يحمل توفيق عبوزة، وهو طالب مهندس بالمدرسة المحمدية للمهندسين، مشروعاً متفرداً يتمثل في إنشاء مقاولة لإحداث مراحيض جافة إيكولوجية لتسويقها في المغرب، كبديل عن المراحيض العمومية التقليدية. وقدم الطالب المهندس هذا المشروع بمدينة الرباط، على هامش اليوم العالمي لدورات المياه الذي تم تخليده في العاصمة من طرف جمعية النساء للبيئة، وقال لهسبريس إن فكرة سترى النور قريباً. وأوضح الطالب المهندس، في حديث لهسبريس، أن المراحيض الجافة تعتمد على معالجة الفضلات البشرية الصلبة والسائلة بطريقة إيكولوجية عبر إعادة استعمالها كفحم نباتي وأسمدة عضوية. وسيستفيد الطالب الشاب في إخراج فكرته إلى الوجود من اتفاقية وقعها مع منظمة التعاون الألماني GIZ بالمغرب، التي تشتغل في هذا المجال بالبلاد منذ 2011، بعدما نجح في كسب ثقتها بإعداد للمشروع بشكل متكامل. يحمل المشروع اسم "saneco"، أي مراحيض إيكولوجية، من أبرز مميزاتها عدم استعمال الماء في التطهير، كما يمكن تنقيلها إلى أي مكان نظراً لعدم ارتباطها بأي شبكة للتطهير السائل. هذه الخصائص، حسب المهندس المغربي، ستساهم في جهود المغرب في ما يخص الحفاظ على الموارد المائية، خصوصاً أن ندرة المياه أصبحت مشكلة تؤرق بال دول العالم، ومن بينها المغرب. ويشرح الطالب المهندس أن فكرته تقوم على تجميع الفضلات لنقلها إلى مكان المعالجة بطرق حديثة، من أهمها التفكيك الحراري pyrolyse، ويعنى بها عملية التحلل الكيميائي لمركب عضوي من خلال تسخينه بدرجات عليا من الحرارة. أما بخصوص الفضلات السائلة، فيشرح توفيق عبوزة أن تثمينها يحتاج إلى مدة ثلاثة أشهر لتعقيمها بعملية التصفية التي تتيح فصل الشوائب، ليتم استعمالها كسماد، تكون له نتيجة أكثر من الأسمدة العادية. فكرة كهذه يرى البعض أن فلسفتها كانت تستخدم في مناطق قروية في السابق بالمغرب، خصوصاً في الجنوب الشرقي، ويطلق عليها "الكانيف"، وهي ممارسة كانت منتشرة تعتمد على طمر نفايات المراحيض وخلطها مع الرماد. ويقر الطالب المهندس بأن إحداث هذه المراحيض الجافة الإيكولوجية مكلف من الناحية المادية، لكن فائدتها الإيكولوجية كبيرة جداً، لأنها تستعمل الطاقة الشمسية، ولا تعتمد استعمال الماء بشكل مفرط. ويتابع توفيق عبوزة دراسته في السنة الثالثة بالمدرسة المحمدية للمهندسين بشعبة الهندسة المعدنية تخصص "الهيدروجيولوجيا (علم المياه الجوفية)، وتبلورت لديه هذه الفكرة حين كان ضمن ناد في المدرسة المحمدية ENACTUS أثناء اشتغاله على موضوع المقاولة الاجتماعية. وقال المهندس عبوزة حول هذا الموضوع: "كنا قد اشتغلنا على هذا المشروع في نواحي مدينة الجديدة، لكنه لم يكتمل، فقررت استكمال البحث وشاركت في مسابقة داخل المدرسة وفزت بالمرتبة الثالثة، كما شاركت في المسابقة الوطنية التي نظمتها "أورانج" وفزت بالمرتبة الثالثة، وربحت مبلغاً مالياً سأعتمد عليه لخلق مقاولة في مستقبل القريب". وفي بعض الدول الأوروبية، يستعمل هذا الاختراع البيئي الجديد لمساعدة أصحاب المنازل والشركات على توفير حوالي 27 بالمائة من فواتير المياه الخاصة بهم، وكذا وقف الرائحة المنبعثة من قنوات الصرف المكشوفة..ميزته الأساسية أنه لا يتطلب توصيلات مع نظام الصرف الصحي المعتمد على أعمال السباكة والتوصيل، دون الحاجة إلى خزانات الصرف الصحي. وتسمى أيضاً هذه بالمراحيض البيولوجية أو "مراحيض السماد". جدير بالذكر أن المراحيض العمومية في المغرب تعرف خصاصاً كبيراً، فحسب أرقام جمعية النساء للبيئة فإن 1 من كل ثلاثة أشخاص بالمغرب لا يتوفرون على مراحيض لائقة، و8 في المائة من المغاربة لازالوا يقضون حاجتهم في الهواء الطلق. وتفيد الأرقام نفسها بأن 34 في المائة من سكان القرى يفتقرون إلى المرافق الصحية، فيما تعرف 6000 مدرسة عبر ربوع المملكة غياباً للتجهيزات الصحية، الأمر يعتبر عاملاً من عوامل الهدر المدرسي، خصوصاً لدى الفتيات.