ردا على مقالين للمدعو سامر ابو القاسم نشرا بهسبريس على التوالي تحت عنواني : العدالة والتنمية ومعاداة كل الأحزاب – دسائس حزب التقدم والاشتراكية وسامر أبو القاسم هذا ممن يعتبرون أنفسهم زورا وبهتانا النخبة المثقفة الحاملة والمؤسسة للمشروع الحداثي الديمقراطي لحزب الأصالة والمعاصرة وسوف يكون الرد من خلال محورين الأول شرح لمسببات صمت الجرذان الذي كان مطبقا منذ 20 فبراير والتواري البارز عن الأنظار وشرح اخر وتحليل لأسباب الانبعاث من جديد من أجل نفث سموم الاستئصال والثاني رد على بعض التفا هات الواردة في مقاليه . لقد اختفى سامر أبو القاسم عن الأنظار منذ آخر ظهور إعلامي له بالحلقة الأولى لبرنامج نقط على الحروق الذي تبثه القناة الثانية حينها جاور فيه الأستاذ عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية حيث لم يكن سامر قادرا على التمييز بين معنى الحداثة والشذوذ الجنسي ثم اختفى إلى أن ظهر صوتا لا صورة بإحدى برامج محطة إذاعة مجموعة ام اف ام بعيد أحداث أكديم أزيك وحينها كنت أنا من المتصلين وتحديته أن يثبت براءة البام من الأحداث انذاك فلم يكن منه الا الاعتراف برصانة التحليل وقوة الحجة والدليل . ومنذ ذلك الحين وصاحبنا مختف إلى أن أصبح الاختفاء السمة البارزة لكل من كانوا حتى الأمس القريب صقورا تفرش لهم الأبسطة الحمراء أينما حلوا وارتحلوا وتحديدا منذ 20 فبراير والان عادوا وما بوسعنا الا ان نقول لهم : وإن عدتم عدنا . لماذا صمت التراكتوريون كل هذه المدة ؟ كما كان متوقعا لا يمكن أن يصدر من هذه الشريحة الشاحبة والأمية والمفرطة في العمى الإيديولوجي غير هذه الترهات التي تعكس إفلاس الجهة الممولة من جهة وبؤسها من جهة أخرى لأن هؤلاء قاموا بالفعل خلال أيام معدودة بتمييع المشهد السياسي و بمهمة الضجيج والصخب والجعير ومحاولة خلط الأوراق لكنهم فشلوا بكل يقين في تسويغ مشروع الحزب الأغلبي أو الحزب الواحد نفسه وهذا هو الجوهري، فهؤلاء غير قادرين باللغة الفارغة والمعطوبة حتى على تسويق مشروع . المتابع المعتاد للمشهد السياسي بوغت قبل 20 فبراير بعدة شهور وبعد الانتخابات التشريعية الماضية بوجوه جديدة تظهر لأول مرة على الشاشات وعلى صفحات الجرائد تحت عناوين ثقافية أو سياسية أو إعلامية كما لو أن هؤلاء تم إخراجهم على عجل من العتمة إلى الضوء وجميعهم وفي مقدمتهم المدعو سامر أبو القاسم أظهروا وقاحة غير معهودة بطبيعة الحال وقسم من هؤلاء وزعوا على الصحف والمواقع لتبدأ حفلة عواء صاخبة كما لو أن المغرب تحول إلى مهرجان مفتوح للدعارة السياسية أو حفلة ذئاب متوحشة على وطن مطلوب تمزيقه بالأنياب وأولها أنياب مرتزقة لتبرير شرعية الإبادة والاضطهاد وهي النتائج الحتمية لمشروع الحزب الواحد الذي برزت معالمه مع تأسيس الأصالة والمعاصرة لولا ألطاف الله. بين كلام هؤلاء في لحظة التأسيس وصمتهم بعد 20 فبراير علائق ووشائج وأسباب واختلافات