قال أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إن التجربة المغربية في مجال تدبير الحقل الديني تعتمد على مقاربة متوازنة، وباتت "مصدر إلهام بالنسبة للعديد من البلدان عبر العالم"، خاصة في مجال مناهضة التطرف. وجاء ذلك خلال سلسلة من اللقاءات التي جمعته بمسؤولين حكوميين وأكاديميين وباحثين في أستراليا. عبادي الذي تحدث خلال مائدة مستديرة نظمها المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية بالعاصمة الأسترالية كانبيرا، أفصح عن أسس المقاربة المغربية متعددة الأبعاد في مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أنها تعتمد "تفكيك خطاب التطرف" بغاية أساسية هي "وضع حد لاستقطاب الجماعات المتشددة، خاصة في أوساط الشباب". وشدد المسؤول المغربي بأبرز مؤسسة علمية دينية في المملكة على ضرورة مواجهة الفكر المتطرف في مجالات التنظير وتفكيك خطاب التشدد من أجل وضع حد للإرهاب، الذي قال إنه أصبح "ظاهرة كونية تهدد السلم في مختلف أنحاء العالم"، مشيرا إلى أن المغرب يعتمد مقاربة دينية متوازنة "تجمع بين التقليد والانفتاح في مجال تدبير الحقل الديني، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين". وتوقف عبادي عند هذه المقاربة الرسمية في الشأن الديني بالقول إنها تمر بالأساس عبر "الدور الذي تضطلع به المؤسسات، وخاصة مؤسسة إمارة المؤمنين"، معتبرا أنها "الضامن الواحد لاستمرارية قيم الدين"، في حين تتمثل اختيارات المملكة الأساسية في الشأن الديني في المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف. واستعرض الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء رؤية المغرب في مواجهة الخطابات المتطرفة، التي قال إنها تعتمد سياسة شاملة "تأخذ بعين الاعتبار الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والدينية"، مسجلا أن سياسة من هذا القبيل كفيلة ب"تقديم أجوبة فعالة على جميع الانحرافات المتطرفة في المنطقة والعالم"، موردا أن التجربة المغربية هي "مصدر إلهام للعديد من البلدان التي تهتم أكثر فأكثر باكتشاف آلياتها والاستفادة من نجاعتها". واختتم عبادي زيارته إلى أستراليا التي تمت بدعوة من سفارة المملكة المغربية بكانبيرا وانطلقت منذ 27 أكتوبر المنصرم، لعرض التجربة المغربية في مجال تدبير الشأن الديني ومواجهة الخطاب المتطرف، ضمن خطوة عرفت تنظيم لقاءات وندوات حضرها مسؤولون حكوميون وأعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد وأكاديميون وباحثون، وأيضا ممثلو المجتمع المدني العربي والإسلامي بأستراليا. الكاتب الأول المساعد لقسم الشرق الأوسط وإفريقيا بوزارة الشؤون الخارجية الأسترالية، ماتيو نوهوس، أورد في مداخلة له عقب ندوة المعهد الأسترالي للسياسات الإستراتيجية، أن المغرب "أسّس لمبادرة رائدة لتكوين الأئمة والمرشدين الدينيين"، مشددا على أن المملكة فرضت نفسها ك"نموذج" في مجال التكوين الديني لمواجهة الأفكار المتطرفة. تجاوب المسؤولين الأستراليين مع النموذج المغربي في التدين ظهر أيضا من خلال ما قاله المكلف بالعلاقات الدولية في الحكومة المحلية بكانبيرا، بريندان سميث، الذي اعتبر أن التجربة المغربية "تمنح الأمل، ما دامت تقدم علاجا لظاهرة الأصولية التي تنخر المجتمعات وسائر دول العالم"، معتبرا أن المغرب بهذا "الأمل" عزز "الخط الأول في مواجهة الأفكار الأصولية". وإلى جانب لقاء المعهد الأسترالي للسياسات الإستراتيجية، قدم عبادي ندوات في الجامعة الوطنية الأسترالية بكانبيرا، وجامعة سيدني، همت أيضا "أسس المقاربة المغربية متعددة الأبعاد في مكافحة الإرهاب"، و"دور مؤسسة إمارة المؤمنين في نجاح النموذج المغربي في مكافحة التشدد"، و"مأسسة التكوين في مجال التأطير الديني" عبر تجربة معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين الدينيين.