كشف موت "ضحايا الفحم" بجرادة عن عائلات كثيرة فقدت آباءها وإخوانها، وكانت تعيش في صمت منذ سنين عدة، طمعا في وعود المسؤولين بتعويضها وضمان عيش كريم لها. وبعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة جرادة، من احتجاجات على غلاء فواتير الكهرباء وفاجعة "ضحايا الفحم"، النقطة التي أفاضت الكأس، ظهرت مجموعة من العائلات التي عانت الويلات بعد فقدانها أقاربها منذ أعوام مضت، في انتظار تعويضات مادية أو بديل اقتصادي يشتغل فيه أبناء المنطقة هروبا من "آبار الموت" التي أصبحت الملاذ الوحيد الذي يقتات منه معظم أبناء ساكنة جرادة. تقول مّي عيشة، والدة المرحوم عمر تاشلايت، في تصريح لهسبريس، "توفي ابني منذ سبع سنوات تاركا وراءه زوجته وابنا ما زال في مقتبل العمر، وقد تم وعد زوجته بالعمل، إلا أنها لا تستطيع لمرض برجلها، ولم يتم إلى حدود الساعة تعويضنا" قبل أن تضيف "هو من كان يعيل العائلة بأكملها قبل أن يلقى حتفه بالطريقة نفسها التي مات بها الشابان ضحيتا الفحم مؤخرا، والتي أحيت ذكرى موت ابني من جديد". وفي حديثها لهسبريس، قالت زوجة بوجخروط محمد، الذي توفي سنة 2009 في آبار الفحم بالمدينة نفسها، تاركا وراءه خمسة أطفال، "تلقيت وعودا كثيرة، لكن لا أساس لها من الصحة. تعذبت كثيرا ودخلت السجن بعد وفاة زوجي منذ أن طالبت بتعويضات رجلي وحق أطفالي". وتابعت قائلة: "حين أسمع خبر وفاة أحد من ساكنة جرادة بآبار الفحم أعاني كثيرا وأتذكر وفاة زوجي"، قبل أن تختتم حديثها بالقول: "أبناء جرادة ضايعين ومابغيتهومش يضيعو كيف ضعت أنا من قبل". وبحرقة وألم يحكي سعيد عامري عن وفاة أبيه، الذي لقي حتفه بعد أن سقط على ظهره جبل من الفحم سنة 2008. يقول: "كنت أنتظر مثل هذه الاحتجاجات، التي نشاهدها اليوم، في ذلك اليوم المشؤوم، خصوصا بعد وفاة خمسة أشخاص في مناجم الفحم المعروفة برقم 18، حيث لم يستطع أحد أن يخرجهم إلا بعد ثلاثة أيام حين تطوع أبي وبعض الساكنة". واستطرد سعيد عامري في حديثه للجريدة "والدي تلقى وعودا قيد حياته، حيث بعد الحادث كان يرقد في مستشفى الفارابي بوجدة، إلا أنه بعد وفاته لم يَفِ المسؤولون بوعودهم". وعن مطالبهم يقول هذا الشاب: "نطالب بتعويض اقتصادي لمدينة جرادة، وتشغيل الشباب العاطل، لأن معظمهم لا يعمل ولا توجد مناصب للشغل بالمدينة". هذه بعض حالات استقت آراءها هسبريس من خلال هذا الروبورتاج، وما زالت تنتظر وعود المسؤولين مع حل بديل اقتصادي وفلاحي يبعدهم عن مناجم الفحم وآبار الموت التي صارت تهدد حياة شباب المدينة وتخيف عائلاتهم يوما بعد يوم.