أثارت حادثة الصويرة نهاية هذا الأسبوع ردود فعل العديد من المغاربة، الذين استنكروا الحدث الماساوي،و الذي راح ضحيته نساء أرامل وفقراء، وذلك خلال تدافعهم من أجل الحصول على مساعدات خيرية لا تتعدى قيمتها مائة درهم في غالب الأحوال. بعد أن تداولت وسائل الإعلام الوطنية والدولية نبأ الفاجعة، أصدر العاهل المغربي تعليماته لفتح تحقيق في القضية، وانتقل العديد من المسؤولين في وزارة الداخلية إلى جماعة "سيدي بوعلام" التابعة إداريا إلى إقليمالصويرة. وكالعادة، سيتم تحديد المسؤوليات، وسيتم تقديم أكباش فداء، وسيتم أيضا التغاضي على أن الخلل الحقيقي يكمن في منظومة سياسيات مترابطة، لها ارتباط وثيق بلوبيات يتحكمون في السياسية والاقتصاد وغيرها.. إن هذا الحادث التراجيدي يحمل في ثناياه مضامين وأبعاد ليست بالبسيطة، بل يقدم إجابة صريحة لفشل ما تسميه الاتجاهات الرسمية ب "مسلسل التنمية"، إضافة الى أنه عرى الصورة "المثالية" التي أضحت الدولة المغربية تسوقها للخارج، وذلك لشرعنة مجموعة من المقولات والأطروحات التي روجت في تاريخ المغرب المعاصر، وزاد ترويجها بعد أحداث "الربيع العربي "في نسخته المغربية. صفوة القول ،فاجعة الصويرة ليست فقط سوى صورة مصغرة للتناقض الذي يعيشه المغرب بين سياسياته المرسومة -إن كانت مرسومة فعلا - وبين واقعه الفعلي، الذي ما زال يحتاج الى مجهودات صريحة وواضحة، في التشخيص، ورسم سياسيات عمومية ناجعة، وتقييمها ، وذلك بعيدا عن لغة "التطبييل" و التهليل !!! *باحث مغربي مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية