في تقرير حقوقي يحمل صورة سوداء عن المملكة، قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن واقع الحقوق والحريات بالبلاد يشهد ما وصفته ب"الانتكاسات"، مطالبة ب"الحاجة إلى إقرار فعلي لكافة حقوق الإنسان للمواطنين والمواطنات دون تمييز، إن على مستوى التشريع أو على صعيد الممارسة والواقع". وتوقفت الجمعية الحقوقية، في تقرير مركب أصدرته عقب اجتماع مكتبها المركزي مؤخرا، عند حالات وفاة مغاربة بسبب الاشتغال في ظروف مزرية، خاصة وفاة الأخوين الحسين وجدوان الدعيوي، إثر تعرضهما لحادث غرق داخل أحد آبار الفحم بمدينة جرادة، وهو الحادث الذي تسبب في اندلاع احتجاجات غاضبة بالمنطقة، ما زالت مستمرة إلى حدود الساعة. وأوضح التقرير الحقوقي، الذي توصلت به هسبريس، أن وفاة الشابين الدرامية جاءت بعدما "فوجئا بتدفق أحد الجيوب المائية بالبئر التي كانوا يشتغلون فيها لاستخراج الفحم الحجري بشكل عشوائي"، مضيفا أن هذا المنتوج "تستفيد منه مافيات حصلت على تراخيص من السلطات الإقليمية لتسويق الفحم بعشرة أضعاف ثمن اقتنائها له من عند مئات من المواطنين الذين يغامرون بحياتهم وسلامتهم البدنية لاستخراجه من أعماق تصل إلى العشرات من الأمتار". ووجهت الجمعية اتهاماتها إلى المسؤولين بالقول إن ذلك يقع "على مرأى ومسمع من السلطات المحلية والإقليمية والولائية والمركزية منذ عقدين من الزمن"، حيث ظل المواطنون والمناضلون، يضيف التقرير، يراسلون الجهات المعنية وينظمون الاحتجاجات، ويطالبون بإيجاد البديل الاقتصادي للمدينة وسكانها. وعلى هامش هذه الواقعة، استنكرت الجمعية الحقوقية "التهميش الذي تعرفه هذه المنطقة المنكوبة والمستبعدة من كل تنمية، بعد عقود طويلة من الازدهار، كانت تزود خلالها مناطق في المغرب وخارجه بالطاقة الكهربائية، قبل إغلاق مناجم الفحم؛ مما قاد وسيقود إلى المزيد من انتهاك الحق في الحياة بمدينة أضحت بدون حياة". كما توقفت الجمعية الحقوقية عند حالة وفاة أربعة مواطنين بمنجم آيت حدو يوسف بسكساوة، في ظروف "لازالت غير معروفة"، مستغربة من "منع السلطات جميع وسائل الإعلام، بما فيها الرسمية، من الوصول إلى عين المكان". ولفتت الانتباه أيضا إلى مقتل مواطنين وجرح ثلاثة آخرين، عقب انهيار سور مستودع للأعلاف بالصخور السوداء بالدار البيضاء، وهو "الحادث الذي ما كان ليقع لولا الإهمال وتقاعس الجهات المحلية المعنية عن القيام بواجبها في مجال المراقبة والسلامة"، تضيف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. وفي ردها على خطوة الحكومة التنموية الموجهة إلى المناطق النائية، نبهت الهيئة الحقوقية ذاتها إلى ما قالت إنه "تهميش تعانيه معظم البوادي"، والمتجلي، وفقها، في "ضعف الموارد المائية وغياب وهشاشة البنيات التحية وارتفاع معدلات الفقر"، مشددة على أن هذا الوضع "يجعل السكان يعانون في صمت أو يعمدون إلى التعبير عن غضبهم وسخطهم، كما هو الأمر بالنسبة إلى ساكنة دوار لكوارة بلحسن بجماعة المزوضية بإقليم شيشاوة، التي خرجت تحتج من أجل حقها في الماء الصالح للشرب". وفي صلة بالمغربيات، رصدت الهيئة الحقوقية ذاتها استمرار معاناة النساء مما وصفته بالاستغلال والتحرش الجنسيين، وكذا "التنامي المتزايد لهذه الظاهرة في الفضاءات العامة والخاصة"، مطالبة، وهي تورد حالة اختطاف تعرضت لها مواطنة إسبانية بمدينة العرائش، باتخاذ الإجراءات الصارمة وتشديد العقوبات لمواجهة ظاهرة تعنيف النساء ومحاربة كل أشكال التمييز ضدهن.