فيما يشبه توقيعا لشهادة وفاته السياسية، أعلنت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية تغليبها للتأويل القاضي بعدم إمكانية طرح تعديل النظام الأساسي للحزب أمام المؤتمر، لقطع الطريق على محاولة أنصار الولاية الثالثة نقل المعركة إلى هذه المحطة المرتقبة الأسبوع المقبل. ولجأت الأمانة العامة، التي غاب عنها عبد الإله بنكيران، إلى ما اعتبرته موافقته السابقة على "أن المؤتمر الوطني إنما يكون مختصا بالمصادقة على المشاريع المحالة عليه والمدرجة في جدول الأعمال الذي يعتبر المجلس الوطني هو صاحب الكلمة الفصل في إعداده"، موردة أنه "سبق أن أكد عليه الأمين العام خلال انعقاد المجلس الوطني، وعلى أساسه تم اعتماد والمصادقة على المشاريع المحالة عليه، وحين أكد أيضا بعد انتهاء أشغاله من أن القرارات الصادرة عنه هي قرارات مؤسساتية لا غبار عليها". من جهة ثانية، اختارت قيادة حزب "المصباح"، التي يسيطر عليها تيار الوزراء، أن تشيع الأمين العام المنتهية ولايته تنظيميا، معبرة عن تثمينها بصفة خاصة للدور المتميز الذي اضطلع به خلال المرحلة التي تولى فيها مسؤولية الأمانة العامة، مشيدة بما تحقق للحزب خلالها من إشعاع ومن مكتسبات، وإلى جانبه كل قيادات الحزب ومناضليه كل حسب موقعه. وأكدت الأمانة العام لحزب العدالة والتنمية، في بلاغ لها توصلت هسبريس بنسخة منه وقعه سليمان العمراني نائب عبد الإله بنكيران، أن نتائج تصويت المجلس الوطني إنما هي نتيجة تقديرات لا تقلل من ذلك الدور أو من مكانته داخل الحزب حاضرا ومستقبلا، مؤكدة ثقتها في أنه لا شيء سيثنيه عن مواصلة دوره الإصلاحي الوطني وفي تعزيز البناء الديمقراطي – كما كان دوما - إلى جانب إخوانه في الحزب، وإلى جانب كافة القوى الإصلاحية في البلد وفي نطاق ثوابت البلاد ومقوماتها الأساسية. ومباشرة بعد بلاغ الأمانة العامة لحزب "المصباح"، خرج المناصرون للولاية الثالثة ليعلنوا رفضهم للتفسير الذي قدمته الأمانة العامة للحزب، معلنين أنهم سيقدمون طعونا إلى لجنة التحكيم الوطنية للبت في الخلاف؛ وذلك بناء على المادة ال104 من النظام الأساسي لحزب العدالة والتنمية، التي تنص على أن الأمانة العامة تتولى تفسير مواد النظام الأساسي للحزب وعند التنازع يحال على هيئة التحكيم الوطنية التي تبتّ فيه. وفِي هذا الصدد، قدم إبراهيم بوحنش، المؤتمر عن مدينة مراكش، أول طعن بمذكرة قانونية، يعلن من خلال رفضه تفسير الأمانة العامة للنظام الأساسي للحزب، مشيرا إلى أن "تفسير الأمانة العامة وما ترتب عنه خلال أشغال المجلس الوطني، المنعقد بتاريخ 25 و26 نونبر 2017، يكون قد منع المؤتمر الوطني من ممارسة صلاحياته في تعديل النظام الأساسي للحزب والمصادقة عليه". ودعت مذكرة الطعن إلى "إلغاء تفسير الأمانة العامة للنظام الأساسي للحزب، ولا سيما في ما يخص صلاحيات كل من المؤتمر الوطني والمجلس الوطني في اعتماد تعديلات النظام الأساسي والمصادقة عليها، وكذا إلغاء كل القرارات التي اتخذتها هيئات الحزب بناء على التفسير المطعون فيه"، مطالبة بترتيب الإجراءات القانونية اللازمة من أجل ضمان حق المؤتمر الوطني في تعديل النظام الأساسي للحزب والمصادقة عليه.