تعيش مدينة أزموربإقليمالجديدة، في الآونة الأخيرة، احتقانا كبيرا بين السكان ومتتبعي الشأن الصحي بالمنطقة، من جهة، والمندوبية الإقليمية لوزارة الصحة، من جهة ثانية، بعدما تقرّر إنشاء قسم خاص بأمراض السل بالمستشفى المحلي بأزمور، عقب إغلاق مستشفى بلعياشي الخاص بأمراض الصدر، مما دفع عددا من السكان إلى تنظيم وقفات ومسيرات احتجاجية واعتصامات من أجل المطالبة بالعدول عن نقل مرضى السل إلى المستشفى المحلي. من الصحة إلى البديل الاقتصادي مهدي ياسيف، أحد المندّدين بقرار نقل المرضى إلى المستشفى المحلي، أوضح أن "مستشفى بلعياشي الخاص بأمراض الصدر أُغلق من أجل مخيم خاص بموظفي وزارة الصحة، مع إحالة المرضى على المستشفى الإقليمي لمدينة الجديدة، غير أن الأطباء هناك ضغطوا على المندوبية فقررت في النهاية إنشاء قسم خاص بمرضى السل داخل المستشفى المحلي لأزمور، الواقع وسط الأحياء السكنية، في تناقض تام مع قانون مستشفيات القرب، الذي يحث على تضمين هذا الصنف من المستشفيات سبع مصالح فقط". وأضاف ياسيف، في تصريح لهسبريس، أن "السل مرض مُعد وخطير وسريع الانتقال، والأقسام الطبية الخاصة به تتطلب توفير مجموعة من المقومات الصحية واللوجيستيكية، التي يفتقر إليها المستشفى المحلي لأزمور"، مشيرا إلى أن "المعدات الطبية ومتطلبات الاستشفاء الاعتيادية غير متوفرة بباقي الأقسام الطبية، فما بالك بقسم أمراض الصدر وداء السل". وقال إن "ملك البلاد دشن المستشفى على أساس أنه مستشفى للقُرب، وكان يتوفر على عدد من التجهيزات التي يتساءل المحتجون عن ظروف اختفائها". وأكّد المتحدث أن "جمعيات حقوقية وسياسية أصدرت بيانات وبعثت مراسلات إلى الجهات المعنية، من أجل دقّ ناقوس الخطر خشية نقل مرضى السل إلى مستشفى محلي في مدينة صغيرة"، مشيرا إلى أن "المحتجين فتحوا حوارا مع المندوب الإقليمي لوزارة الصحة، وحين تبيّن لهم تشبث المسؤول بالقرار، انسحبوا من الحوار، ودخلوا في أشكال احتجاجية مختلفة، من بينها خوض اعتصام بالقرب من المستشفى المحلي". وختم مهدي ياسيف تصريحه للجريدة بالتأكيد على أن "المحتجين رفعوا سقف مطالبهم في الآونة الأخيرة، وصاروا ينادون بالتنمية والشغل وخلق بديل اقتصادي للمدينة، معلنين في الوقت ذاته أنْ لا حوار مع المندوب الإقليمي لوزارة الصحة، ولا حوار مع باشا المدينة، ولا حوار مع رئيس المجلس البلدي، ولِعامل إقليمالجديدة مهلة أسبوع للتدخل وفتح حوار مع المتظاهرين، وإلا سيكونون مضطرين إلى توجيه الحوار نحو السلطات المركزية". حلّ مؤقت وتهويلٌ غير مبرّر من جهته، أوضح خالد أمال، المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بالجديدة، أنه "بعد إغلاق مستشفى بلعياشي الخاص بأمراض الصدر، تمت إحالة المرضى على المستشفى الإقليميبالجديدة، إلا أن الخصاص الذي يعرفه المرفق الصحي على مستوى الموارد البشرية تسبب في إرباك الخدمات الاستشفائية لمرضى الصدر، مما دفع المصالح المعنية إلى التفكير في حلول سريعة تحفظ حق المرضى في التطبيب، في انتظار حل مشكل الخصاص في الموارد البشرية". وأضاف: "ونظرا لكون أغلب المرضى ينحدرون من مدينة أزمور والمناطق المجاورة لها، ارتأت المصالح المعنية تخصيص قسم لأمراض الصدر بالمستشفى المحلي لأزمور، وتقديم الخدمات لمرضى السل في طابق سفلي، له باب مستقل عن باقي الأقسام الطبية بالمستشفى، إضافة إلى أن الممرضين الذين كانوا يشتغلون في مستشفى بلعياشي سيستأنفون عملهم بالقسم الجديد في أزمور". وعن أسباب إغلاق مستشفى بلعياشي، أشار المندوب الإقليمي لوزارة الصحة إلى أنه "في ثلاثينيات القرن الماضي كان عدد مرضى السل كبيرا، ومع مرور الوقت وتحسن التطبيب وتراجع أعداد المصابين بهذا الداء، لم تعد هناك حاجة لمثل هذه المستشفيات الكبيرة والمهترئة والآيلة للسقوط، خاصة أن المرضى صاروا يستفيدون من الخدمات الصحية بالمستشفيات والمراكز الصحية المنتشرة بمختلف مدن وجهات المملكة". وعن احتجاج سكان المدينة خوفا من انتشار العدوى، أكّد خالد أمال أن "الموضوع عرفَ تضخيما وتهويلا غير مبرّرين، ولمرضى السل الحق مثل باقي المرضى في الاستشفاء، خاصة أن المندوبية الإقليمية للصحة اتخذت كل التدابير والاحتياطات لتجنب أي تأثيرات سلبية أو عدوى، مقابل الإبقاء على المستشفى المحلي في وضعه العادي، سواء على مستوى المستعجلات أو المركب الجراحي أو دار الولادة...".