على غير عادتها، جنحت وسائل الإعلام المصرية إلى ما يشبه الهدنة مع حزب العدالة والتنمية، الذي طالما هاجمته بوصفه فرعا للتنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة تنظيما إرهابية من لدن سلطات القاهرة، حيث تراجعت هذه الاتهامات مع إعلان سعد الدين العثماني أمينا عاما لحزب "المصباح"، خلفا لعبد الإله بنكيران. ويبدو أن "الزعيم بنكيران" كان نقطة قلق بالنسبة إلى الصحافة المصرية، منذ تعيينه رئيسا لحكومة ما بعد "حراك 20 فبراير"، خاصة أن مواقف "العدالة والتنمية" وقيادييه كانت تدعم تقلد "الإخوان المسلمين" لمقاليد الحكم بعد ثورة 25 يناير" وخرجت "زعامة إخوان المغرب" في أكثر من موقف ووقفة ومسيرة للوقوف في صف إخوان مصر بعد حادثة "رابعة" ووصفها لأحداث "30 يونيو" بالانقلاب تماشيا مع رواية "أتباع الرئيس محمد مرسي". الإعلام المصري، وفقا لعدد من التقارير التي رصدتها هسبريس، تحاشى وصف العدالة والتنمية بإخوان المغرب، ما عدا في تقرير واحد، حيث اكتفت جل التقارير الصحافية المصرية بنقل خبر انتخاب العثماني زعيما جيدا على رأس "المصباح"، دون الدخول في أي تفاصيل أو تعليقات عهدها القارئ المغربي من قبيل "فرع التنظيم العالمي للجماعة الإرهابية". صحيفة "البوابة نيوز" نقلت خبر المؤتمر الوطني الثامن لحزب العدالة والتنمية بنشرها لتفاصيل انتخاب العثماني، مكتفية بوصفه بالحزب الإسلامي، مضيفة أن انتخاب العثماني "ينهي مسألة أن يكون رئيس الحزب رئيس الحكومة كما كان يحدث في الأشهر الأخيرة"، وأن "الحزب اختتم بذلك أفضل فترة على مستوى الانتخابات حيث فاز في دورتين تشريعيتين متتاليتين في 2011 و2016". الصحيفة عمدت إلى الإطراء على العثماني على حساب بنكيران، بالقول "لكن اختتم أيضاً فترة أكثر توتراً في العلاقات بين بنكيران والملك محمد السادس. ويتمتع العثماني، وهو طبيب نفسي، بشخصية أكثر رصانة من بنكيران ويتمتع بقدرة أكبر على التفاوض؛ ما يؤدي إلى توقع مرحلة أقل صداماً مع القصر". وفي تقرير آخر، أفردت الصحيفة ذاتها مقالا عن إصدار العثماني، التي قالت إنه "منتم لحزب العدالة والتنمية (فرع الإخوان في المغرب)"، لدراسة سابقة حول "الدولة الإسلامية: المفهوم والإمكان"، قالت إنها "اعتبرت وقتها طفرة غير مسبوقة في الفكر الإخواني.. وعاد إليها بعض شباب جماعة الإخوان هذه الفترة في مصر، مستندين إليها فيما عرف ب"مراجعات فكرية وتصحيحاً لمفاهيم مختلطة تورطت فيها الجماعة أثناء تربيتها لشبابها". أما يومية "اليوم السابع"، فاكتفت بنقل قصاصة خبرية استندت فيها على بلاغ للأمانة العامة للحزب الإسلامي، تصف فيها العدالة والتنمية بالمعتدل، الذي يقود الحكومة المغربية للولاية الثانية على التوالي، لافتة إلى كون "العثماني، الذي عينه العاهل المغربي في مارس الماضي رئيسا للحكومة، سبق ان شغل منصب الأمين العام للحزب في الفترة من 2004 إلى 2008". وتعليقا على انتخاب العثماني على رأس "المصباح"، قالت صحيفة "الفجر": "انتخب إخوان المغرب سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، ذراعهم السياسية، خلفا للأمين العام المنتهية ولايته، عبد الإله بنكيران"، مضيفة أن "سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والعضو البارز في حزب العدالة والتنمية، تنافس مع إدريس الأزمي الإدريسي، الرجل المقرب من عبد الإله بنكيران، على الأمانة العامة للحزب".