جولات مكوكية بين أوروبا وإفريقيا تلك التي يقودها المبعوث الأممي إلى الصحراء، هورست كولر، لضخ دماء جديدة في مسار المفاوضات المتوقفة بين المغرب وجبهة البوليساريو، والتحضير لرؤية أممية قد تكون مغايرة لمبدأ "تقرير المصير" الذي يستغله خصوم الوحدة الترابية للمغرب. في هذا الصدد، عقد كولر، لقاء مع الرئيس الرواندي، بول كاغامي، الذي سيتولى مهمة رئاسة الدورة العادية الثلاثين لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي، بين 28 و30 يناير الجاري في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، ومن المرتقب أن يحضرها الملك محمد السادس بحسب ما أعلن عنه وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، خلال الندوة الوزارية الإفريقية حول الهجرة. الجولة الإفريقية لموفد الأممالمتحدة إلى الصحراء تأتي مباشرة بعد لقاءات رفيعة المستوى عقدها مع مسؤولين في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، من قبيل فيديريكا موغوريني، والمفوض الأوروبي للمساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات، والمفوض الأوروبي لسياسة الجوار. وكشفت وسائل إعلام رواندية أن مباحثات مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مع كاغامي انصبت حول الدور الذي يمكن أن يلعب هذا الأخير، باعتباره الرئيس المقبل لمؤسسة الاتحاد الإفريقي، في حلحلة نزاع الصحراء الذي يراوح مكانه منذ أربعين سنة، وأشارت إلى أن "المسؤول الأممي طلب من كاغامي أفكاراً جديدة والتعاون مع الأممالمتحدة وفق مقاربة تشاركية مع جميع الأطراف، خصوصا بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي". كما عقد كولر اجتماعاً مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي محمد، الذي عبر بدوره عن استعداده لتعاون المؤسسة الإفريقية مع الفريق الأممي المشرف على ملف الصحراء. وحول التحركات الجديدة، يرى الموساوي العجلاوي، خبير في الشون الإفريقية، أن الأمين العام للأمم المتحدة يسعى إلى إشراك الاتحادين الأوروبي والإفريقي في نزاع الصحراء، وقال إن "بصمات غوتيريس وراء التحرك اللافت لمبوعثه، خصوصا وأنه يعرف الدور الذي يمكن أن تلعبه إسبانيا وفرنسا وألمانيا، الدول الأعضاء في الاتحاد ولجنة أصدقاء الصحراء الأممية". وأضاف الباحث في معهد الدراسات الإفريقية بالرباط أن كولر يبحث عن دعم دولي قار وقوي في الوقت نفسه، وأبرز أن التوجه إلى رئيس الاتحاد الإفريقي الجديد "أمر في مصلحة المغرب لأن كاغامي كان له دور كبير في عودة المملكة إلى الاتحاد ومعجب بشخصية الملك وبالتجربة المغربية". ولفت العجلاوي، في تصريح لهسبريس، إلى أن السؤال المطروح الآن هو "لماذا كولر يعقد اجتماعات مع الرئيس الرواندي ويطلب مقاربة جديدة تتوافق ومقاربة الأممالمتحدة؟"، ليجيب بأن "التوجه الجديد في الأممالمتحدة هو التخلي عن مسألة تقرير المصير في حالة تعارضها مع أمن واستقرار المنطقة، وهو الموقف نفسه الذي تعبر عنه المملكة المغربية". وتهدف التحركات الأممية، بحسب الخبير المغربي، إلى إقحام الاتحاد الإفريقي الذي لم يلعب دوره في قضية الصحراء، بل أظهر في محطات كثيرة انحيازه إلى جبهة البوليساريو، "إلا أن عودة المغرب إلى المؤسسة القارية قلبت جميع المعادلات؛ ذلك أننا أمام عضوين داخل المنتظم القاري نفسه. وبالتالي، فإن دول الاتحاد مطالبة بإعادة النظر في مواقفها"، يوضح العجلاوي. وأورد المتحدث أن الاتحاد الإفريقي أصبح اليوم مطالبا بإعادة النظر في مناصب يقودها خصوم المغرب لأنهم "لا يتحلون بالحياد المطلوب في مثل هذه المواقع، ومن بينهم مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي الجزائري إسماعيل شرقي، أحد الذين خططوا لمؤامرات ودسائس ضد المغرب ووجهوا المفوضية ضد مصالح الرباط خدمة لأجندات جزائرية". وخلص الأستاذ الجامعي إلى أن مبعوث الصحراء من خلال تحركاته "يوجه رسالة سياسية ضمنية إلى رئيس الاتحاد الإفريقي المقبل لوضع مقاربة جديدة لنزاع الصحراء، وعلى الدبلوماسية المغربية أن تلتقط الإشارات وتتحرك بشكل قوي لمواكبة هذه المتغيرات".