أيضا. في قضية كبرى كالربيع العربي من الطبيعي أن تختلف الآراء وتتقاطع، لكن عملية غلق الأفواه، وابتلاع الألسن والانسحاب من معركة الدفاع عن الدولة من قبل حزب الدولة والدفاع عن النظام من طرف حزب صنعه النظام هي جريمة أخلاقية بكل المعاني لا يمكن أن تقبل الا في عوالم الجرذان التي تكون أول من يفر من السفينة حينما تغرق . حين يحترق البيت ما من أحد في ساعة الحريق يسأل عن السبب لأن الأهم هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه، إنقاذ الناس، أولا، وبعد ذلك الممتلكات ثانيا. هذه قاعدة يعرفها رجال الإطفاء كما يعرفها كل من شبت في بيته النار. لكن للمثقفين والسياسيين قدرة على طرح الاسئلة حتى والنار تلتهم كل شيء في حين يلتزم البعض الصمت. لا يمكن بكل الأحوال اعتبار هؤلاء من الصامتين. فصمت المثقف في لحظات المنعطف وساعات الحرج التاريخية ليس صمتا في كل الأحوال.فلماذا صمت أبو القاسم ومعه الآلة الإعلامية وأشباه المثقفين بحزب الهمة ؟ هناك صمت المبهور والمصدوم بما يجري. هذا مثقف عرته المحنة كما تعري معركة قائدا مستأسدا في زمن السلم. لا هذا المثقف يصلح أن يكون ضمير أمة حاملا لمشروع مجتمعي حداثي كما يدعي ولا ذاك القائد يصلح أن يكون قائدا في لحظة حرج وأزمة : العمل في ساعات الحرج هو ما يكشف ويرسخ صورة المثقف في الوجدان العام وليس الزمن الرخو وقد بينت التجربة أن أولاد الهمة بلا همة وأن حزب صديق الملك فشل في واحدة من المهمات التي أريدت له وهي المزيد من التحكم اللهم إذا اعتبرنا تحكمهم في ألسنتهم وابتلاعها من وسائل الضبط الاجتماعي كما يدعون الان افتراءا. وقد يكون صمت هؤلاء من جنس الصمت الذي لم يفرضه أحد أو قوة، بل هو نوع من العجز والشلل في ساعات المنعطف. هذا الصمت غالبا ما يصيب أولئك الذين كان حجم الوهم عندهم أكبر من حجم الحلم. المطعون في وهمه الضخم كالمطعون في حلمه الضخم لأن النتيجة واحدة وهي:صدمة ان الرياح مرت عكس ما يشتهي القطار كما يمكن لحشاش أن يقلب المثل ولعله تفسير يرضي كثيرا المنبهرين بتهاوي الأقوياء هذه الأيام وتساقط الكراسي من تحت مؤخراتهم . وهناك صمت وكلام القابض والمرتشي الذي قبض أجرة. هذا هو أخطر انواع الصمت وأخطر انواع الكلام: هذا ليس صمتا بل مشاركة. هذا الصنف الذي قبض ثمن الصمت قد يتحول فجأة الى الكلام حين يدفع له الثمن. أي انه في الحالتين، في الصمت والكلام، مأجور وتاجر قضية . وهذا تحليل أميل له شخصيا وقد كنت ألمحت له سابقا في مقال نشر هنا تحت عنوان : حزب الدولة الذي يشكل خطرا على الدولة . وعنيت به أن الجبروت الذي يتمتع به هذا الحزب سيجعل منه أقوى من الدولة بكل رموزها وحينها سيكون من العسير عليه قبول الخضوع لها . وهناك صمت المتفرج والخائف والمنتظر كي يظهر بعد الصحو والصفاء ويتصدر الواجهة في اللحظة ذاتها التي يذهب فيها المثقف المنهك من معركة تاريخية كبرى الى سرير النوم كي يعيش حلمه