يبدو أن الأمور بالبيت الداخلي لحزب العدالة والتنمية ليست على ما يرام، خصوصا بعد خرجة القيادي بالحزب المصطفى الرميد الذي دبج بيانا حمل مواجهة مباشرة مع الأمين العام، عبد الإله بنكيران، الذي تفوه بكلام بمناسبة اللقاء الوطني لمنتخبي مجالس الجماعات، المنعقد يوم السبت الماضي بالمعمورة، اعتبره وزير حقوق الإنسان في حكومة العثماني مقصودا به وموجها إليه. وفي كلمته خلال اللقاء الحزبي، تحدث بنكيران عن دوره وأدوار إخوانه خلال الحملة الانتخابية لسنة 2011، وقال: "(...) حيث هاديك الساعة اللي دار الحملة الانتخابية رقم 1 هو أنا، باش نكونو واضحين، كاين اللي مشا للحج، وكاين اللي دار حملة على قد الحال، وكاين اللي ما كانش باغي يدير الحملة، وكاين اللي ما بغاش يشارك كاع فهديك الانتخابات". وردا على الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قال الرميد في بيان نشره على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "إن اللقاء المذكور كان لقاء مدارسة لعمل المنتخبين الجماعيين، خاصة منهم من يتحمل مسؤولية التسيير كما يدل على ذلك برنامج اللقاء، إلا أن كلمة الأخ الأمين العام أوردت معطيات ووقائع وأحداث لا علاقة لها مطلقا بموضوع اللقاء الذي كان يفترض فيه اجتناب كل ما يزيد في تفاقم الخلافات ويكرس مزيدا من النزاعات". وأضاف: "للأسف الشديد، فإن الأخ الأمين العام للحزب وخلافا لما ورد في توجيهه الصادر في 16 أكتوبر 2017، والذي لاحظ فيه على بعض التفاعلات بين أعضاء الحزب على مواقع التواصل الاجتماعي أنها لم تنضبط على العموم لمنهج وآداب الاختلاف، ومست بأخلاق الأخوة والاحترام المطلوب بين مناضلي الحزب، مضيفا أن بعضها اشتط إلى حد الإساءة للأشخاص والانتصار والتعصب لفكرة أو رأي أو اختيار"، معتبرا أن بنكيران خالف التوجيه الحزبي ومس بعموم القياديين، وانتصر فيها لنفسه، وسفه جهود الجميع". وتساءل القيادي بحزب "المصباح": هل "ما قاله الأخ الأمين العام بشأن إخوانه يطابق توجيهه أم يناقضه؟ وهل فعلا كان ذلك هو حال إخوانه بالشكل الذي وصفه؟ وما الفائدة من ذكر ذلك كله الآن؟"، ليبادر إلى الجواب على ما اعتبرها "مزاعم الأخ الأمين العام"، قائلا: "لإثبات عدم صحة مزاعم الأخ الأمين العام بشأن إخوانه وأخواته في قيادة الحزب، مع التنويه ببلائه الحسن في الحملات الانتخابية لأن ذلك من الانصاف والاعتراف لكل ذي فضل بفضله، يكفي أن أذكر أني أنا المصطفى الرميد، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، المعني الوحيد بالسفر إلى الحج سنة 2011". وزاد: "لقد فات الأخ الأمين العام أن يذكر رأيي الذي دافعت عنه حينئذ ولم أفلح في إقناعه به هو أن الحزب يحتاج إلى جرعة أخلاقية يجسدها عدم ترشيح بعض الإخوة القياديين ليكونوا قدوة للمناضلين الآخرين، في حين يتم ترشيح آخرين لقيادة الحزب داخل البرلمان، وتطوعت للقيام بما اعتبرته مهمة نبيلة، وفعلا سافرت إلى الحج أثناء إيداع الترشيحات وعدت مع بداية الحملة الانتخابية". وشدد المسؤول الحزبي والحكومي على أنه خلافا لما أورده "الزعيم"، فقد شارك في الحملة الانتخابية مع أعضاء الحزب في الدارالبيضاء وسيدي بنور ووجدة وبركان وتيزنيت والعيون وبوجدور وغيرها، معتبرا أن الصيغة التي "أورد بها بنكيران موضوع نضاله الكبير خلال انتخابات 2011 استصغر معها نضال الآخرين من إخوانه في قيادة الحزب، حتى بدوا وكأنهم متخاذلين ومفرطين وغير مكثرتين باستحقاقات مرحلة حاسمة من تاريخ الحزب والوطن، وتمجيده لنفسه بشكل جعله وكأنه هو الحزب والحزب هو". الرميد الذي دخل في مواجهة مباشرة مع الأمين العام، حيث سأله عبر بلاغه عن الأسباب التي "جعلتك تقترح الرميد عضوا في الحكومة بعد هذا "الخذلان" الذي أشرت إليه؟ ولماذا تمسكت به بعدما واجه اقتراحك صعوبات تعرفها؟ ولماذا اقترحته بعد ذلك على المجلس الوطني خلال المؤتمر السابع لعضوية الأمانة العامة؟ ولماذا أصبحت تعتمد عليه في الكثير من الأمور الحزبية والحكومية خلال السنوات الفارطة؟ ولماذا كنت تصر على القول مرات أنك لا ترى غيره مؤهلا لقيادة الحزب والحكومة؟". وفيما يشبه تفسير المصطفى الرميد ل"هجمة" بنكيران عليه، تساءل موجها كلامه له مباشرة: "هل كنت ستقول الذي قلته لو ناصر المصطفى الرميد التمديد لولاية ثالثة، وأنت تعرف في هذا رأيي المبدئي، والذي سبق أن بسطته عليك تفصيلا منذ حوالي سنتين وهو ما سأعود إلى استعراضه في مناسبة قادمة إن شاء الله". واسترسل القيادي ب"البيجيدي": "لقد استشعرت، كما العديد من الإخوة، خيرا مع البلاغين الأخيرين بدعوتهما أعضاء الحزب العودة إلى جادة الصواب، وكنت آمل أن يكون الأخ الأمين العام قدوتنا جميعا في ذلك، خاصة أنه دعا في بلاغه الأخير إلى صيانة الأعمال من العبث ونهى عن تخريب البيوت بالأيادي، لكنه للأسف الشديد أبى إلا أن يخالف ما دعا عموم الأعضاء إليه". وأكد المصطفى الرميد أنه اتصل بعبد الإله بنكيران بعدما بلغه ما سمع ما قاله في حقه وفي باقي القيادات، موردا: "أنتظر مسارعته للاعتذار، لكنه لم يفعل لذلك لجأ للبيان والتبيين"، وفق تعبيره. أغلب التعليقات التي تفاعلت مع بيان الرميد وجهت انتقادات لاذعة إلى وزير حقوق الإنسان، مطالبة إياه بمعالجة الإشكال داخليا بعيدا عن صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، في حين ذهب البعض إلى تذكيره بفضل بنكيران عليه، فيما رأى آخرون أنها بداية نهاية "زعامات البيجيدي".