في الوقت الذي تشهد فيه عدد من المدن المغربية الكبرى أجواء احتفالية متميّزة، تزامنا مع اقتراب دخول سنة ميلادية جديدة، وما يسبقها من انتعاش تجاري مختلف عن باقي أيام السنة، لا يزال الركود يواصل بسطَ سيطرته على الرواج التجاري بمدينة خريبكة للسنة الثانية على التوالي، تظهر تجلياته بشكل واضح في المحلات التجارية المتخصصة في بيع الحلويات والهدايا وباقي لوازم الاحتفال ب"الميلاد". عين بصيرة ويد قصيرة وعن أسباب تراجع الرواج التجاري سنة بعد أخرى، أوضح محمد أمغار، الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين بخريبكة، أن "الأمر لا يتعلق بالاحتفالات المواكبة لاستقبال السنة الميلادية فقط، بل إن مظاهر التراجع والركود والكساد طبعت المعاملات التجارية طوال أشهر السنة، بسبب القدرة الشرائية الضعيفة لأغلب المواطنين، في ارتباطها التام بغلاء المواد الأولية والأساسية". وأضاف المتحدث ذاته، بصفته صاحب محل تجاري متخصص في بيع الحلويات، أن "الاحتفال بالسنة الميلادية لا يزال قائما، لكن العديد من الزبناء، كان الله في عونهم، يبحثون عن حلويات لا يتعدى ثمنها الثلاثين أو الأربعين درهما، نظرا لما يعانيه الجميع من كثرة المصاريف ومتطلبات المعيشة الغالية والقاسية"، مشيرا إلى أن "البعض يرغب في الاحتفال، لكن العين بصيرة واليد قصيرة". وأوضح أمغار، في تصريح لهسبريس، أن "بعض الراغبين في إسعاد أطفالهم بمناسبة السنة الميلادية الجديدة يضطرون إلى شراء الحلويات الصغيرة، كل بحسب قدرته الشرائية"، مشدّدا على أن "الملاحظ في الآونة الأخيرة هو تراجع الرواج التجاري بنسبة تقارب السبعين في المئة، والمواطنون معذورون في ذلك، بعدما صارت الخضر والفواكه وكل متطلبات الحياة في تصاعد متواصل". "الفرّاشة" وتراجع التجارة أما محمد حداد، رئيس جمعية الأمل لتجار ومهنيي مدينة خريبكة، فقد أشار إلى أن "كثرة العرض الناتج عن المنافسة غير الشريفة بين التجار القانونيين والباعة الجائلين محتلّي الشارع العام ساهم بشكل كبير في تضرر التجارة بمدينة خريبكة، خاصة في الأعياد الدينية والمناسبات الأخرى، كالاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة". وأكّد المتحدث ذاته أن "التجار كانوا، في السنوات الماضية، ينتظرون اقتراب المناسبات التي تعود عليهم بالنفع، حيث يتميز الأسبوع الذي يسبقها برواج تجاري مهم تغطّي عائداته ميزانية شهرين أو ثلاثة أشهر لدى التاجر، لكن التزايد المهول في عدد الفرّاشة، خاصة في السنوات الأخيرة، ساهم في إخلاء المحلات والمركبات التجارية من الزبناء، مقابل انتعاش التجارة غير المهيكلة". وأضاف محمد حداد، في تصريح لهسبريس، أن "المحتفلين لا يزالون يقبلون على الهدايا بمناسبة السنة الميلادية الجديدة، لكن الظروف الاقتصادية الحالية، والأزمة المالية السائدة، والقدرة الشرائية الضعيفة، وتراجع أعداد الجالية الخريبكية المقيمة بإيطاليا، ونقص الموارد الاقتصادية بالمنطقة، عوامل ساهمت بدرجات متفاوتة في تراجع الرواج التجاري".