء معاملته تعتبر من أخطر الذنوب والمعاصي لكونها تتسبب في خصومة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا يوم القيامة. وختاما أقول: ما الهدف من إعطاء أرقام مغلوطة توحي بأن الإسلام في المغرب هش وعاجز عن حماية أبنائه، وكأن هذه البلاد انقرض فيها العلماء والمرشدون ولا مساجد فيها ولا مجالس علمية ولا وعاظ ولا باحثون، وهي الأرض التي تغلغل فيها الإسلام بالعلم منذ القرن الثاني الهجري، وأن العلماء عبر التاريخ وهم يشكلون أدرع الحماية للوطن والمواطنين من أن تنالهم أيادي الغدر والإغراء والتنصير. الهوامش: 1-في أبريل من سنة 2017 ظهر عدد من المغاربة الذين يدعون أنهم اعتنقوا المسيحية للعلن تحت مسمى "تنسيقية المغاربة المسيحيين" وتقدموا بطلب للمجلس الوطني لحقوق الإنسان من أجل ممارسة طقوسهم علنا تماما كما يفعل اليهود والمسلمون والمسيحيون الأجانب. 2- المناظرة كلها بتفاصيلها موجودة في كتاب "إظهار الحق" لرحمة الله الهندي، في أربعة أجزاء. مطبعة دار الحديث القاهرة. 3- يتجاوز عدد علماء المغرب الآلاف، إلا أنهم مغمورون نظرا لعدم فتح المجال لهم للظهور عبر القنوات الرسمية، في الوقت الذي نجد فيه المشرق العربي لا يكاد يتجاوز عدد علمائه أصابع اليد، ولا يرقون إلى مستوى علماء المغرب من حيث العلم والمعرفة، ولكن وجود قنوات كثيرة تفتح المجال لهم للظهور جعلهم قبلة للأسئلة والفتاوي حتى من طرف المغاربة، وهذا أحد أهم العوامل التي ساعدت في انتشار مفاهيم غريبة عن الإسلام في صفوف المغاربة. 4- يهودي الأصل أبا وأما، كان شديد التعصب لدينه، درس الفلسفة على يد أشهر معلميها في عصره، كان حاقدا على النصرانية ومعاديا لها، كان سارقا ولصا يسطو على المعابد والكنائس، وفجأة يروي قصة لم يرويها إلا هو، ومفاد هذه القصة أن الرب يسوع ظهر له وهو في طريقه لدمشق وعاتبه على معاداته له ولأتباعه، وأمره بأن يكون رسولا إلى الناس يحدثهم بلسان المسيح عليه السلام، وبما أن الحواريين كانوا مضطهدين واليهود مسيطرون، أخذ بولس يتحدث بما يحلو له يؤلف القصص من صنع خياله ومما سمعه، ولم يكن في يوم من الأيام تلميذا للمسيح عليه السلام. وتقول العديد من المراجع المسيحية أنه هو من حول من يسوع ربا وإلاها ليأخذ هو دور الرسول، والمسيحيون إلى اليوم يسمونه (بولس الرسول). 5- كتب البروفسور كالين مدير مركز دراسات الإبادة المقارنة بجامعة ماكواري في سيدني أول كتاب سماه "الإبادة في أستراليا" بعد أن طالع تاريخ إبادة السكان المحليين في جزر مضيق توروس، وقام الكاتب الأسترالي " كليف نيل " بتأليف كتاب يتحدث عن الطريقة التي تمت فيها إبادة الشعب الأسترالي بطريقة وحشية، وكان الكتاب يحمل عنوان " حرب قذرة "، ويتحدث في هذا الكتاب شاهد عيان عن الإبادة التي حدثت بحق الأستراليين والتي قام بها. ويذكر الحقوقي روبرت مانلي ليون وهو من أول مدافعي حقوق المحليين الأستراليين أن جنود إنجليز كانوا يرون أن قتل المحليين مثل صيد كنغر وكانوا يعدونه رياضة مريحة؛ وأن تقارير عدة تؤكد قتل المدنيين من أجل التنزة والتسلية. 6- انظر كتاب " أمريكا والإبادات الجماعية" للكاتب اللبناني منير العكش، وانظر مقالنا بعنوان: أمريكا وأبشع جرائم الإبادة في تاريخ البشرية- إبادة الهنود الحمر نموذجا- نشر بجريدة العمق المغربي يوم 23/08/ 2016.