إذا لم تستطع أن تنصر مسلمًا ، فلا يجب أن تبقيه مسلمًا حقيقيًا ، قاعدة خبيثة أرساها منظّر الإرساليات التنصيرية في العالم الإسلامي صموئيل زويمر- منذ عقود عدة ، وعلى هذه القاعدة سارت خطى المنظمات التنصيرية لتنفيذ مخططها الخبيث في جنبات الأمة الإسلامية سعيًا لتذويب هوية هذه الأمة وتحويل عقيدتها إلى مسخ مشوه يجعلها سهلة المنال في أي مواجهة . وقد استهدفت المنظمات التنصيرية في الفترة الأخيرة قطاعات عديدة في العالم الإسلامي ، ويعود ذلك في المقام الأول إلى الحرية الشديدة التي تتمتع بها هذه المنظمات ، أضف إلى ذلك أنها تلعب في هذا الميدان وحدها بعد أن نجحت الولاياتالمتحدةالأمريكية في تجفيف منابع جمعيات الإغاثة الإسلامية التي كانت بمثابة حائط الصد الأول ضد مؤامرات الإرساليات التنصيرية .وتقود هذه الإرساليات حاليًا حملة شرسة لتنصير الشعب المغربي المسلم ، والذي كانت أرضه على مدار التاريخ ولا زالت قلعة حصينة للإسلام ، ولم تفلح الحملات الاستعمارية وأبرزها الاحتلال الفرنسي الذي بدأ عام 1912 في تحويل المغاربة عن دينهم الحنيف، ولكن هذا الفشل لم يصب هذه المنظمات باليأس ، بل جعلها تواصل مساعيها لتحقيق هذا الهدف والذي ظهر جليًا في اجتماع مجلس كنائس الشرق الأوسط الذي عقد اجتماعًا في ولاية ميتشجان الأمريكية ، وكرسه لاستعادة مجد الصليب في عموم أراضي المغرب العربي أو مراكش كما يطلقون عليه والتي يزعمون أنها كانت أراض مسيحية . ويعود تاريخ التنصير في المغرب إلى عام 1915 عندما وصلت أول بعثة تنصيرية فرنسية إلى الأراضي المغربية تابعة لمؤسسة اسيرام- الفرانكفونية التنصيرية ، التي احتمت بقوات الاحتلال الأسباني، والتي اتخذت من منطقة الريف المغربي ومناطق البربر محطة للانطلاق في كامل التراب المغربي عبر الاهتمام بأيتام المسلمين في مدينة طنجة ، وأطلس الجنوب ، وتنصيرهم مقابل الخبز والماء ، ثم إرسالهم ليكونوا مرتزقة في خدمة الجيش الفرنسي الاستعماري في حروبه ضد الشعوب المسلمة وغير المسلمة . ورغم الجهد الكبير والإنفاق اللامحدود لهذه المنظمة إلا أن النتائج التي حققتها كانت ضئيلة جدًا ، حيث لم تفلح في تنصير مغربي واحد بفضل العلماء وانتشار المراكز الدينية ومراكز تحفيظ القرآن في المغرب ، التي حالت دون انتشار السم التنصيري في الجسد المغربي ، وبقدر ما كان هذا الفشل مثيرًا للإحباط بقدر ما كان دافعًا لتغيير الأساليب والتي تطورت بشدة في المرحلة الأخيرة ، وأخذت شكلاً جديدًا ، فلم يعد يقتصر على التبشير بالنجاة على يد يسوع وتقديم خدمات اجتماعية وصحفية ودعم لإنشاء المدارس والمستشفيات ، لكنها أخذت طابعًا عمليًا بتحويل القداس من يوم الأحد إلى يوم الجمعة وإيهام المسلمين بأفضلية الدين المسيحي عن نظيره الإسلامي ، خصوصًا النهاية السعيدة في الدار الآخرة مهما ارتكب المسيحي من أخطاء ، بعكس الدين الإسلامي الذي يتحدث كثيرًا عن عذاب القبر وما يلاقيه المسلم من مشقة وعدم تمتع روحه بالطمأنينة التي يمنحها له يسوع!! تغلغل ولا يقف هذا المخطط عند ذلك بل إن هذه المنظمة أغرقت الأراضي المغربية بنشر مراكز التنصير في مدن المغرب المختلفة، لتعليم المواطنين دروسًا في مبادئ النصرانية باللغات الثلاث الرسمية (عربية فرنسية أمازيغية- )لتستطيع تحقيق أهدافها المنشودة ، وتعتمد هذه الإرساليات التنصيرية على عدد من الأسباب للتغلغل في أوساط المواطنين المغاربة ، أهمها الضحالة والجهل بمبادئ الدين الإسلامي وتفشي الفقر والبطالة التي يعاني منها ما أغلبية المواطنين المغاربة ، وكذلك استغلال وجود حالة من الهلع وسط الشباب المغربي أن الإسلام دين العنف والتشدد والتركيز على هذا الأمر ، والزعم أن المسيحية لا تحرم الموسيقى ولا الفنون كما يفعل الإسلام ، بل إن هذه الإرساليات نظمت رحلات إلى المدن الأوروبية لفتيات مغربيات لمدد طويلة وبموافقة الحكومة المغربية حتى يبتعدون عن الإسلام المتعصب كما يقولون . مزاعم وقد زعمت الإرساليات التنصيرية أنها حققت نجاحات كبيرة في الأراضي المغربية أسهمت في اعتناق أكثر من 7000 مواطن مغربي للمذهب البروتستانتي النصراني ، وهو رقم كبير جدًا ومبالغ فيه، إلا إذا كانت هذه