في كل موسم شتاء، حيث تنخفض درجات الحرارة، يرتفع الطلب على حطب التدفئة خصوصاً من لدن الأسر القاطنة في المناطق الجبلية المتضررة الأولى من موجات الثلوج والبرد القارس. ويؤثر هذا الطلب المتزايد على الغابات تأثيرا سلبيا، وهو ما يدفع مصالح المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر إلى تشجيع الأفران الاقتصادية للحيلولة دون الضغط على الغابات ومحاربة القطع الجائر للحطب. ويتوفر المغرب من خلال المندوبية سالفة الذكر على برنامج خاص بالفترة 2015-2024، ويهدف إلى توزيع 60 ألف فرن اقتصاديّ بتكلفة إجمالية تبلغ 60 مليون درهم، ومن المقرر أن يتم توزيع 6300 فرن خلال الموسم الحالي بقيمة مالية تبلغ 6,5 ملايين درهم. وتسعى المندوبية إلى عقلنة وترشيد استهلاك خشب التدفئة والرفع من موارد حطب التدفئة والترويج لمصادر طاقية بديلة لخشب الطاقة عبر توزيع أفرنة اقتصادية تسهم في عقلنة استغلال حطب التدفئة لصالح مستغلي الغابة القاطنين بالمناطق النائية والمعزولة. ويهدف هذا البرنامج إلى تخفيض استهلاك الخشب بنسبة تناهز 50 في المائة، إضافة إلى تحسين ظروف عيش الساكنة القروية في كل ما يتعلق بالصحة والنظافة خصوصاً في صفوف النساء. ويتم تفعيل هذا البرنامج وفق معايير متعلقة بالمناطق الجبلية والطقس البارد والكثافة الغابوية، حيث وضعت المندوبية 4 جهات ذات أولوية في مجال حطب التدفئة، وهي: جهة طنجةتطوان - الحسيمة، وجهة فاس - مكناس، وجهة بني ملال - خنيفرة، وجهة مراكش - آسفي، ويتعلق الأمر ب110 جماعات قروية تقطن بها 300 ألف أسرة مستهدفة. وتفيد أرقام المندوبية بأن هذا البرنامج كان له أثر جد إيجابي على حالة توازن النظم البيئية الغابوية، حيث يسهم في تخفيض العجز في الطاقة فيما يتعلق بخشب التدفئة ب7500 طن سنوياً، ومن المتوقع أن يصل إلى 150 ألف طن سنوياً في نهاية البرنامج، أي ما يعادل الحفاظ على غابة أوكاليبتوس عمرها 10 سنوات ومساحتها 4000 هكتار. جهود المندوبية السامية يبدو أنها لا تصل إلى جميع الساكنة المتضررة من موجة البرد؛ فحسب إفادات بعض السكان في جبل بويبلان، الواقع في الأطلس المتوسط، نصيبهم من حطب التدفئة لا يصلهم؛ ما يدفعهم إلى قطع خشب الشجر من الغابات مباشرةً. وقال محمد العموري، وهو من ساكنة دوار تامطروشت في أعالي جبل بويبلان: "لا أحد التفت إلينا ليمدنا لا بحطب التدفئة ولا أي شيء، والطريق مقطوعة بسبب الثلوج التي بدأت تتساقط بكثافة منذ السبت الماضي". وأضاف العموري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الدوار يضم 30 منزلاً وقاطنيه لا يجدون حطباً للتدفئة، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى قضاء اليوم بكامله في بحث عن الحطب من الغابات المجاورة، فالعزلة وكثافة الثلوج تجعلنا محاصرين". وبادر عدد من أبناء هذه المنطقة إلى إطلاق نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل دفع السلطات المحلية إلى توفير المساعدات للساكنة المتضررة خصوصاً حطب التدفئة وتوفير كاسحات الثلوج لفك العزلة عنهم، واتخاذ إجراءات احتياطية قبل حلول موسم الشتاء للتخفيف من الضرر. ولا تقف معاناة الساكنة عند حطب التدفئة، فعلف الماشية أيضاً يؤرق بال الأسر الفقيرة في هذه المنطقة، إضافة إلى تضرر الأطفال الصغار من موجة البرد الشديد، كما يشكل الحصول على الماء الشروب في ظل هذه الظروف رهاناً وتحدياً يومياً لساكنة قدرها أن تعيش في ظروف صعبة.