بحصد أحزاب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" و"الأصالة والمعاصرة" والتجمع الوطني للأحرار" و"الحركة الشعبية" لمقاعد شاغرة في مجلس النواب برسم الانتخابات الجزئية التي جرت بحر هذا الأسبوع، يستمر حزب العدالة والتنمية في حصد الخيبات منذ تصدره للاستحقاقات التشريعية العام الماضي. ويستمر رصيد "إخوان المغرب" في التراجع على مستوى الانتخابات الجزئية التي نظمت بنحو 15 دائرة انتخابية، إثر قرارات المحكمة الدستورية بإلغاء مقاعد برلمانية؛ وهي الاستحقاقات التي عرفت اكتساحا وعودةً قويّة لحزب التجمع الوطني للأحرار، واسترجاع أحزاب أخرى، مثل "الحركة الشعبية"، لمقاعدها، مقابل تراجع "العدالة والتنمية" الذي لم يحصد سوى مقعدين يتيمين فقط. وبلغة الأرقام، فإن "البيجيدي" يكون قد فقد مقعدا برلمانيا بشكل رسمي في المجموع ضمن تشريعيات مجلس النواب، فبعدما خسر في 09 دوائر انتخابية شارك فيها، وفقا لأرقام غير رسمية، فاز في اثنتين، حيث استرجع مقعده الملغى في دائرة تطوان وفاز في دائرة إنزكان ايت ملول، كما فقد مقعدين في هذه التشريعيات بكل من سيدي إفني وبولمان بعدما أعادت المحكمة الدستورية احتساب النتائج. ومن أبرز الخسائر التي تلقاها "المصباح" ما وقع في دائرة خنيفرة يوم أمس، بعدما انهزم مرشح الحزب، بادو حفيظ، أمام مرشح "الحركة الشعبية"؛ ما يدل على تراجع أصوات الناخبين المغاربة التي كانت لصالح "العدالة والتنمية"، في واقع يبدو أنه يؤشر على أزمة ما بعد مرحلة الإعفاء الملكي لعبد الإله بنكيران من مهام تشكيل الحكومة العام الماضي، وما أعقبه من تصدع داخل الحزب وتنحية أمينه العام السابق من ولاية ثالثة لصالح رئيس الحكومةالحالي، سعد الدين العثماني. ورغم أن ظروف الانتخابات التشريعية تختلف كثيرا عن تلك الجزئية التي تعلن عنها المحكمة الدستورية، خاصة على مستوى "التعبئة لانتخابات كاملة الأركان"، إلا أن عبد الله أبو عوض، أستاذ باحث في العلوم السياسية، يرى أن حزب العدالة والتنمية يعيش تداعيات مرحلة انتقالية وترتيب بيته الداخلي وانتقال الأمانة العامة من عبد الإله بنكيران سعد الدين العثماني. وقال الباحث المغربي، في تصريح لهسبريس، إن مرد هذا التراجع في رصيد "العدالة والتنمية" الانتخابي هو بنكيران "الذي كان يقود في فترة سابقة حملة شعبية للترويج للحزب"؛ إذ "كانت له القدرة نوعا ما في التأثير على الرأي العام المغربي خلال الانتخابات"، منبها إلى أن الأمر لا يتعلق بكاريزما سياسية "التي لا توجد إلا عند الملك"، بل بما وصفه "الترويج السياسي الذي كان يوظفه في خدمة أجندة الحزب". في المقابل، شدد أبو عوض على أن حزب "العدالة والتنمية" بدأ فعلا "يفقد مصداقيته، خاصة بحكم طبيعة القرارات التي تعلن عنها الحكومة التي يقودها، سواء كانت تلك القرارات حقيقة أم ترويجا"، مشيرا إلى أن "الشعب المغربي لن يفرق بين ما يتخذ من قرارات أو التي يتم الترويج لها، لأن بعضها يمس صلب تطلعاته ولو كانت غير صادقة"، وأوضح أن "المغربي بدأ يبتعد عن الانجراف وراء الخطابات السياسية أمام البرامج السياسية الحقيقية". وخلص عبد الله أبو عوض إلى أن ما وقع لحزب العدالة والتنمية من تراجع في رصيده الانتخابي والشعبي يبقى مؤشرا على أن "الأحزاب السياسية مطالبة بضرورة إدراك أن الانتخابات في المرحلة القادمة لن تفلح فيها الخطابات الشفهية، بقدر أهمية الترويج لبرامج واضحة المعالم تهتم بتطلعات المغاربة، خاصة في عمقها الاقتصادي والاجتماعي، من القدرة على توفير مناصب الشغل، إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي على مستوى التعليم والصحة وغيرها".