الإرساليات تظن أن كل مواطن مغربي دخل مقراتها أو تلقى دعمًا منها قد ارتد عن الدين الإسلامي خصوصًا أن هناك روايات وتأكيدات من جهات مغربية متعددة تؤكد أن هناك مواطنين يزعمون اعتناق النصرانية لفترة حتى يستطيعوا الحصول على معونات مالية أو تأشيرات سفر لأوروبا ، فإذا حققوا هذا الهدف عادوا إلى الإسلام وأشهروا إسلامهم أمام جهات دينية رسمية . ذعر وهلع الرقم الضخم الذي أعلنته المنظمات البروتستانتية خلق حالة من الهلع في الأوساط الرسمية والشعبية المغربية؛ لدرجة دفعت الفريق البرلماني لحزب الاستقلال المغربي لطرح هذه القضية في البرلمان المغربي ، والتأكيد على أن مراكز التنصير تملأ المدن المغربية بدءًا من الرباطوالدارالبيضاء مرورًا بطنجة وتطوان ومناطق الريف وأطلس الجنوب والمناطق الصحراوية ، فضلاً عن المناطق الأمازيغية ، مشيرة إلى الدور السلبي للسفارات والهيئات الدبلوماسية الأجنبية خصوصًا الأمريكية والفرنسية في البلاد . ونبهت المناقشات البرلمانية إلى أن جماعات التنصير أغرقت المغرب بأناجيل متى ومرقس ، ولم تعد تقتصر أنشطتها على تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والرياضية ، بل إنها اخترقت جميع المحلات وأصبحت تعقد اجتماعاتها لتنصير المغاربة بصورة علنية ، وهو ما اعترفت به وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية المغربية ، التي أكدت في ردها على المناقشات البرلمانية أن أكثر من 150 منصرًا غربيًا يمارسون أنشطة مشبوهة في عديد من مدن البلاد . مخاوف ويكشف هذا الاعتراف أن أجهزة الدولة المغربية على علم تام بتحركات المنظمات التنصيرية ، لكنهم يغضون الطرف عنها لتحقيق عدد من الأهداف ، أهمها كما يقول المراقبون ، خشية النظام المغربي من إدانة دولية في مجال حقوق الإنسان ، خصوصًا بعد أن صدرت تقارير من جهات دولية تدين الإجراءات العدائية التي اتخذتها السلطات ضد شباب ومواطنين اعتنقوا النصرانية .. كما أن للمغرب علاقات وثيقة جدًا بالفاتيكان ، وهذه العلاقة سمحت للجنة الفاتيكان للتبشير بالعمل في طول وعرض الأراضي المغربية بحرية تامة ، وهذا الأمر رغم خطورته لا تستطيع الحكومة الاعتراض عليه ، حيث إن أي مقاومة ستعرض سمعة المغرب كبلد يعكس التسامح والتعايش السلمي بين الديانات المختلفة للخطر .. ناهيك عن أن السماح بحرية العمل لمنظمات التنصير سيسهم في تلقي المغرب لمعونات غربية ، ويفتح الباب واسعًا أمام حركة الاستثمارات الأجنبية التي يحتاجها الاقتصاد المغربي المتداعي ، كما أن خطب ود العم سام الأمريكي ونيل حظوته يعد سببًا رئيسيًا لفتح أبواب المغرب أمام جحافل التنصير التي أصبحت تنظم رحلات داخلية للأيتام المغاربة وتؤسس عددًا من المنشآت لرعاية الفقراء والمرضى، وتقدم معونات لأطفال المدارس كستار لنشاطها التنصيري المدمر صرخة تحذير الدكتور أحمد عبد الرحمن الخبير في شئون المغرب العربي والتنصير- يرى أن التنصير ومؤسساته قد خطت خطوات جبارة في المغرب عبر إنشاء مئات المؤسسات وإغراق المغرب بآلاف المنصرين ، واختراق هذه المؤسسات للتراب المغربي ، إلا أن هذه الخطوات لم تحقق نتائج تذكر ، ولم تنجح في تنصير مغربي واحد حتى الآن ، ولكن هناك أمر خطير يجب التنبيه إليه ، وهو أن هذه المؤسسات تتجه بالمغرب نحو التغريب التام والسير في مخطط جهنمي لإضاعة وتذويب العقيدة الإسلامية ومظاهرها وإحلال العقائد النصرانية محلها . وأضاف أن المساعي المنظمة لهذه المنظمات المشبوهة تجعلنا نتحسس رقابنا .. فما حققته في كل من باكستان وإندونيسيا ، يمكن أن يتحقق في المغرب إذا استمر الصمت الحكومي المريب على هذه الأنشطة التي تنامت بقوة بعد دخول الكنيسة البروتستانتية الأمريكية للعمل بقوة ، والتي تعد أعتى الكنائس على الإطلاق ، وأكثرها دعمًا لحركات التنصير.. مشيرًا إلى أن الضعف السياسي والعقائدي للحكام العرب يغري المنظمات التنصيرية ويجعلها تعتبر هذه الظروف فرصة ذهبية لتحقيق آمالها بتنصير الشعب المغربي ، وهوما يتطلب وقفة جادة جدًا تأخذ شكلاً مؤسسيًا عربياً وإسلاميًا لمواجهة هذا الغول التنصيري ، لأن مواجهة دولة واحدة لن يجعلها تستطيع الوقوف ضد هذا الخطر الرهيب . ""