في الوقت الذي تبذل فيه الدولة جهودا لمحاربة الهدر المدرسي، أصبح مسار عشرات التلاميذ في منطقة الحوز نواحي مدينة مراكش في سبيل التحصيل العلمي معرّضا للتوقف في أيّ لحظة، بسبب غياب حافلة للنقل المدرسي، تقيهم مخاطر تعرّضهم لهجوم الخنازير التي تتربّص بهم في الطريق التي يسلكونها لبلوغ الثانوية الإعدادية حيث يدرسون. ويُظهر مقطعُ فيديو تداوله شباب دوار تنصغارت، التابعة للجماعة الترابية أسني نواحي مدينة مراكش، تلاميذ صغارا وهم يغامرون بأرواحهم في طريقهم إلى فصول الدراسة، حيث يبدو في الصورة قطيع من الخنازير مارّا عل بُعد بضع عشرات أمتار فقط منهم، فيما التلاميذ الصغار يصرخون. يقول الشاب، الذي صوّر مقطع الفيديو والمنتمي إلى دوار تنصغارت، إن "أولياء التلاميذ يذهبون دائما عند رئيس المجلس الجماعي، لمطالبته بتوفير النقل المدرسي لأبنائهم وبناتهم، وفي كل مرة يعطيهم وعودا، لكنها لا تتحقق"، مضيفا: "ما نستغرب له هو أن دواوير أخرى استفادتْ من النقل المدرسي واستُثني دوارنا. نحن لا نريد شيئا، نريد فقط توفير النقل المدرسي لحماية حياة أطفال دوارنا المهددة بسبب الخنازير البرّية". مُنتدى توبقال للثقافة الأمازيغية وحقوق الإنسان وجّه رسالة في هذا الشأن إلى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، يطالبه فيها بالتدخل لحماية التلاميذ من الخطر المحدّق بحياتهم صباح كل يوم، حيث يضطرون إلى قطع مسافة تتراوح بين خمسة وعشرة كيلومترات مشيا على الأقدام لبلوغ المؤسسة التعليمية حيث يدرسون، وهو ما يحتّم عليهم مغادرة بيوتهم والظلام سادلٌ ستاره على قريتهم، ما يفاقم الخطر المحدّق بهم. وجاء في رسالة منتدى توبقال للثقافة الأمازيغية وحقوق الإنسان أنّ السبب الذي جعل رئيس جماعة أسني يستثني بعض الدواوير من توفير النقل المدرسي هو أنّ سكان هذه الدواوير صوَّتتْ ضدّه في الانتخابات الماضي؛ وهو ما جعله "ينتقم" منهم، من خلال حرمان أبنائهم من توفير وسيلة نقل تقلّهم إلى الثانوية الإعدادية، بالرغم من أنّهم يقطعون مسافة طويلة كلّ خطوة فيها محفوفة بالمخاطر. ويتهم المنتدى رئيس جماعة أسني ب"التلاعب بالنقل المدرسي، واستغلاله لخدمة أهداف سياسية ضيقة"؛ وتضيف الرسالة أنّ "هذا الاستغلال السياسي للنقل المدرسي تتجلى في الانتقام من الدوائر التي صوّتت ضده في الانتخابات التشريعية الماضي، بحرمانهم من النقل المدرسي، وحرمان التلاميذ من الإيواء بدُور الطلبة، بداعي أنهم قريبون من الإعدادية، في حين أنه وفّر النقل المدرسي للدوائر التي صوّتت له". من جهته قال عضو في منتدى توبقال للثقافة الأمازيغية وحقوق الإنسان إنّ التهديدات التي يشكلها الخنزير البري على حياة التلاميذ دفعت سبع تلميذات من دوار تنصغارت وحده إلى الانقطاع عن الدراسة. في المقابل، نفى الحسين زعرور، رئيس المجلس الجامعي لإسني، التهم الموجهة إليه بشأن استغلال النقل المدرسي لأغراض سياسية، وقال في توضيح لهسبريس: "أؤكد أن رئيس جماعة إسني، ومعه مجلس الجماعة بكل أطيافه السياسية، ما فتئ يعمل بشراكة مع جميع الفاعلين، وبالأخص عمالة إقليمالحوز، والسلطة المحلية، واللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والمجلس الإقليمي، والمجتمع المدني المحلي، كل ما في وسعه لدعم تمدرس أبناء المنطقة دون استثناء أو حسابات سياسية". وبحسب إفادته، فإنّ المجلس الإقليمي وفّر، منذ سنة 2014، بشراكة مع اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ثلاث سيارات للنقل المدرسي كانت تسيرها لجنة يترأسها قائد قيادة إسني، خُصصت الأولى ذات الطاقة الاستيعابية 34 مقعدا لنقل حوالي 69 تلميذا من منطقة امليل التي تبعد عن المركز بحوالي 17 كلم والمكونة من 11 دوارا. وخُصصت السيارة الثانية ذات الطاقة الاستيعابية نفسها لنقل حوالي 63 تلميذا من منطقة أيتعلي التي تبعد عن المركز بحوالي 11 كلم والمكونة ستة دواوير، في حين خصصت السيارة الثالثة وطاقتها الاستيعابية 25 مقعدا لنقل حوالي 34 تلميذا من منطقة فارس التي تبعد عن مركز إسني بحوالي 25 كلم، وتتكون من 13 دوارا، وفق إفادة رئيس المجلس الجماعي دائما. وبخصوص عدم استفادة تلاميذ دوار تنصغارت، الذين يعانون الويلات مع الخنازير البرية في رحلة الذهاب والإياب إلى المؤسسة الإعدادية حيث يدرسون، إضافة إلى قطعهم أزيد من عشرة كيلومترات يوميا مشيا على الأقدام، قال رئيس جماعة إسني، إنّ "المجلس خصص اعتمادا ماليا، بشراكة مع المجلس الإقليمي والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من أجل إضافة سيارة جديدة للنقل المدرسي، سيستفيد منها تلاميذ تنصغارت، وتلاميذ المستوى الابتدائي بمركز إسني"، مضيفا أنّ هذه العملية في طور الإنجاز وسترى النور في الأيام القليلة القادمة.