ويحتضن دوره بحب كما يحتضن طفل دميته وينام وهذا هو المنطق الذي تريد الدولة ان تبلغه لبعض الأطراف " انتهت اللعبة واديتم الأمانة وشكر الله سعيكم وهي تصرفه الان عن طريق هذا الخطاب الاستئصالي لجناحها السياسي. وعموما حينما يصمت المثقف او السياسي حيث كان عليه ان يتكلم يصبح كلامه تهريجا إنه مهرج سيرك محترف يختفي في الأزمات ويظهر بعد زوال الخطر. وقد ضرب لنا الأخ سامر أبو القاسم مثلا حيا على ذلك بمقالتيه الأخيرتين فبصمته الطويل وانبعاثه الأخير بهاتين المقالتين اليتيميتين يشبه من يحمل مسدسا وحين يسمع ضجيجا بعد منتصف الليل ويتأكد له هروب اللص أو الجناة يخرج الى الشارع شاهرا المسدس وهو يصيح: أين هو؟ هذا بالضبط حال صاحبنا ومن حوله جماعة الاستئصاليين والانتهازيين . صوت المثقف المهرج هو أقوى الأصوات حين تهدأ العاصفة وغالبا ما يستولى على كل الأدوار ويصادرها لحسابه الخاص: حدث هذا في أزمنة كثيرة، وفي أمكنة كثيرة، كما سيحدث في القادم من الأيام على لسان مثقفي التراكتور. وهناك صمت يمهد لمرحلة الجريمة. تطلب سلطة أو مؤسسة من اتباعها ومريديها السكوت في ساعة حرج: وهذا الصمت المشترى مثل الكلام المشترى. كلاهما مقبوض الثمن. لكن الحدود ليست قاطعة بين الصمت والكلام: غالبا ما يقفز هؤلاء ايضا لتصدر الواجهة حين ينزوي المثقف او السياسي المنتج والفاعل بعد العاصفة في استراحة محارب. الرد القاصم على الكلام الغاشم بمقال سامر ابو القاسم : كرر صاحبنا عبارة " الحزب الديني " أزيد من عشر مرات في مقال الأول وهو يقصد بها حزب العدالة والتنمية تكرارا يصيب القارئ بالتخمة في سياق دفاعه عن تحالف حزبه مع أحزاب الأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري ورده عن رفض مزعوم نسبته للعدالة والتنمية لهذا التحالف ولعله بذلك يعبر عن نزعته الاستئصالية والتلفيقية الرامية إلى تجييش المشاعر ضد حزب العدالة والتنمية السائر بثبات نحو موضعة نفسه حيث يستحق .والمتابع للشأن العام سيكتشف أن هذا الخطاب يأتي في سياق أجرأة الدستور الجديد وعلى بعد أيام من إعلان محام فاشل عزمه رفع دعوى قضائية لحل حزب المصباح بحجة تنافي وضعه مع الدستور والخطابان معا استئصاليان وميزة الاستئصال انه يستند للجهل فحتى وإن سلمنا بأن حزب العدالة والتنمية حزب ديني فالدستور شأنه شأن كل القوانين ليس له أثر رجعي علما أم وثائق الحزب ومسلكياته تنص على أنه حزب سياسي مدني بمرجعية إسلامية . ولعل صاحبنا الحداثوي المملوء غلا وحقدا يرى في الدين سبة لان كلمة الديني في مقاله لا يعادلها حضورا إلا كلمات السب والقذف التي رمى بها يمنة ويسرة ولم يسلم من لسانه السليط احد تهمة الحزب الديني هاته تذكرني بتهمة معاداة السامية التي يزج بسببها بالسجن كل من له رأي مخالف لسياسة اسرائيل . ويقول صاحبنا في معرض حديثه : لذلك لم يسع عبد الإله بنكيران سوى الاعتراف بأنه لم يعد يعرف ولا يفهم كيف تحسب