قبل إصدار جلالة الملك تعليماته لوزيري الداخلية والمالية من أجل التحري حول عدم تنفيذ المشاريع التنموية التي سبقت برمجتها بخصوص "الحسيمة منارة المتوسط"، لمعرفة مكامن الخلل وتحديد المسؤوليات، وتحرير تقرير أفضى إلى إعفاء وزراء من مهامهم طبقا للفصل الأول من الدستور، الذي يجعل النظام الدستوري في المغرب يقوم على ربط المسؤولية بالمحاسبة، والفصل 47 منه، الذي يخول للملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم، سبق للملك أن أعلن عن قرار دعا فيه رئيس الحكومة، منذ ثلاث سنوات، إلى إجراء تحقيق حول اختلالات الملعب الرياضي بالرباط، أعقبه إعفاء الملك لوزير الرياضة والشباب؛ الشيء الذي نستنتج منه أن الوزراء مسؤولون أمام الملك بغض النظر عن تقييم رئيس الحكومة لهم. لذلك، إذا كانت هناك مسؤولية إدارية، علما أن المسؤولية الجنائية للوزراء لم ترد ضمن مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها؛ الشيء الذي حدا بفريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب إلى تقديم مقترح يتعلق بالمسؤولية الجنائية للوزراء، وإن كان تقرير المجلس الأعلى للحسابات لم يشر إلى اختلاسات في نازلة الحال، لا زال يتواجد برفوف لجنة العدل والتشريع ولم يعرض للمناقشة، (إذا كان الأمر كذلك) أفلا يجرنا الحديث عن ربط المسؤولية الإدارية بالمحاسبة إلى مراجعة مواقف النواب البرلمانيين بخصوص مساءلة الوزراء المعنيين بقطاعات البرامج التنموية، كل حسب قطاعه، عن أسباب التعثر وعدم الشروع في الأشغال؟ وذلك في في إطار اختصاص المؤسسة التشريعية المتمثل في المساءلة والرقابة والتقييم، هذه الأسئلة التي تدلي الحكومة بجوابها عنها خلال 20 يوما من إحالتها عليها. بل ولماذا لم يندرج تعثر المشاريع ضمن الأسئلة الشهرية المطروحة على رئيس الحكومة؟ هذه الجلسات التي لم تكن تفيد في شيء باستثناء الفرجوية واستعراض العضلات المتبادل، ناهيك عن عدم الإشارة إلى هذا التعثر ومصير المنجزات المبرمجة وما تم إنجازه. الأكثر من ذلك، لو تم احترام مقتضيات الفصل 101 من الدستور، الذي بمقتضاه يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة بمبادرة منه أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، لما تم تكريس قاعدة إبقاء ما كان على ما كان، وترك الأمور تستفحل في انتظار انتهاء الولاية والطموح إلى التباري على المقاعد والحصول على المناصب وتجاهل تام لروح الالتزام وقيام كل مسؤول، سواء نائب الأمة أو عضو الحكومة أو رئيس الحكومة الذي سبق أن عرض برنامجه الذي كان يعتزم تطبيقه أمام مجلسي البرلمان، بالأخص ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، كل حسب اختصاصه، لمَ نتحدث عن ربط المسؤولية بالمحاسبة إذن؟ يجب أن نتحدث أيضا عن مسؤولية رئيس الحكومة على اعتبار أن الوزراء يقومون بأداء المهام المسندة إليهم من طرف رئيس الحكومة، ويطلعون مجلس الحكومة على ذلك طبقا للفصل 93 من الدستور، ومسؤولية نواب الأمة المتمثّلة في المساءلة ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، خصوصا أن وزراء طالهم الإعفاء للإخلال بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم هم حاليا نواب للأمة يتقاضون تعويضا من المال العام. ألا يجب أن تشمل المحاسبة جميع الشرائح حتى يفكر المرشح المتلهف على الفوز بمقعد بالمؤسسة التشريعية أو الجماعات الترابية، أو المتلهف على الاستوزار، أن حلاوة السلطة تتبعها مرارة المحاسبة؟ *نائبة برلمانية سابقة