فيما لا يزال ورش الجهوية المتقدمة الذي انخرط فيه المغرب منذ سنوات متعثرا، دعا حزب التقدم والاشتراكية، المشارك في الأغلبية الحكومية، إلى إعطاء دفعة قوية لهذا الورش، باعتباره إطارا ملائما لبلورة استراتيجية بديلة لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المحلية، وكذا توسيع مجال اللامركزية وتعميق الديمقراطية التشاركية. عبد اللطيف أوعمو، منسق مجموعة العمل التقدمية بمجلس المستشارين، قال في يوم دراسي نظمته المجموعة بشراكة مع الجمعية الديمقراطية للمنتخبين الديمقراطيين، حول موضوع "الجهوية بين النصوص وعوائق التنمية"، إن هناك حاجة ملحّة إلى انطلاقة فعليّة لورش الجهوية المتقدمة، مضيفا أن عدم تفعيل هذا الورش جعله يصير مثل "مشروع افتراضي". وأشار أوعمو إلى مجموعة من الإشكاليات التي تعوق تقدم ورش الجهوية المتقدمة، على رأسها إشكالية البنية الإدارية والحكامة، ثم إشكالية التنمية الجهوية، وأردف موضحا: "هناك عجز عن تنفيذ وإنجاز المشروع التنموي في المغرب، لأن الجهاز التنفيذي لم يصل إلى درجة فهم ما معنى الأولويات التي يجب الانكباب عليها، مثل الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية...". إشكالية أخرى يرى أوعمو أنها تعوق تقدم ورش الجهوية المتقدمة، تتعلق بتضارب الاختصاصات بين الفاعلين المكلفين بتدبير هذا الورش؛ ما يؤدي، يردف المتحدث، "إلى إفشال اللامركزية واللا تمركز، ويؤدي بالبلد إلى السير بسرعتين، سرعة الفقر المدقع من جهة، وسرعة الغنى الفاحش من جهة أخرى، وهو ما يؤدي إلى قلاقل اجتماعية خطرة". خالد الناصري، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، قال إن دوران عجلة الجهوية المتقدمة يقتضي وضع أرضية ل"ثورة فكرية وسياسية، لأن هناك عقليات لا تساعد على تجاوز العقبات التي تواجه ورش الجهوية المتقدمة، وهناك حاجة إلى ثقافة إدارية جديدة قوامها بلورة مشروع ملموس يكمل الخطوة الكبيرة التي قطعانها بدستور 2011 الذي أرسى دعائم الجهوية المتقدمة". وبالرغم من أن المغرب قطع أشواطا هامة في ورش الجهوية المتقدمة، بحسب الناصري، "فإن ثمّة حاجة إلى بذل مزيد من الجهود للسير بهذا المشروع إلى الأمام"، مشددا على أن الجهوية المتقدمة المنطلقة من اللامركزية واللا تمركز، هي من الدعائم الأساسية للبناء الديمقراطي "الذي يحتاج إلى الحكامة الناجعة، لأن الحكامة تخدم الديمقراطية، والديمقراطية بدون حكامة عبث". مجموعة العمل التقدمي بمجلس المستشارين دعت إلى تسريع وتيرة استكمال ورش الجهوية المتقدمة. وفي هذا الإطار، قال خالد الناصري: "ورش الجهوية المتقدمة هو بناء تاريخي طويل؛ لذلك يجب توظيف الخبرات المتراكمة للانتقال إلى السرعة القصوى لاستكماله. صحيح أننا وضعنا قوانين مؤطرة، ولكن لم نصل بعد إلى سدرة المنتهى". ووضع حزب "الكتاب" ضعف استيعاب التحول الذي تعرفه مسألة الجهوية بالمغرب على رأس العوائق التي تعيق تفعيل الجهوية المتقدمة، معتبرا أن "الممارسة، في المجمل، تنتمي للدستور القديم، من خلال سلوكات عدد من مكونات الإدارة الترابية، بل وحتى من بعض مكونات المجالس الجهوية". وفي هذا السياق، شدد محمد النجاري، رئيس قسم بمديرية تكوين الأطر الإدارية والتقنية بالمديرية العامة للجماعات المحلية، التابعة لوزارة الداخلية، على ضرورة تأهيل العنصر البشري، قائلا: "قد تكون لدينا مؤسسات جيدة، ولكن بدون تأهيل العنصر البشري لا يمكن أن تتحقق النتائج المرجوة من ورش الجهوية المتقدمة". وأكد المسؤول بوزارة الداخلية أن المجالس المنتخبة خُولت لها اختصاصات واسعة، وأضحت فاعلا رئيسيا في التنمية، لكن مواردها البشرية يجب أن تكون مؤهّلة ومحترفة، مضيفا أن تكوين هذه الموارد البشرية يمكن أن يتم عن بعد، بهدف توسيع قاعدة المستفيدين منه، كما أنه سيكون وسيلة للإجابة عن الأسئلة المطروحة على المستوى المحلي والجهوي.