اهتمت الصحف المغاربية الصادرة اليوم الخميس، على الخصوص، بتداعيات الأزمة المالية في الجزائر، وبالوضع الاقتصادي في تونس، وردود فعل القنوات الخاصة في موريتانيا على إثر قرار شركة البث الإذاعي والتلفزي بتعليق بثها. ففي الجزائر، كتبت صحيفة (ليكسبريسيون) أنه كان يتعين انتظار الأزمة المالية لكي تقرر السلطات الجزائرية في نهاية المطاف اعتماد الترسانة الضريبية على للثروة. وأضافت الصحيفة تحت عنوان "الأغنياء والضريبة العادية"، أنه لطالما طالب المواطنون بفرض ضريبة على الثروة التي أهملتها مصالح الضريبة الجزائرية دون سبب يذكر". وكان المدير العام للضرائب، مصطفى زيكارة، قد صرح بأن "مصالح الضريبة ستنتشر في الميدان لتحديد الأشخاص الذين تظهر عليهم مظاهر خارجية للغنى غير مصرح بها، والذين يتعين عليهم تبرير مصدر ممتلكاتهم"، مسجلا أن الهدف من هذه التدابير الجديدة يتمثل في بلوغ الإنصاف والمساواة بين المواطنين أمام مصالح الضريبة. من جهتها، كتبت صحيفة (الحياة) أن أهم شيء في هذه التدابير هو، دون شك، الشعور الوطني بإدارة عادلة ومنصفة بالنسبة لكافة طبقات المجتمع، إذ يتعين على الأغنياء أن يستغلوا هذه الفرصة ليمتثلوا للقانون وسيكون بإمكانهم جني ثمار ثرواتهم بكل هدوء. من جانبها، اعتبرت صحيفة (ليبيرتي) أن الضرائب التي نص عليها مشروع قانون المالية لسنة 2018، والتي تمس شريحة كبيرة من المواطنين، ستفاقم من انعدام العدالة الاقتصادية في الجزائر. وقالت "سنبقى بعيدين عن ضريبة عادلة وناجعة ما لم تبادر الدولة إلى إصلاح ذاتها". وسجلت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "ميوعة" أن قانون المالية لسنة 2018 يقدم العديد من التفاصيل حول الضريبة على الثروة التي اعتبرت من طرف الحكومة كاقتطاع إجباري للتضامن، غير أن هذه التفاصيل تخفي صعوبات تطبيق هذا الإجراء. وأوضحت أنه لا يمكن للحكومة التصدي، من خلال الضريبة، للثروات الضخمة للقطاع غير المهيكل، بسبب الضعف على مستوى تتبعها، وبحسب أحد الخبراء، كان من اللازم القيام أولا بتحديد الأغنياء قصد تنفيذ هذا الإجراء، ملاحظا أن "مؤسسات المراقبة التابعة للدولة توجد في حالة من الميوعة إلى درجة يصعب معها جدا اقتطاع هذه الضريبة بطريقة ناجعة، لأسباب عدة"، من قبيل الرشوة التي تنخر هيئات تابعة للدولة، فضلا عن طبيعة المنظومة الضريبية والتي تتجسد في وجود تعقيدات داخل هذه الهيئات والتي تحد، بالتالي، من تطبيق هذا الإجراء. وفي الموضوع ذاته، أوردت صحيفتا (الشروق) و(الأخبار) تصريحات المدير العام للضرائب، الذي أكد أن "المديرية العامة للضرائب ستتعقب الممتلكات غير المصرح بها ومصدر الأموال وأن لجنة خاصة تم إحداثها للقيام بزيارات ميدانية لإحصاء ممتلكات رجال الأعمال والتجار". وأوضح أن الزيارات الميدانية ستمكن من ملاحظة المظاهر الخارجية لثروات الأشخاص الذين لم يصرحوا بمجمل ممتلكاتهم لمصالح الضريبة، مؤكدا أن الهدف هو فضح الأشخاص الذين تظهر عليهم مظاهر خارجية للثروة والذين يظلون مجهولين بالنسبة لمصالح الضريبة. وترى الصحف الجزائرية أن دافعي الضرائب سيدفعون هذه الضريبة تحت شعار الواجب الوطني، غير أن الكثير منهم لن يطالهم هذا الاقتطاع الإجباري، والذي يكرس الطابع غير المنصف للضريبة بالجزائر. وفي تونس كتبت صحيفة "المغرب" في افتتاحيتها أنه من أجل مواجهة الوضع الاقتصادي في تونس و"حتى تتمكن الدولة من التفرغ للتخطيط ولتنفيذ السياسات العمومية الضرورية لا بد لها من التخفيض الفوري في مديونيتها بما لا يقل عن خمس أو ست نقاط، ومن تخفيض مستمر لنسق إنفاقها العمومي حتى لا تكون ميزانية الدولة عبئا على الآلة الإنتاجية وعلى المجتمع ككل". وأضافت الصحيفة أنه يقع على عاتق الدولة أيضا إقامة مشاريع ضخمة جدا في إطار عقود شراكة مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي والمقصود هو المشاريع التي تغير وجه البلاد في العقود القادمة كبناء عاصمة إدارية جديدة وبناء مدن جامعية. واعتبرت أنه لا ينبغي التصارع في كل سنة على ضريبة جديدة أو الرفع في الضرائب القديمة دون اقتراح أفق فعلي للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. وتناولت "الصباح" من جهتها وضعية الدينار التونسي في ظل توقعات بفقدانه ما بين 1 و2 في المائة من قيمته مع نهاية 2017، ونقلت عن خبير اقتصادي قوله