ربط محمد عبد النبوي، الوكيل العام لمحكمة النقض، ورئيس النيابة العامة، استقلالية القضاء بالديمقراطية في الأنظمة السياسية، مؤكدا اليوم الجمعة بالرباط أنه "كل ما أوغل النظام السياسي في الديمقراطية كلما تم منح القضاء استقلالية أكبر". وقال عبد النبوي، الذي كان يتحدث في الندوة العلمية التي نظمتها الجمعية المغربية للقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن الدساتير المغربية كانت تنص على استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، لكنه أصبح مع دستور 2011 سلطة مستقلة، مبرزا أن الاستقلالية تهدف إلى إبعاد القضاء عن الجانب الإيديولوجي والسياسي للسلطتين التنفيذية والتشريعية. عبد النبوي، وهو يبرر أسباب عدم خضوع النيابة العامة للمساءلة أو المحاسبة من قبل البرلمان، أعلن أن الهدف هو إعطاء القاضي الحرية في الإبداع والاجتهاد لضمان قرارات مستقلة، تطبيقا للقانون، مشددا خلال مناقشته للجدل الذي أثير حول من سيراقب النيابة العامة بعد الاستقلالية على أن "المراقبة الأسمى للنيابة العامة تتم من طرف الملك، باعتباره رئيسا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية". في هذا الصدد رفض الوكيل العام للملك بمحكمة النقض تهمة التغول التي لحقت النيابة العامة بعد الاستقلالية؛ "لأن رئيس النيابة العامة أصبح بدون أنياب ولا مجال للحديث عن التغول"، مبررا ذلك بأنه "لا يمكن أن يعاقب القضاة أو يؤدبهم، لكون الوكيل العام لا يترأس المجلس، بل هو عضو ضمن باقي الأعضاء؛ كما أن هناك ضمانات لاستقلالية القضاء وضعها المجلس الأعلى للسلطة القضائية"، وفق تعبيره. وضمن مداخلته التي كانت حول "استقلالية السلطة القضائية في دستور 2011"، قال عبد النبوي إن "الدستور المغربي لسنة 2011 جعل القضاء لأول مرة سلطة، نص المشرع على أن تُمارس من طرف القضاة فعليا"، موردا أن الأمر "يهم جميع القضاة بالمحاكم، سواء قضاة الحكم أو النيابة العامة، ما يجعلهم ينتمون إلى السلطة القضائية الموحدة المتسمة بالاستقلالية". ونبه المتحدث نفسه إلى أن "السلطة القضائية تقتصر على قضاة التنظيم القضائي، إذ يخرج منها القضاة غير المشمولين بهذا التنظيم، كالمحكمة الدستورية، والمحاكم المالية بالمجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية"، مبرزا أنه "إذا كانت السلطة تسير من طرف القضاة، فإن تسيير هذه السلطة يخضع للمجلس الأعلى للسلطة القضائية". وفي وقت تنص القوانين المنظمة للمجلس على أنه "أعلى جهاز لتسيير السلطة، من خلال تدبير الوضعية للمهن للقضاة، وحماية استقلال القاضي، ووضع التقارير وإصدار التوصيات حول منظومة العدالة"، شدد عبد النبوي على أن تدبير السلطة القضائية يتم كذلك من النيابة العامة، التي أصبحت مستقلة منذ أكتوبر الماضي، معتبرا أن طريقة تعيين رئاسة النيابة العامة تختلف عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية. "الدستور لم يتحدث عن رئاسة للنيابة العامة، لكنه تحدث عن سلطة يخضع لها قضاة النيابة العامة، الذين يخضعون للتعليمات الكتابية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها، من خلال الفصل 110"، يقول عبد النبوي في رده على النقاش الذي أثير حول عدم تنصيص القوانين المنظمة للسلطة القضائية على قانون لاستقلالية النيابية العامة، مضيفا أن ذلك نص عليه كذلك الفصل 116، من خلال التأكيد على ضرورة مراعاة تقارير التقييم للسلطة التابعة لها، وهي سلطة مستقلة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية. رئيس النيابة العامة يرى أنه "كان هناك نقاش حول خضوع النيابة العامة كما في السابق لوزير العدل، ولكن القانون التنظيمي انتصر لكونها سلطة هرمية مستقلة عن السلطة التنفيذية؛ وهو نقاش كان حاضرا خلال الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة"، مشيرا إلى أن اختيار الوكيل العام للملك بمحكمة النقض رئيساً مرده إلى كونه أعلى قاض في النيابة العامة، وبالنظر إلى الهبة التي يتوفر عليها، لذلك تم اختياره لرئاسة النيابة العامة، ليضيف أنه ليس له صلاحيات في تدبير الوضعية المهنية، لكنه يدبر مهامه اليومية من خلال نقل الصلاحيات القضائية لوزير العدل سابقا.