حالة من الفزع والدهشة أصابت المغاربة ليلة أمس الخميس إثر جريمة القتل الهوليودية التي وقعت في مقهى "لَاكْرِيم" بالحي الشتوي الراقي في مراكش، وأفضت إلى مصرع ابن مسؤول قضائي رميا برصاص مسدس ناري، لم يتم التعرف بعد على مصدره، وإصابة اثنين آخرين بجروح، ضمن جريمة طرحت بقوة قضية استخدام الأسلحة النارية في تنفيذ عمليات إجرامية بالمملكة. واقعة "مقهى مراكش" أعادت إلى أذهان المغاربة جريمة دامية هزت الرأي العام الوطني الدولي ليلة الثلاثاء 7 مارس الماضي، إثر مقتل برلماني "الاتحاد الدستوري" عبد اللطيف مرداس، رميا برصاص بندقية صيد أمام منزله بشارع بنغازي بحي كاليفورنيا في الدارالبيضاء، وهي الحادثة التي جرّت عددا من المتهمين الرئيسيين إلى محاكمة مازالت أطوارها قائمة إلى حدود الساعة، بينهم زوجة الضحية وسيدة تمتهن العرافة، ومستشار جماعي وابن شقيقته، ضمن علاقة مثيرة اختلط فيها الحب بالجنس. جريمة مقهى "لاكريم" بمراكش، التي نفذها شخصان مجهولان كانا على متن دراجة نارية كبيرة، تفاصيلها قتل طالب طب رميا بالرصاص وتعرض شخصين آخرين لإصابات متفاوتة الخطورة؛ فيما تمكنت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش، فِي الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، من إيقاف ستة أشخاص بمدينة الدارالبيضاء يشتبه في صلتهم بالجريمة، بعدما أسفرت عمليات التمشيط الميداني عن العثور على الدراجة والسلاح الناري وبعض العيارات المستخدمة في تنفيذ الجريمة محروقة بمكان خلاء. إجراءات البحث المتواصلة تحت إشراف النيابة العامة المختصة مكنت من تشخيص هوية المشتبه فيه الرئيسي. ويتعلق الأمر بمهاجر مغربي في هولندا مبحوث عنه وله علاقة مباشرة بشبكة إجرامية لها امتدادات في بعض البلدان الأوروبية، وينشط في مجال غسيل الأموال والاتجار الدولي بالمخدرات والابتزاز؛ فيما تتواصل عمليات البحث لتحديد مكان وجوده بهدف إيقافه. وتفيد آخر الأخبار الواردة من سير التحقيقات بأن مالك المقهى كان هو المستهدف الحقيقي من عملية القنص التي قيل إنها تمت باحترافية؛ لكن تبين أنها وقعت في خطأ فادح عندما جرى إطلاق الرصاص على الطالب ومن كان برفقته، عوض مالك المقهى، وتوضح المصادر عينها أن الأخير، وهو مهاجر سابق في الديار الهولندية، كان جالسا في طاولة الطالب نفسها قبل أن يغادرها ويجلس مكانه الضحية وفتاة وزميل لهما، ليأتي منفذا الجريمة على دراجتهما ويطلقا أربع رصاصات، أولاها في الهواء، والثانية في رأس الطالب، ورصاصتان أصابتا رفيقيه دون صرعهما. الصديق قسطالي الدامون، الخبير في الشأن الأمني، قال لهسبريس إن فرضية الإرهاب تبقى مستبعدة تماما من العملية الإجرامية المذكورة، لكنه أثار قضية استعمال السلاح غير المرخص، موضحا أن "تهريب السلاح يشبه تهريب البشر ودخول مهاجرين غير شرعيين إلى التراب الوطني، ما يعني صعوبة ضبطه بطريقة دقيقة"، محيلا على سابق حالة إدخال إسبان لبنادق صيد غير مرخص لها إلى المغرب "عبر سماسرة معروفين". ضابط شرطة الممتاز المتقاعد من صفوف الأمن الوطني أورد أن قضية دخول الأسلحة النارية غير المصرح بها تحتاج إلى صرامة في المراقبة والرصد على مستوى الحدود، مضيفا: "هناك آليات حديثة تعتمد على التكنولوجيا والكلاب المدربة تعلب دوراً هاماً في عملية رصد مثل هذه الأسلحة المهربة"، فيما قال إن على الدولة أن تمضي بصرامة في هذا المجال "عبر آليات وتقنيات جد متطورة". ويرى قسطالي الدامون أن بيع السلاح بطرق قانونية يتم بشكل عاد في عدد من الدول الغربية وفق تراخيص تؤطرها قوانين واضحة وصارمة، وزاد: "ورغم ذلك نسمع عن الجرائم الدامية التي تتم بواسطة هذه الأسلحة"، مشيرا إلى أنه "في المغرب لا يتم بيع الأسلحة النارية من هذا النوع، بل يتم تهريبها عبر الحدود المختلفة برا أو بحرا أو جوا"؛ فيما شدد على ضرورة الرصد المتواصل للأشخاص المبحوث عنهم دوليا والمتورطين في ملفات إجرامية خطيرة قد تهدد سلامة المغاربة.