ماذا تعني عودة المغرب إلى مؤسسة الاتحاد الإفريقي وطلب انضمامه إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس)؟ كان هذا السؤال من بين المواضيع الرئيسية التي طُرحت للنقاش ضمن فعاليات الدورة العاشرة من المنتدى الدولي "ميدايز"، الذي تحتضنه مدينة طنجة بين 8 و11 نونبر الجاري. مانكير ندياي، وزير خارجية جمهورية السنغال السابق، قال إن قرار المغرب التاريخي العودة إلى بيته الإفريقي كان "حكيما للغاية"، ويصب في اتجاه تحقيق التنمية الشاملة لفائدة شعوب القارة السمراء، وأشار إلى أن مبعوثي الملك محمد السادس استطاعوا في وقت وجيز أن يُقنعوا الدول المعنية بأهمية هذه العودة. وتحدث المسؤول السنغالي، الذي واكب كواليس وتحركات خصوم المغرب داخل أروقة المنظمة الإفريقية لعرقلة طلبه، عن أن قرار المملكة قُبل بأغلبية ساحقة، "وحتى بعض الدول التي عارضت ذلك لم تقدم حُججاً كافية ومقنعة على اعتراضاتها؛ الأمر الذي جعل رئيس الاتحاد ألفا كوندي يتخذ قراره التاريخي". وعاد الدبلوماسي السابق إلى العلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية والدينية التي تجمع المغرب بدول المنطقة، والتي تعززت من خلال توقيع مئات الاتفاقيات والشراكات الثنائية، وأضاف في الصدد ذاته: "المغرب ساهم بشكل كبير في جعل التعاون جنوب جنوب ركيزة أساسية في السياسات الإفريقية، كما عمل على تعميق البعد الإنساني عبر مساهمته في عمليات حفظ السلام والوساطة في عدد من بلدان القارة". وبخصوص وجود جبهة البوليساريو بجانب المغرب داخل الاتحاد الإفريقي، يرى المسؤول ذاته أن "ذلك لن يشكل أي مشكل بالنسبة لأعضاء المنظمة؛ بل إن عددا كبيرا من الدول سحبت اعترافاتها بالبوليساريو بعدما وقفت على حقيقة التنظيم". من جهة ثانية، أكد مبارك لو، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى الوزير الأول السنغالي، أن بلدان المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، وعددها 15 دولة، يمكنها أن تستفيد من التجربة المغربية في المجال الاقتصادي في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها، وأضاف: "دول سيداو تريد أن تباشر تبادلا بينها وبين الاتحاد الأوروبي، والمغرب يمكن من خلال موقعه أن يساعد في هذا الاتجاه، وأيضا بالنسبة للانفتاح على الشرق الأوسط"؛ كما أشار إلى أن المجموعة الاقتصادية ستستفيد من الخبرة والتجربة التي راكمها المغرب في الزراعة والبناء والبنيات التحتية ومجال الطاقة. في الاتجاه نفسه قال جواد كردودي، رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، إن المغرب يمكن أن يساهم في مشروع إصلاح الاتحاد الإفريقي المعروض للنظر على الدول الأعضاء، واعتبر أن "الاتحاد غير مفعل بالشكل المطلوب، كما أنه يعاني من شح المساهمات المالية التي تقدمها الدول الأعضاء، والمغرب يمكنه أن يُعطي نفسا جديدا لتجاوز الركود الحاصل"، حسب تعبيره. وعما سيجنيه المغرب من انضمامه إلى دول غرب إفريقيا، أكد الخبير في العلاقات الدولية أن الرباط سترفع من صادراتها ومعاملاتها التجارية والجمركية وستستورد أكثر من هذه البلدان التي توفر سوقا اقتصادية تتوفر على ميكانيزمات تسهل عملية تنقل الأشخاص، وتوفر بطاقة انخراط وطنية بيومترية. بدوره أبرز محمد متقال، السفير المدير العام للوكالة المغربية للتعاون الدولي، أن المغرب يوفر عرضا شاملا يجمع الأمني والاقتصادي والتنموي ومجال الاستثمار في الموارد البشرية، وزاد: "بلادنا خلال 15 سنة الأخيرة نهجت سياسة انفتاحية مع دول إفريقية عديدة ووقعت معها اتفاقيات غير مسبوقة ستساهم في دعم الشراكات وتطويرها".