تزامنا مع إصدار القضاء الفرنسي الأسبوع الماضي حكماً بسجن عبد القادر مراح لمدة 20 عاماً بعد إدانته بالتخطيط لمؤامرة إرهابية؛ وهو شقيق محمد مراح، العقل المدبر الذي نفذ هجمات في مدينتي تولوز ومونتوبان سنة 2012، دعت لطيفة ابن زياتن، الفرنسية من أصل مغربي ووالدة الجندي عماد بن زياتن الذي قتل في الأحداث ذاتها، إلى إنقاذ الشباب الذين سقطوا في براثين التطرف والإجرام. وأكدت لطيفة ابن زياتن، التي أسست جميعة "عماد ابن زياتن من أجل الشباب والسلام"، على ضرورة مساهمة الجميع اليوم، سلطات ومواطنين، في محاربة الإرهاب بالحوار والتفاهم والتربية الأخلاقية، وليس عبر الطرق التقليدية المتمثلة في "العنف المضاد". وتكمنُ مقاربة رئيسة جمعية "عماد"، كفاعلة في مكافحة الإرهاب الذي حرمها من ابنها، في تعليم التلاميذ في المدارس معنى الأخلاق والتربية والانفتاح على القبول بالآخر، وقالت في تصريح لهسبريس على هامش مشاركتها في منتدى "ميدايز" بمدينة طنجة: "العنف لن يؤدي إلى حل المشاكل، بل يجب الاهتمام بقضايا الشباب والدفاع عنهم منذ الصغر وليس إلى حين فوات الأوان". وأكدت الناشطة، التي قضت منذ مقتل ابنها على يد الفرنسي من أصل جزائري خمس سنوات في العمل الجمعوي من أجل مكافحة التطرف، أن فرنسا التي كانت قبلة للعديد من هجمات الإرهابية "فرطت في الشباب؛ الأمر الذي جعل الكثيرين منهم يسقطون ضحايا لتنظيم "داعش"". وفي رسالة إلى المسؤولين بفرنسا والمغرب، قالت ابن زياتن والدموع تُغالبها: "أنا أقول كأم راح ابنها ضحية الأحداث الإرهابية علينا جميعاً كمواطنين وسلطات، داخل المغرب وخارجه، الاهتمام بالشباب ولو بنسبة 3 في المائة، من أجل أن نحمي بلادنا وأطفالنا مستقبلاً"، وشددت على ضرورة منح الكلمة لهذه الفئة، و"ليس تهميشها كما يجري اليوم من طرف الحكومات". وزادت المتحدثة ذاتها: "أنا ضحية من ضحايا الفكر الظلامي، وأحمل في قلبي جُرحاً سيبقى دفيناً مدى حياتي، ولكنني وعدت ابني عماد بأن أقف بجانب الشباب أمثاله لكي لا يسقط ضحايا آخرون ولكي لا تتألم أمهات أخريات". كما انتقدت ابن زياتن تعامل السلطات الفرنسية مع السجناء من أصول مغربية، قائلة: "نحن نساهم بشكل أو بآخر في زرع الحقد في هؤلاء الشباب..لقد قابلت العديد ممن تعرضوا للإهانة طيلة فترة سجنهم بسبب الإسلاموفوبيا، ويتم نعتهم ب"بو لحية والداعشي""، قبل أن تتساءل: "كيف يُريدون أن يندمج هؤلاء وسط المجتمع الفرنسي؟". وسبق للملك محمد السادس أن أشاد بالمبادرات التي تقوم بها لطيفة ابن زياتن، من خلال الجمعية التي أسستها، لنشر ثقافة السلم والتسامح والعيش المشترك، معبرا عن تقديره لرد فعلها الرصين والحكيم، وقال في رسالة بمناسبة إحياء الذكرى الخامسة لوفاة عماد ابن زياتن: "بدل أن تستسلم لمشاعر اليأس، وتخضع لنزوعات الغضب والكراهية، برهنت السيدة لطيفة ابن زياتن أنها مثال حي للصبر والتسامح". وأكد الملك أن ابن زياتن استطاعت "بإرادة قوية، ووعي متميز، أن تبعث رسالة أمل وسلام، وأن تقول لدعاة الإرهاب إنهم لن ينالوا منا، ومن عزيمتنا على العيش المشترك"، مضيفا: "إننا نحيي فيها اعتزازها بالانتماء إلى وطنها المغرب، وتشبثها بمقدساته، إذ اختارت دفن فقيدها في أرض أجداده. كما نقدر اندماجها داخل المجتمع الفرنسي، كمواطنة مسؤولة، واحترامها للقيم والقوانين الفرنسية"، معبرا عن تقديره ل"الجهود الخيرة، والمبادرات البناءة، التي تقوم بها لتوعية الشباب، وتربيتهم على قيم التسامح والانفتاح وقبول الآخر".