خص الملك محمد السادس، عائلة عماد بن زياتن، المغربي الذي قتل في حادث إرهابي بتولوز سنة 2012، برسالة ملكية، في ذكرى وفاته الخامسة، خلال الحفل التأبيني الذي أقيم اليوم السبت في مدينة المضيف. وقال الملك :"هي مناسبة، تمتزج فيها مشاعر الألم والأمل، لما تحمله من معاني ودلالات متناقضة. أما الألم، فيأتي في سياق استحضار فقدان أم وعائلة لابنها، وهو في ريعان شبابه ؛ حيث نشاطرهم اليوم، كما تقاسمنا معهم بالأمس، مشاعر الحزن لاغتيال إنسان بريء، خلال القيام بواجبه المهني والوطني. وأما الأمل، فمبعثه الإجماع على رفض الإرهاب، وكذا المبادرات الإيجابية، التي انبثقت بعد هذا الحادث، وفي طليعتها، ما تقوم به والدة الفقيد السيدة لطيفة بن زياتن، من خلال الجمعية التي أسستها، لنشر ثقافة السلم والتسامح والعيش المشترك". وأضاف الجالس على العرش :"إننا نستشعر مرارة فقدان أم لابنها، ونستحضر مكانته في قلبها. ولكننا في نفس الوقت، نقدر رد فعلها الرصين والحكيم، عقب هذا المصاب الأليم. فبدل أن تستسلم لمشاعر اليأس، وتخضع لنزوعات الغضب والكراهية، فقد برهنت السيدة لطيفة بن زياتن أنها مثال حي للصبر والتسامح. كما أبانت عن قدرتها، بكل عزم وتبصر، على تحويل الآلام إلى آمال، والحقد إلى محبة، والموت إلى رافعة للتمسك بالحياة. واستطاعت، بإرادة قوية، ووعي متميز، أن تبعث رسالة أمل وسلام، وأن تقول لدعاة الإرهاب، أنهم لن ينا ولوا منا، ومن عزيمتنا على العيش المشترك". وقتل عماد، على يد الجزائري-الفرنسي محمد مراح، الذي كان على متن دراجة نارية صغيرة، وهو نفس الشخص الذي أطلق في 15 من الشهر نفسه، النار على ثلاثة جنود في مونتوبان على مسافة 50 كلم من تولوز، حيث قتل اثنين منهم، فيما أصاب الثالث بجروح، كما قام بعد أربعة أيام من ذلك بقتل أستاذ وثلاثة أطفال يهود في مدرسة عوزار هاتورا، مستخدما سلاحا أوتوماتيكيا، قبل أن يحاصر داخل منزله ويقتل من طرف عناصر الأمن الفرنسي. لطيفة بن زياتن، والدة عماد، ومنذ مقتل ابنها، أخذت على عاتقها أن تحول قصته إلى معركة من أجل السلام، وفتحت مركزا لمواجهة التطرف في فرنسا باسم "بيت عماد" فبراير الماضي، وتستعد لفتح مركز ثاني في المغرب، قريبا. وتشجيعا من فرنسا على مجهوداتها ودعوتها الشاب للسلم والسلام، حصلت نونبر 2015 على جائزة الوقاية من النزاعات، من طرف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. وكشف الناجي الوحيد من عملية القتل التي راح ضحيتها المغربي عماد بن زياتن، مارس سنة 2015 عن تفاصيل الألم والعذاب الذي تعرض له منذ الحادث المسلح، الذي ألزمه الفراش، حيث أصبح مشلولا. وقال الجندي "Loïc Liber" في حوار مع يومية "La dépeche"، حسب ما نشر الموقع في خبر سابق، "أذكر أنني كنت رفقة أصدقائي بالقرب من جهاز الصراف الآلي في مونتوبان، فجأة توقف كل شيء، لم أكن أشعر بأي شيء، فقدت الوعي، واستيقظت على سرير في المستشفى، بعدها شرح لي الأطباء أنني تعرضت لإطلاق نار من الخلف على مستوى الظهر في النخاع الشوكي"، مضيفا:"المجرم مراح أطلق النار علي، ثم أطلق النار على رفيقاي اللذين توفيا.. أحسست لحظتها أنني ميت، لكنني لم أتمكن من رؤية وجهه". وفي أول خروج إعلامي له منذ الهجمات الإرهابية، قال الضحية إنه متشبث بالحياة "أستطيع اليوم تحريك رأسي والكتفين أيضا.. أحاول استرجاع صحتي شيئا فشيئا.. بعدها سيمكنني التفكير في حياتي الخاصة وتأسيس عائلة مع شريكتي، وإن كان ممكنا الانتقال للعيش في جزر جوادلوب". ولم يخف المتحدث ذاته، أن مجرد ذكر اسم "محمد مراح" يزعجه، "لقد دمر حياتي وكل مشاريعي".