الأمور سياسيا، ولم يجد من مخرج للتعبير عن بلادته السياسية سوى الاحتماء مرة أخرى بمقولة عدم امتلاك هذه الأحزاب لقرارها، وهي لمن لا يعلم سُبَّة تودي بصاحبها إلى السجن لو كانت الظروف تسمح الآن بجرجرته في المحاكم. وفي هذا المقطع اعتراف صريح بأن حزب البام يوجد من وراء الزج بالسجن بمجموعة من الأقلام والأصوات ومتابعة أخرى وهولم يكلف نفسه عناء القول انها تؤدي للمحاكمة لأنه كما يبدو ينتمي لجماعة تتابع وتصدر الأحكام مسبقا والعهدة على قوله وهذه هي الديمقراطية والحداثة كما يفهمها سامر أبو القاسم التي من أسسها حرية التعبير والاختلاف واخترام القضاء ... وقمة البلادة والتناقض في كلامه ان يقول عن بن كيران : فها هو عبد الإله بنكيران، الذي يرى فيه الناس قائدا وزعيما سياسيا، يخرج مرة أخرى بشكل أوقح مما كان عليه في السابق، للتعبير الوحشي والهمجي ذي النفس الإقصائي الذي يسم سلوك كافة جماعات التيار السياسي الديني . لقد وفيت وكفيت في هذا المقطع فإذا كنت تقر وتعترف ان الناس يعتبرون بن كيران قائدا زعيما سياسيا فلك ان تتصور من تكون انت وغيرك ممن يرون عكس ما يراه الناس لا شك انكم تنتمون لنوع اخر غير الناس وحتى لا تكلف نفسك عناء البحث مطولا اقول لك انها الجرذان ودليلي هروبك من السفينة لاعتقادك انها تغرق . أما عن قصة تحالف الأحزاب الأربعة المذكورة فتلكم قمة العبث ايها الديمقراطي الحداثي صاحب المشروع المجتمعي الواضح فكيف تسمح لنفسك انت وسواك بالحديث عن تحالف لم تراعى فيه ادنى شروط الديمقراطية واقلها العودة لقواعد هذه الأحزاب وبرلماناتها واستشارتها وإنني لعلى يقين انه لو تم ذلك لكان الرد من جنس ما قاله احد منتخبيكم : اصبحنا كالجذام الكل يهاب الاقتراب منا متحدثا عن البام. ولو كنتم فعلا حزبا ديمقراطيا حداثيا لما سمحتم لأنفسكم اتخاد قرار ترشيح وتزكية برلمانييكم ورؤساء جماعاتكم دون احترام القواعد والعودة لها لانكم انتهازيون بالطبع والديمقراطية عندكم مجرد شعار وتكتيك تصدعون به اذان من مازالوا يعشقون التغدي على انتهازيتكم . وأخيرا اخترتم ان تعنونوا مقالكم الأول بقولكم : حزب العدالة والتنمية ومعاداة كل الأحزاب . واصدرتم حكما وثوقيا دوغمائيا يعبر عما تتمنونه وانى لكم ان تدركوه لكنكم كشفتم عورتكم ونسختم كلامكم الأول في عنوان مقالكم الثاني الذي جاء كالتالي : دسائس حزب التقدم والاشتراكية . كلتم فيه وابلا من الشتائم لهذا الحزب ولقيادته لا لسبب عدا نقد بعض قياداته لتحالفكم المزعوم مع رباعية الادارة وها أنتم تؤكدون انكم انتم من تعادون كل من يختلف معكم وان ما تتهمون به الاخرين لا يعدو ان يكون امراضا تعانون منها وتقومون بما يسمى في علم النفس بالإسقاط أي اسقاطها على الاخرين هذا من حيث العنوان اما مضمون المقال الثاني فسيكون مجاله ردا ثانيا ترقبوه قريبا مع وافر الاحترام . *أستاذ وباحث عضو اللجنة المركزية لشبيبة العدالة والتنمية