تستعد هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة بالتقصي حول انتهاكات الماضي في تونس، لتنظيم جلسة استماع حول الاحتجاجات العنيفة المرتبطة بما يعرف بأحداث الخبز التي اجتاحت البلاد عام 1984. وقالت الهيئة في بيان لها يوم أمس الثلاثاء، إن جلسة استماع لشهادات من ضحايا أحداث الخبز ستنظم بعد غد الخميس بمقرها في العاصمة، لتتزامن بذلك مع الذكرى الرابعة والثلاثين لتلك الأحداث. كانت الهيئة التي تم تأسيسها بقانون بعد ثورة 2011 بدأت أولى جلسات الاستماع لضحايا الاستبداد والعنف في نونبر عام 2016 ، في مسعى للكشف عن الحقائق المرتبطة بانتهاكات حقوق الانسان وتعويض المتضررين ومن ثم التمهيد لمصالحة وطنية. وشملت الجلسات منذ ذلك الحين سجناء سياسيين وضحايا العنف الممنهج من السلطة. وتعد أحداث الخبز التي تعرف أيضا بانتفاضة الخبز، من بين الأحداث الفارقة في تونس خلال الفترة الأخيرة من حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة باني الدولة الاستقلال، في ثمانينات القرن الماضي. وكانت الاحتجاجات التي انطلقت من مدن الجنوب التونسي بنهاية ديسمبر عام 1983 لتعم بعدها أغلب أنحاء البلاد وصولا إلى العاصمة، قد اندلعت على خلفية قرار الحكومة آنذاك إلغاء الدعم الحكومي عن / العجين ومشتقاته، / ما يعني آليا رفع أسعار الخبز وهي مادة استهلاك رئيسية للتونسيين. وبلغت الاحتجاجات ذروتها بدءا من اليوم الثاني من يناير عام 1984 مع اعلان وزارة الداخلية عن سقوط قتلى وجرحى في مواجهات بين محتجين والشرطة. ومع اتساع رقعة الفوضى وأعمال العنف والتخريب وسقوط قتلى وجرحى من بين المتظاهرين أعلن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة حالة الطوارئ في البلاد كما فرضت السلطات حظر تجوال. وانتشر الجيش في العاصمة والمدن الكبرى لاستعادة النظام بينما شنت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة في صفوف المتظاهرين والنقابيين والمعارضين. واضطر بورقيبة الذي انهكه المرض والشيخوخة آنذاك، إلى إعلان التراجع عن الزيادات التي أقرتها الحكومة في خطاب له يوم السادس من يناير، بعد أسبوع من الاحتجاجات لتخرج بعدها مسيرات مرحبة بالقرار. ورغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على اندلاع الاحتجاجات فإن السلطات لم تصدر إحصائيات رسمية لعدد قتلى المتظاهرين. ويقدر الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية الأكبر في البلاد، عدد الضحايا الذين سقطوا برصاص الأمن والجيش في تلك الأحداث بالمئات.