إن وضعية العملة التونسية مازالت مقلقة لاسيما بعد تراجعه عندما لامس عتبة 2.94 مقابل الأورو و2.50 مقابل الدولار الأمريكي. واعتبر الخبير الاقتصادي وليد بن صالح أن الحلول الاستعجالية المطلوبة على المدى القصير لتجنب المزيد من انزلاق الدينار، تتمثل في الالتجاء إلى الحلول الحمائية للتقليص من الاستيراد العشوائي خاصة ما يتعلق ببعض المواد الاستهلاكية. وأضاف الخبير الاقتصادي أن التحكم في عجز الميزان التجاري وفي ميزان المدفوعات وتنشيط التصدير ودفع قطاعي السياحة والاستثمار... تعتبر من الحلول التي تتطلب إعادة هيكلة. وتطرقت صحيفة "الصباح" أيضا إلى موضوع المصادقة على مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2017 من طرف لجنة المالية والتخطيط والتنمية، مشيرة إلى أن رئيس اللجنة أكد أن المالية العمومية توجد في وضع يتطلب وقفة جدية من أجل تحقيق التوازنات الحقيقية للاقتصاد التونسي. وتطرقت صحيفتا "لا بريس" و"لوتون" إلى الدعوة التي وجهتها رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (اتحاد أرباب العمل)، وداد بوشماوي، إلى الحكومة من أجل "أن تكون حكما محايدا بين الشركاء الاجتماعيين". وأضافت الصحيفة أن بوشماوي قالت أيضا "نحن لم نهدد بالخروج من وثيقة قرطاج ولكننا عبرنا عن موقف المنظمة بمختلف هياكلها (...) الرافض لأن تكون مشاركة الاتحاد، أول مستثمر في البلاد وأول مشغل فيها، في الوثيقة مشاركة صورية، وان يتم تجاهل مقترحاته". واعتبرت صحيفة "لابريس" في افتتاحيتها أن "انزعاج الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية مشروع"، بالنظر إلى دفاعه عن تصور معين لقانون المالية. ورأت الصحيفة أنه لا ينبغي البحث عن موارد لتغطية النفقات بل يجب ترشيد الإنفاق العام، معتبرة أن الانعاش الاقتصادي هو الكفيل بتوليد الإيرادات. ودعت الصحيفة إلى ضرورة التحلي بروح المسؤولية والمصلحة العامة للبلاد، بعيدا عن أي اعتبارات أخرى محذرة من مغبة التفريط في تماسك حكومة الوحدة الوطنية. ومن جهتها لاحظت صحيفة "الصحافة اليوم" أن المرصد الاجتماعي التونسي نبه إلى خطورة الوضع الاجتماعي الذي شهد ارتفاعا في نسق الاحتجاجات بداية من شهر اكتوبر الجاري، مشيرة إلى أن أبرز الملفات الساخنة تتمثل في التشغيل والتنمية الجهوية العادلة ونقص المياه. وأضافت أنه علاوة على القطاع الإداري الذي مثل القطاع الأهم في عدد الاحتجاجات بنسبة 31 في المائة فقد تم أيضا رصد احتجاجات ذات خلفية تربوية وبيئية وصحية واقتصادية وسياسية. وفي موريتانيا، توقفت الصحف عند رد فعل القنوات الخاصة على قرار شركة البث الإذاعي والتلفزي بتعليق بثها، الذي وصفته ب"المجحف"، مشيرة إلى أن هذه القنوات شكلت خلية أزمة تضم عدة مؤسسات سمعية بصرية خاصة، لمتابعة هذا المشكل و الوصول به إلى حل ينهيه بشكل جذري ويضمن للمواطن الموريتاني حقه في الإعلام المستقل. ونقلت عن الخلية قولها في بيان إن "الرأي العام الوطني والدولي فوجئ منذ أيام بالقرار المجحف الذي اتخذته شركة البث الإذاعي والتلفزي بتعليق بث القنوات الخاصة بعد خمس سنوات من قرار تحرير الفضاء السمعي البصري، دون اعتبار لما لعبته هذه المؤسسات من دور كبير في رفع مستوى الوعي بين المواطنين وتعزيز مكاسب الحرية وإشاعة الديمقراطية وتحسين صورة البلاد الخارجية". وأضاف البيان أن "خلية الأزمة إذ تشجب الطريقة التي تعاملت بها شركة البث الإذاعي والتلفزي مع القنوات المستقلة"، لتهيب برئاسة الجهورية والنخبة السياسية وكافة المثقفين وأصحاب الرأي وهيئات المجتمع المدني، من أجل العمل لوضع حد نهائي لهذه الأزمة التي تضررت منها موريتانيا بصفة عامة"، داعية الهيئات والنقابات والروابط الصحفية إلى مؤازرتها و الوقوف معها في هذه الأزمة حتى يستعيد المشهد الإعلامي صورته.. على صعيد آخر، أفادت الصحف بأن الجمعية الوطنية (البرلمان) صادقت بأغلبية مريحة على النشيد الوطني الجديد للجمهورية الاسلامية الموريتانية. وذكرت بأن الغرفة البرلمانية الوحيدة في موريتانيا بعد حل مجلس الشيوخ بموجب نتائج استفتاء 5 غشت 2017 الماضي كانت قد أجازت العلم الوطني الجديد، مضيفة أنه من المقرر أن يتم تلحين النشيد الوطني الجديد وعزفه لأول مرة في الاحتفالات المخلدة لذكرى الاستقلال يوم 28 نونبر المقبل، والتي سيرفع خلالها العلم لأول مرة بشكله الجديد.