خلافا لما راج حول إعفاء عامل إقليمجرادة، ثابت مبروك، من منصبه على إثر الاحتجاجات الصاخبة التي تشهدها المدينة عقب وفاة شقيقين بمنجم غير قانوني للفحم، علمت جريدة هسبريس أن وزارة الداخلية لم تقم بإقالة المسؤول ذاته أو التحقيق معه. وشارك العامل ثابت مبروك، اليوم السبت، بمقر عمالة إقليمجرادة، في لقاء تواصلي مع المجلس الإقليمي، ترأسه والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة أنجاد، معاذ الجامعي، خصص لتدارس أوضاع المدينة والملف المطلبي الذي ترفعه الساكنة. وسارع وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، إلى إعطاء تعليماته إلى والي الجهة للاستماع إلى المنتخبين والاطلاع على هموم وانشغالات المواطنين، والعمل على معالجة الإكراهات المطروحة حسب الأوليات، قبل انفجار الأوضاع على شاكلة "حراك الريف". والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة أنكاد قال، خلال اجتماعه بالمنتخبين، إن إقليمجرادة "يتميز بكونه يتوفر على خزان مهم من الموارد البشرية الطموحة، وهو ما سيتم العمل على استثماره من أجل تنمية الإقليم، بتضافر جهود جميع الجهات المعنية". من جانبه، دعا رئيس المجلس الإقليمي، محمد عبد اللاوي، إلى العمل على الإقرار الفعلي للعدالة المجالية في المجال التنموي، "من أجل تدارك الخصاص المتراكم في العالم القروي والمناطق النائية؛ فضلا عن تعزيز البنيات التحتية، والنهوض بالأوضاع الاجتماعية، وتحسين الولوج إلى الخدمات الاجتماعية، وتيسير تنقل الأشخاص والبضائع داخل الإقليم من خلال إنجاز الطرق وإصلاح المسالك بالوسط القروي". ممثلو الأحزاب السياسية، الذين استجابوا لدعوة وزارة الداخلية، أشاروا خلال تدخلاتهم إلى جملة من المشاكل التي يعرفها إقليمجرادة، خصوصا "منذ سنة 2003 إلى غاية اليوم الذي استشهد فيه أزيد من 17 شابا من ضحايا الآبار والمناجم". كما قدموا بعض الاقتراحات كحلول آنية ومستعجلة، وعلى رأسها ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفتح تحقيق نزيه وشامل في الجماعات والقطاعات الوزارية والإدارات العمومية في مجموعة من المشاريع المنجزة والمعطلة، خاصة المتعلقة بالبدائل الاقتصادية، وعمليات النهب والسرقة التي تعرضت لها ممتلكات شركة "مفاحم المغرب" أثناء التفويت والإغلاق. وإذا كانت السلطات قد نجحت في عقد لقاءات مع ممثلي الأحزاب بالمنطقة، فإنها لم تستطع فعل الأمر نفسه مع الفعاليات النقابية، التي دخلت على خط "حراك جرادة"، إذ رفضت نقابة الاتحاد المغربي للشغل الحضور في غياب ممثلين عن المحتجين المعنيين بهذا اللقاء. وقال الكاتب العام المحلي للاتحاد المغربي للشغل، الحسين كرماط، إنهم يرفضون الدعوة التي وجهت إليهم والدخول في أي حوار رسمي في غياب ممثلين عن "حراك جرادة". وصرح لهسبريس أن "النقابات والمنتخبين ليسوا هم من أخرجوا سكان المدينة إلى الحراك، وبالتالي فلا جدوى من اجتماع السلطات معهم". ودعا القيادي النقابي السلطات إلى الجلوس مع شباب المدينة لحل المشاكل المعروفة منذ سنوات، مشيرا إلى أن نسبة البطالة في الإقليم كارثية وفقا لأرقام المندوبية السامية للتخطيط، إذ وصلت إلى 37 في المائة؛ و"هو الأمر الذي يتطلب توفير مناصب شغل استعجالية لأبناء المنطقة". وشدد الحسين كرماط على ضرورة إطلاق مشاريع تنموية كبدائل عن "الساندريات" التي تسقط المئات من الضحايا، وقال إن "التحرك الاستعجالي هو الوحيد الكفيل ببعث رسائل طمأنة إلى ساكنة جرادة"، مؤكداً أن "مطالب الساكنة واضحة، وتم التعبير عنها من خلال مجموعة من المسيرات والوقفات والإضرابات، التي شهدتها المدينة منذ مقتل ضحايا الفحم، وما يجب القيام به هو تحقيقها على أرض الواقع". ومازالت التظاهرات مستمرة بمدينة جرادة، حيث دعا نشطاء الحراك إلى وقفة جماهيرية، مساء اليوم، بساحة "شهداء الفحم"، للتعبير عن غضبهم واستيائهم ومواصلة الاحتجاجات إلى غاية تحقيق المطالب الاجتماعية والاقتصادية.