منذ سنوات، أُحدثت قاعة مغطاة وسط مدينة بيوكرى التابعة للنفوذ الترابي لإقليم اشتوكة آيت باها، من أجل تعزيز البنيات الرياضية بالمدينة، وتوفير ظروف مواتية للممارسة الرياضية لمختلف شرائح المجتمع المحلي؛ وذلك بشراكة ما بين الجماعة الترابية لبيوكرى ووزارة الشباب والرياضة ومجلس جهة سوس ماسة والمجلس الإقليمي لاشتوكة والمديرية العامة للجماعات المحلية. وقد وضعت الأطراف المعنية باتفاقية شراكة وُقّعت بين الأطراف المعنية بهذا المشروع الضخم عدة آليات في اتجاه حسن سير هذا المرفق الرياضي، وتجويد خدماته لفائدة المستفيدين. ومن الآليات المفعّلة تنزيلا لأهداف هذا المشروع التزام جماعة بيوكرى بتوفير الحراسة والنظافة، وصيانة المنشأة والمحافظة على تجهيزها، فضلا عن تحمّل ربطها بشبكة الماء والكهرباء ونفقات استهلاكهما، فيما التزمت مديرية الشباب والرياضة باشتوكة بتعيين مدير للقاعة والأطر الرياضية التقنية، وتخصيص التجهيزات الرياضية وصيانتها. أما الجمعية المسيّرة للقاعة، فأوكلت إليها الاتفاقية المبرمة وضع برنامج استغلال القاعة والسهر على تطبيقه واستخلاص المداخيل الناجمة عنه، والبحث عن الموارد المالية الكفيلة بصيانة وتجهيز القاعة. وفي سياق الأهداف الرامية إلى حسن استغلال هذه المنشأة الرياضية الوحيدة في إقليم اشتوكة آيت باها، أُحدث مجلس للتدبير، يتكون من رئيس الجماعة والمدير الإقليمي لقطاع الشباب والرياضة ورئيس اللجنة المكلفة بالتنمية البشرية والشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية والسلطة المحلية ورئيس الجمعية المسيرة للقاعة وعضوين منتدبين من المجلس الجماعي. وقد أوكلت إلى المجلس المذكور مهمة المراقبة والإشراف على تطبيق بنود الاتفاقية، واقتراح التعديلات الضرورية لأجل ضمان عمل القاعة؛ لكن طرق تسيير هذه المعلمة الرياضية والخدمات المقدمة من لدن مسيريها للفئات المعنية أضحت مثار انتقادات عدة أطراف من داخل مجلس التدبير. فاتح الأنواري، عضو مجلس تدبير القاعة المغطاة المذكورة، أورد، في تصريح لهسبريس، أن مداخيل القاعة كانت تودع في حساب الجمعية المسيّرة، قبل أن يتم إقرار نظام جديد "نظام التدبير المستقل"، من لدن الوزارة الوصية، حيث جرى الشروع في ضخ تلك المداخيل في حساب الوزارة، من غير استشارة مجلس التدبير وموافقته، اعتبارا لكون المنشأة مشتركة بين عدة أطراف، أبرزها المجلس الجماعي؛ وهو ما يُعتبر مخالفة لبنود الاتفاقية وللقانون الأساسي للجمعية". ولفت المتحدث إلى أن "استمرار تحمل مصاريف استهلاك الماء والكهرباء، الذي يكلف البلدية أزيد من 30 ألف درهم شهريا، يُعد ثقلا على ميزانية المجلس، في الوقت الذي تعاظمت فيه مداخيل القاعة". وفي جانب آخر، أورد الأنواري أنه جرى إحداث قاعة موازية مخصصة لرياضة الأيروبيك، لفائدة نساء المنطقة، وخارج الاتفاقية، "وهي تُدر مداخيل مهمة، تستخلص من طرف الجمعية التي يترأسها مدير القاعة، ولا تودع في حساب الجمعية؛ وهو ما يطرح علامات استفهامات كبرى حول التدبير المالي لهذه القاعة. وقد راسلنا عدة جهات، منها المجلس الجهوي للحسابات، حول التسيير الانفرادي الإداري والمالي للقاعة، لكن دون جواب، ونطالب بفتح تحقيق مالي وإداري حول عدد من الخروقات المسجلة". أما