"أرى أن وجه الجندي الإسرائيلي هو من صفع يد ابنتي"، هكذا رسم والد الطفلة الفلسطينية عهد التميمي، 16 ربيعا، "أيقونة" الشجاعة الفلسطينية، صورة ابنته في فصل من فصول مواجهاتها المعتادة لجنود الاحتلال الإسرائيلي خلال المسيرات الأسبوعية المناهضة للاستيطان وجدار الفصل. في وقت مبكر من فجر أول الثلاثاء، ستداهم قوة عسكرية إسرائيلية منزل عائلة عهد في بلدة النبي صالح، وسط الضفة الغربيةالمحتلة، لتعتقلها بعد الاعتداء على عائلتها ومصادرة أجهزة هواتف نقالة وحواسيب؛ وذلك بعدما تناقلت وسائط الإعلام المختلفة مقطع فيديو لعهد وهي تطرد جنودا من جيش الاحتلال من أمام منزلها يوم الجمعة الماضي. لا تبدو قصة التميمي عادية مع هذه الوقائع، خاصة أن العالم تعرف عليها قبل ست سنوات حين تسلمت جائزة "حنظلة للشجاعة"، من قبل بلدية "باشاك شهير" التركية، لشجاعتها في تحدي الجيش الإسرائيلي، والتقت وقتها برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (رئيس الجمهورية الحالي) وعقيلته. الطفلة الفلسطينية الشقراء، التي قالت عنها صحف غربية إنها ومثيلاتها من الفلسطينيات اليافعات المنتفضات، "مجرّد اختراع فلسطيني لاستفزاز الجنود الصهاينة"، تنتمي إلى أبرز العائلات الفلسطينيةبالضفة الغربية، التي زادها شهرة كون جل أفرادها تعرضوا لكل أنواع الضرب والتنكيل والسجن من طرف سلطات الاحتلال. فوالد عهد، باسم التميمي، اعتقل 11 مرة لدى الجيش الإسرائيلي وتعرض لتعذيب تسبب له في إصابته بغيبوبة مدة 10 أيام. أما أمها ناريمان، التي قتل شقيقها في إحدى المسيرات الأسبوعية ضد الاستيطان، فتعرضت للاعتقال خمس مرات وأصيبت بجروح، كان آخرها بالرصاص الحي في الفخذ قبل ثلاث سنوات، قبل أن تعتقلها السلطات الإسرائيلية. لم يرتفع سهم عهد التميمي مجانا في بورصة منصات التواصل الاجتماعي العالمية، فرغم أن الطفلة الشقراء ذات النظرات الحادة تشارك منذ نعومة أظافرها في مسيرات لمواجهة الجيش الإسرائيلي، لكن المواطن العربي يرى في "حنظلة الشقراء" طفلة بألف رجل، استطاعت ببراءتها وقوة إرادتها تحدي غطرسة احتلال تواطأ مع أمريكا و"صمت مخز" للحكام والقادة العرب والمسلمين لسرقة القدس من الفلسطينيين. اليوم، قررت محكمة "عوفر" العسكرية الإسرائيلية تمديد اعتقال الطفلة الفلسطينية عهد التميمي إلى الإثنين القادم، على "ذمة التحقيق" بطلب من النيابة العامة، بعدما حضرت الطفلة الصغيرة البريئة العزلاء المحكمة مكبلة اليدين، بتهمة قد تبدو غريبة هي "الاعتداء" على جنود إسرائيليين مسلحين، في قصة تذكرنا بفصول مشوقة من زمن الانتفاضات الأولى لأطفال فلسطين العزل ضد الاحتلال الإسرائيلي.