"احتفالات شبه غائبة، ركود تجاري واضح، وأجواء جدّ محتشمة لاستقبال السنة الميلادية"، هي خلاصات جولة أجرتها هسبريس وسط مدينة خريبكة، ساعات قليلة قبل إسدال ستار سنة ميلادية واستقبال أخرى جديدة؛ حيث لا فرق بين اليوم الأخير من شهر دجنبر وباقي أيام السنة، خلافا لما كان يطبع المناسبة في السنوات الماضية. ساحة المجاهدين التي كانت إلى وقت قريب محجّا للراغبين في إسعاد أطفالهم، بالتقاط صور مع "بابا نويل"، ومنحهم هدايا بمناسبة دخول سنة ميلادية جديدة، وتبادل الورود والتهاني بين المعارف والأصدقاء وأفراد العائلة، صارت في الآونة الأخيرة خاوية على عروشها؛ حيث غاب "سانتا كلوز"، وغاب معه المصورون وبائعو الهدايا، وفضّل أصحاب المحلات التجارية الإغلاق باكرا. أما أصحاب المحلات التجارية المختصة في بيع الحلويات، والذين كانوا إلى عهد قريب ينتظرون نهاية السنة الميلادية بفارغ الصبر، من أجل إنعاش تجارتهم، والرفع من مستوى مداخيلهم، والحرص على تلبية رغبات جميع الزبناء بمختلف مطالبهم وأذواقهم، فقد شوهد أغلبهم، طيلة مساء السبت، ينظرون إلى حلوياتهم نظرات حسرة وندم، بعدما تأكدّوا من أنها لن تراوح مكانها، في غياب طلبات مسبقة من طرف الزبناء. أما الأسواق الكبرى التي تحرص على توفير حلويات ذات أحجام وأثمنة متوسطة، وأشكال وألوان جذابة، فقد شوهد عدد كبير من الزبناء وهم يقفون لحظات أمام المعروضات، والتمعّن في أشكالها وطريقة تهيئتها، قبل غض الطرف عنها ومغادرة المكان، وكأن الأمر لا يعنيهم في شيء، باستثناء بعضهم، يعدّون على رؤوس الأصابع، فضلوا اقتناء "حلوى الميلاد" للاحتفال ب"رأس السنة". بعيدا عن بائعي الحلويات، وبالضبط عند بائعي الحليّ والهدايا وسط مدينة خريبكة، أشار "رشيد.ق" إلى أن المناسبات المماثلة، خلال السنوات الماضية، كانت تعرف إقبالا كبيرا من أجل شراء الهدايا وتبادلها بمناسبة "البوناني"، قبل أن تبدأ التجارة في التراجع سنة بعد أخرى، لتصل إلى مستويات ضعيفة نهاية سنة 2016. وأضاف المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن احتفالات هذه السنة لم تكن في مستوى السنوات الماضية، ما تسبب في معاناة تجار الحلّي والهدايا بشكل كبير، مشيرا إلى أن أسباب الركود التجاري غير معروفة، متمنيا أن تكون السنة المقبلة أفضل من سابقتها من حيث الأرزاق والرواج التجاري والمردودية الاقتصادية. أما عبد الله، أحد بائعي العطور بأهم شارع وسط مدينة خريبكة، فقد وصف الرواج التجاري في آخر يوم من 2016 ب"الميّت، والمقتول، وزيرو"، مشيرا إلى أن وتيرة بيع العطور لم تختلف عن باقي أيام السنة، بخلاف ما دأب عليه الزبناء في مثل هذه المناسبة؛ حيث كانوا يقبلون على شراء العطور لتقديمها على شكل هدايا، تيمّنا باستقبال سنة طيّبة وسعيدة. من جهته قال مصطفى مطر، رئيس جمعية تجار خريبكة، إن الوضعية الاقتصادية بمدينة خريبكة متأزمة بشكل عام، مشيرا إلى أن أفراد الجالية بالخارج هم الذين كانوا إلى وقت قريب يساهمون في تحريك العجلة التجارية بالمنطقة، خاصة المقيمين بإيطاليا وإسبانيا، قبل أن تمسّهم الأزمة الاقتصادية الأخيرة. وأضاف المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن المهاجرين كانوا يزورون عائلاتهم بمدينة خريبكة، قبل نهاية السنة بحوالي أسبوع أو أسبوعين، ويشاركون في احتفالات السنة الميلادية التي تخلق رواجا تجاريا واقتصاديا مهمّا، إلا أن أغلبهم اختاروا البقاء في دول المهجر، والتعامل مع الأزمة بما تقتضيه من اقتصاد وعقلنة. وعن باقي مكونات المجتمع الخريبكي، أبرز مصطفى مطر أن الديون أغرقت أغلب الموظفين، ولم تعد لديهم الرغبة ولا القدرة على الاحتفال بالسنة الميلادية، مشيرا إلى أن المفارقة الغريبة تتمثل في "ارتفاع جودة الحلويات، وتزايد نسبة العرض، وانخفاض أثمنتها مقارنة مع السنوات الماضية، مقابل انخفاض كبير في الطلب والإقبال من طرف الزبناء".