عن الفئات المستفيدة من خدمات هذا الصرح الرياضي، فقال فاتح الأنواري إن الغالية العظمى من ساكنة بيوكرى لا تجد إلى القاعة سبيلا، وأرجع ذلك إلى غلاء التعريفة المقررة من لدن الوزارة الوصية؛ وهو "ما يتناقض والشعارات المرفوعة من لدن الدولة في إطار تشجيع الرياضة والشباب على ممارستها، وخلق تنافسية رياضية بين الأقاليم، عبر مجانية الولوج إلى هذه القاعات، وفقا لتصريح الوزير الحالي للقطاع، دون أن يجد آذانا صاغية لدى القيّمين على القطاع باشتوكة آيت باها". وتُعدّ فئة الشباب أكبر المتضررين من السياسة الرياضة المنتهجة من لدن مديرية اشتوكة، حيث قال فاتح الأنواري إن تشجيع هذه الفئة يصطدم بارتفاع التعريفة، والأمر نفسه بالنسبة إلى تنظيم الدوريات داخل القاعة من لدن فرق الأحياء والمناطق المداورة، فضلا عن الإحباط من قيمة الجوائز الممنوحة للفائزين، الذين قبلوا بتلك الشروط المجحفة، كدوري رمضان، الذي كانت ميزانيته مهمة. أما دار الشباب في المدينة، فبقي بناية مهجورة، تقلّ فيه الأنشطة الشبابية، والحال نفسه بالنسبة إلى ملعب 20 غشت وسط المدينة؛ فحالته تدعو إلى الحسرة والأسف، في غياب التجهيزات والبنيات الضرورية، وأهمها العشب، فضلا عن غياب ملاعب القرب بالمدينة، مما يختار معه الشباب الأزقة والأوحال لممارسة رياضاتهم. وخلص المتحدّث إلى كون مصالح الشباب والرياضة باشتوكة "تعمل على امتصاص جيوب بعض الفئات المحظوظة، فيما غالبية المحتاجين لخدماتها من الشباب والأطفال، من الشرائح الهشة، لأجل صقل مواهبهم، وتجنيبهم آفات اجتماعية عديدة، عبر تشجيعهم على ممارسة كل أشكال الرياضة والأنشطة الثقافية وتأطيرهم، فلا يدخل من اهتمام مسؤولي هذه المديرية، الذين يتقنون التعالي ورفض كل الحلول المقترحة من طرف المجلس، وكأن المشكل لا يهمهم في شيء، حيث تعمل مثلا قاعة تزنيت وأكادير بتسيير من جمعيات، في أحسن الظروف، وهو الحل الذي نقترحه، متمثلا في رفع الوزارة يدها عن القاعة، وإسناد مهام تدبير شؤونها للمجلس الجماعي". عبد الحفيظ مرجاني، المدير الإقليمي لوزارة الشباب والرياضة باشتوكة آيت باها، أورد، ضمن تصريح لهسبريس، أن جميع مداخيل القاعة تخضع للمراقبة المالية من لدن أجهزة الدولة المختصة، حيث إن "إحداث نظام التدبير المستقل جاء بناء على توصية من المجلس الأعلى للحسابات، اعتبر ضمنها الجمعيات صناديق سوداء، لا تخضع للرقابة المالية". كما نفى أي نفخ أو زيادة في تعريفة الاستفادة من خدمات القاعة، "والمعمول بها تطابق ما جاء في الجريدة الرسمية، وبهم جميع مثل هذه المؤسسات على الصعيد الوطني". أما القاعة الموازية للأيروبيك، فاعتبرها المسؤول ذاته "اجتهادا للجمعية المسيرة، وتطبق فيها التعريفة المنصوص عليها في الجريدة الرسمية، كما أوضح أن الوزارة ستسهم في مشروع كبير يهم إحداث ملعب للقرب ببيوكرى بمواصفات عالية، كمتنفس رياضي ضخم، سيكون مفخرة للإقليم عامة، ونحن بصدد دراسة تقنية لتعشيب ملعب 20 غشت. أما دور الشباب على صعيد الإقليم، فتقوم بدورها التأطيري على أحسن ما يرام، بإشراف من أطر متخصصة، بل أُرجعت الروح إلى هذه الفضاءات، وتنظم داخلها عدة أنشطة ثقافية على مدار السنة، وتختضن جمعيات نشيطة، حال دار الشباب محمد بوردو ببيوكرى".