يترقب المغرب القرار النهائي لمحكمة العدل الأوروبية بخصوص تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، التي تنتهي صلاحيتها في غشت المقبل، بنفَس إيجابي وواثق يسير نحو التجديد، لم يُشوش عليه سوى رأي ميلشيور واتليت، المدعي العام لمحكمة العدل الأوروبية، الذي طالب ببطلان الاتفاق، لأنه "يشمل منطقة الصحراء الغربية التي تشهد نزاعا". المحامي العام اعتبر أن "استغلال الاتحاد الأوروبي للمصايد في المياه المجاورة للصحراء، الذي بدأ وينفذ بموجب الاتفاقين محل النزاع، لا يحترم حق شعب الصحراء في تقرير مصيره"؛ وهو رأي وصفه عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، بكونه "نشرة سياسية لا علاقة لها بالمساطر القانونية وقواعد القانون الدولي". ويسرد اسليمي، في تصريحات مع هسبريس، الخلفيات التي تظهر الصبغة السياسية لرأي المدعي العام الأوروبي، أولاها أن الأمر يتعلق باستنتاجات فردية تأتي بعد صدور قرار من المحكمة الأوروبية منذ سنة يرفض طلب البوليساريو لكونه منتحلا لصفة طاعن بدون أساسي قانوني، ويجيز شرعية اتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي". وتابع الخبير أن "المدعي العام يعيد ترويج الرأي نفسه في اتفاق الصيد البحري سبق أن قدمه بخصوص الاتفاق الفلاحي، وهو الرأي الذي رفضته المحكمة أثناء الطعن الذي قدمته البوليساريو وتم رفضه"، متابعا بأن "جهة ما حركت المدعي العام لدى المحكمة الأوروبية للقيام بعمل سياسي استباقي لقرار تنفيذي". واعتبر اسليمي أن "تدخل مدعي عام في عمل جهاز تنفيذي أوروبي بعد إصدار المحكمة الأوروبية لقرارها يعد سابقة خطيرة"، مسجلا أن "رأي المدعي العام يهمه وحده ولا يلزم المحكمة الأوروبية في شيء، لكون النشرة الصحافية لا تمثل موقف قضاة المحكمة الأوروبية". والخلفية الثانية، يضيف المحلل ذاته، تتمثل في أن هذا البيان الصحافي للمدعي العام الأوروبي هو نشرة سياسية لا يهم المغرب؛ فالأمر يتعلق بخلل في العلاقات بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ونزعات فردية تحركها دوافع سياسية يتم تغطيتها بمسميات "قانونية". الخلفية الثالثة، حسب اسليمي، كون مضمون البيان الصحافي للمدعي العام يبين وجود فقر قانوني كبير، إلى درجة أن البيان يعيد اجترار الأساطير التي ظلت ترددها الجزائر والبوليساريو طيلة عقود ولم تقتنع بها الأممالمتحدة؛ فالمدعي العام لدى المحكمة الأوروبية يستعمل مصطلحات لم يسبق لمجلس الأمن استعمالها. كما أن الأمين العام للأمم المتحدة لا يستعملها في تقاريره الأممية بخصوص ملف الصحراء". وتساءل الخبير "كيف يُعطي شخص ينتمي إلى هيئة قضائية الحق في استعمال مصطلحات وتوصيفات تستعملها مليشيات البوليساريو ودولة محرضة لها التي هي الجزائر"، مكملا أن المدعي العام اعتمد على مقولات لجمعية غير حكومية بريطانية داعمة للبوليساريو دون أن ينتبه إلى تقارير المفوضية الأوروبية التي تشهد علنا أن اتفاقية الصيد البحري قدمت منافع تنموية اجتماعية واقتصادية كبيرة لساكنة المناطق المغربية الجنوبية. ويضيف رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني خلفية رابعة تتجسد في أن المدعي العام لدى المحكمة الأوروبية غير مدرك لطبيعة الصراعات الجارية داخل أوروبا، فهو إذ عمد إلى بناء رأيه على طلب تقدمت به جمعية بريطانية غير حكومية، لم ينتبه إلى أن بريطانيا هي في طور الخروج من الاتحاد الأوروبي ولم تعد مصالحها هي مصالح الاتحاد الأوروبي". وذهب اسليمي إلى أن "هذا الانزلاق السياسي الكبير للمدعي العام لدى المحكمة الأوروبية، الذي يبين أنه لا يزال يُفكر بمنطق وزير العدل السياسي، وليس عضو قضائي لدى المحكمة، يعكس خطابا ضد مصالح الاتحاد الأوروبي نفسه الذي يظل هو الطالب لتوقيع لتجديد الاتفاقية وليس المغرب". ولفت المتحدث إلى أنه "يجب تنبيه بعض الأصوات داخل أوروبا إلى أن خطابهم حول التعاون مع المغرب يجب أن يكون واحدا في كل المجالات وليس انتقائيا؛ فالاتفاقيات في المجال الفلاحي والصيد البحري مثلها مثل الاتفاقيات التي يطلب الأوروبيون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية".