الدستور من الناحية القانونية هو القانون الأسمى الذي ينظم الحياة السياسية في الدولة، ويحدد العلاقات بين السلط التشريعية والتنفيذية، ويوضح مجالات تدخل كل احدة منهما. وبذلك فهو يهدف الى تحقيق الفصل بين السلط، وإقامة توازن بينها، وضمان استقلال القضاء، وتمكين المواطنين من المساهمة في الحياة السياسية بفعالية. فهو يضع أسس النظام الديمقراطي، وبالتالي يكون هو الضمانة الأساسية للممارسة الديمقراطية وحقوق الإنسان. استهلال هذه القراءة الأولية لمشروع الدستور الجديد بهذا التعرف يعني أنها ستكون قراءة قانونية، وانطلاقا من أن الأساس القانوني لكل دستور ديمقراطي يتجلي في مستويين، مبدأ سمو الدستور، ومبدأ الفصل بين السلط ، فإن اهتمامنا سينصب على محاولة تبيان العلاقة بين السلط في إطار مشروع الدستو الجديد. نقرأ في الفقرة الثانية من الفصل الأول ما يلي:»يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس الفصل المرن للسلط مع توازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية وعلى مبدأ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة»« فالهدف هنا هو الفصل بين السلط، وهو مبني على المرونة، والتوازن والتعاون والمشاركة، فكيف يتجلى ذلك؟ لاشك أن الفصلين 41 و42 من المشروع، قد أزالا الإشكال الذي كان مطروحا بمقتضى الفصل 19 من الدستور الحالي[ 1996]خاصة من حيث قابليته للتأويلات والتفسيرات المتضاربة لمضمونه، فالفصلان المذكوران ميزا بين صلاحيات الملك أمير المؤمنين، ورئيس المجلس العلمي الأعلى وصلاحياته كرئيس للدولة, التي وصفها الخطاب الملكي لتقديم مشروع الدستور ]2011-06-17[ ببأنها مهام سيادية وضمانية وتحكيمية. أما الفقرة الأولى من الفصل 89 فتنص على حق الحكومة في ممارسة السلطة التنفيذية وهو ما لم يكن منصوصا عليه في الدستور الحالي، هذا بالاضافة الى اعطاء صفة رئاسية للمسؤول عن السلطة الحكومية وبذلك يكون التعديل قد ييسر الحديث عن فصل السلط وممارستها. أولا: صلاحيات الملك بالاضافة الى ما نص عليه الفصلان، 41 و42 من صلاحيات دينية خاصة بإمارة المؤمنين، ورئاسة المجلس العلمي، ومن أنه هو الممثل الأسمى ورمز وحدة الأمة، والضامن لدوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها الساهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وصيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، واحترام التعهدات الدولية، وضمان استقلال البلاد وحوزتها، فإن الفصول من 47 إلى 57 نصت على الصلاحيات التالية: تعيين رئيس الحكومة وأعضائها - إعفاء عضو أو أكثر منها - رئاسة المجلس الوزاري - الأر بتنفيذ القانون, الموافقة على تعيين القضاة - حل مجلسي البرلمان أو أحدهما - مخاطبة الأمة والبرلمان - قيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الملكية - التعيين في الوظائف العسكرية - اعتماد سفراء الدول الأجنبية والمنظمات الدولية ويعتمد لديه سفراؤها - التوقع على المعاهدات والمصادقة عليها - حق العفو - إشهار الحرب بالاضافة الى تعيين أعضاء المحكمة الدستورية [الفصل 130 ]رئاسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية [الفصل 115] - طلب قراءة جديدة لكل مشروع أو مقترح قانون من كلا مجلسي البرلمان [الفصل 95] مراجعة الدستور [الفصل 172] - حالة الاستثناء [الفصل 59] افتتاح الدورات التشريعية [الفصل 65] ومن بين هذه الصلاحيات ما يتطلب اتخاذ اجراءات، ومنها ما يمكن تفويضه. *فالأمر بتنفيذ القانون محدد في أجل 30 يوما الموالية لإحالته على الحكومة [الفصل 50] * حل البرلمان أو أحد مجلسيه يتطلب استشارة رئيس المحكمة الدستورية وإخبار رئيسي مجلسي البرلمان وتوجيه خطاب الي الأمة [الفصل 96] * انتخاب البرلمان أو المجلس الجديد يجب أن يكون في ظرف شهرين على الأكثر بعد تاريخ الحل [الفصل 97] مع عدم إمكانية حل المجلس الجديد الا بعد مضي سنة على انتخابه ما عدا في حالة تعذر توفر أغلبية حكومية داخل مجلس النواب الجديد. * المصادقة على المعاهدات المشار إليها في الفصل 55 من الفقرة الثانية، تتطلب الموافقة عليها بقانون، والفقرة 4 منه ربطت المصادقة بمراجعة الدستور اذا صرحت المحكمة الدستورية بوجود بند يخالف الدستور اثر إحالة الاتفاقية عليها من طرف الملك أو من رئيسي المجلسين، أو من سدس أعضاء مجلس النواب، أو ربع أعضاء مجلس المستشارين. - إعلان حالة الاستثناء، تكون بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيسي المجلسين ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب الى الأمة، ولا يترتب عنها حل البرلمان، مع ضمان الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور. من جهة أخرى يمكن للملك أن يفوض لغيره صلاحيات التعيين في الوظائف العسكرية [الفصل 53] أو التفويض لرئيس الحكومة رئاسة المجلس الأعلى للأمن [ف54]، أو رئاسة المجلس الوزاري [الفصل 48] على أساس جدول أعمال محدد في كلتا الحالتين. ويمارس الملك سلطاته الدستورية بمقتضى ظهائر، توقع بالعطف من طرف رئيس الحكومة ماعدا الظهائر المتعلقة ب: - تحديد اختصاصات وتأليف المجلس العلمي الأعلى وكيفيات سيره [الفصل 41] - رئاسة مجلس الوصاية وتركيبته [الفقرة 2 من الفصل 44] - تعيين الحكومة أو إعفاء عضو أو أكثر من أعضائها [الفقرتان 1 و2 من الفصل 47] - حل مجلسي البرلمان أو أحدهما [الفصل 51] - الموافقة على تعيين القضاة [الفصل 57] - حالة الاستثناء [الفصل 57] - تأليف المحكمة الدستورية[ الفقرة الأولى الفصل 130] - عرض مشاريع ومقترحات مراجعة الدستور على الاستفتاء الشعبي [الفصل 174] ولابد أن نشير إلى أن مضامين الفصل 49 الذي ينص على القضايا التي يتم التداول فيها بالمجلس الوزاري برئاسة الملك، ومضامين الفصل 92 المتعلقة بالقضايا التي يتم تداولها بمجلس الحكومة برئاسة رئيسها، لا تعطي للمجلس الأخير صلاحية البث النهآئية, وذلك لضرورة عرضها أمام المجلس الوزاري، كما أن الفقرة الأخيرة من الفصل 92 نفسه تلزم رئيس الحكومة بأن يطلع الملك على خلاصات مداولات المجلس الحكومي، وهذا يحيل الى الفصل 42 الذي يجعل من بين مهام الملك السهر على احترام ا لدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية وإلى الفصل الأول الذي ينص على أن الفصل بين السلط هو فصل مرن متوازن وتعاوني, بالاضافة الى أن ذلك يعطي للملك مراقبة سير عمل الحكومة وتوجيهها إن اقتضى الأمر ذلك. هذه هي مجمل صلاحيات الملك ومن خلالها تتجلى علاقة المؤسسة الملكية مع كل من مؤسستي التشريع والتنفيذ. ثانيا: العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بما أننا بصدد موضوع العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, فإننا سوف لا نتحدث عن تكوين وتشكيل ومختلف الصلاحيات المنوطة بالبرلمان والمكانة التي أصبح يتبوأها كل من مجلسيه ونؤجلها لفرصة أخرى، ونذهب مباشرة الى الحديث عن علاقة السلطتين من خلال نقطتين: التشريع والمراقبة. 1 - التشريع أعطى الفصل 78 لرئيس الحكومة، ولأعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين، كما مكن الحكومة من حق الدفع بعدم قبول كل مقترح أو تعديل لا يدخل في مجال القانون, على أن يبقى البت في الخلاف للمحكمة الدستورية في أجل ثمانية أيام بطلب من أحد المجلسين أو من رئيس الحكومة، ويمكنها كذلك أن تعارض في بحث كل تعديل لم يعرض من قبل على اللجنة التي يعنيها الأمر [الفصل 83]، ويمكنها أيضا أن تصدر خلال الفترة الفاصلة بين الدورات وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأر من كلا المجلسين، مراسيم قوانين يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان خلال دورته العادية الموالية. أما الفصل 70 فيسمح بأن يأذن البرلمان للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدد ولغاية معينة بمقتضى مراسيم و تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، ويجري العمل بها بمجرد نشرها، غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة عند انتهآء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها، إلا أن قانون الإذن يبطل إذا و قع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما. إضافة إلى أن المجلس التنظيمي يختص بالمواد التي لا يشملها اختصاص القانون [الفصل 72]، ويعني اختصاص القانون هنا الاختصاصات المنصوص عليها في الفصل 71 أو ما يسنده الدستور صراحة الى البرلمان بنصوص أخرى. إذن فالحكومة لها حق التشريع المشروط في حالتين ويتعلق الأمر بحالة التشريع خارج الدورات باتفاق مع اللجان المعنية وحالة قانون الإذن، بالاضافة الى حقها في التشريع خارج اطار الفصل 71 المتعلق باختصاص القانون أو خارج المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور. وتجدر الاشارة الى أنه إذا كان كل من مكتبي المجلسين يضع جدول أعماله فإنه يخضع بالأسبقية وفق الترتيب الذي تحدده الحكومة. على أن يخصص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين ومن بينها تلك الصادرة عن المعارضة. وهكذا إذا كانت اختصاصات الجهاز التشريعي الأصلي قد توسعت توسعا كبيرا من خلال الصلاحيات والميادين والقضايا التي يشرع فيها، فإنها ضلت متسمة بسيمة الحصر، في غياب نص قانوني يسهل من إمكانية توسيعها حسب المستجدات والظروف والحاجات، ومقابل ذلك ترك المجال مفتوحا أمام المجال التنظيمي [الفصل 72] واحتفاظ الحكومة بصلاحية الدفع بعدم قبول كل ما لا يدخل في مجال القانون وامكانية تغيير النصوص التشريعية من حيث الشكل بمرسوم بعد موافقة المحكمة الدستورية إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجالات التي تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصاتها. 2 - المراقبة - عرض البرنامج الحكومي بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه، ويكون البرنامج موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبهما تصويت مجلس النواب، ولا تكون الحكومة منصبة إذا صوتت الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس ضد برنامجها، فمجلس النواب هنا هو صاحب القرار. - قانون المالية وقانون التصفية فقانون المالية الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب والتصويت عليه، وسيلة هامة لمراقبة الحكومة، ويجري التصويت وفقا لشروط يتضمنها قانون تنظيمي يحدد طبيعة المعلومات والوثائق والمعطيات الضرورية لتعزيز المناقشة البرلمانية حول المشروع. ويؤكد الفصل 77 على وجوب سهر كل من البرلمان والحكومة على الحفاظ على توازن مالية الدولة، ويعطي للحكومة حق رفض كل المقترحات والتعديلا التي يؤدي قبولها بالنسبة للقانون المالي الى تخفيض الموارد العمومية، أو احداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود. فكل نقاش هنا، لابد وأن يأخذ بعين الاعتبار التوازن المالي للدولة. كما أن الحكومة ملزمة بأن تعرض على البرلمان سنويا قانون التصفية المتعلق بقانون مالية السنة الفارطة, متضمنا حصيلة ميزانية التجهيز التي انتهت مدتها. الاسئلة الاسبوعية والشهرية حيث تدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما الموالية لإحالة السؤال عليها, غير انه اذا تعلق الامر بالسياسة العامة، فالاجوبة تكون من طرف رئيس الحكومة، تخصص لها جلسة كل شهر، وتعرض أمام المجلس المعني. اللجان النيابية لتقصي الحقائق: وهي تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من ثلث اعضاء مجلس النواب، او اعضاء مجلس المستشارين، يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة او بتدبير المصالح او المؤسسات والمقاولات العمومية واطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج اعمالها، الا انه لا يجوز تكوين هذه اللجان للتقصي في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، مادامت، المتابعات جارية، وتنتهي مهمتها فور فتح تحقيق قضائي, اما اعمالها فتنتهي بايداع تقريرها لدى مكتب المجلس المعني، وعند الاقتضاء بالإحالة على القضاء من قبل رئيس هذا المجلس، هذا بالاضافة الى تخصيص جلسة عمومية داخل المجلس المعني لمناقشة تقارير هذه اللجان.وتخضع طريقة سيرها لقانون تنظيمي -طلب منح الثقة: وهو حق لرئيس الحكومة يتقدم به مجلس النواب، يربط فيه مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يفضي به في موضوع السياسة العامة، او بشأن نص يطلب الموافقة عليه، ويؤدي سحب الثقة الى استقالة الحكومة استقالة جماعية. - ملتمس الرقابة لقبول هذا الملتمس الذي يتقدم به مجلس النواب، يجب ان يوقعه على الاقل خمس الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس [الربع في دستور 1996] ولا تصح الموافقة عليه الا بالاغلبية المطلقة للاعضاء. ويترتب عنها استقالة الحكومة استقالة جماعية. واذا وقعت الحكومة، فلا يقبل بعد ذلك تقديم اي ملتمس رقابة طيلة سنة. ملتمس المساءلة وهو يعود الى مجلس المستشارين، و يجب ان يوقعه على ا لاقل، خمس اعضائه لقبوله وعلى رئيس الحكومة داخل اجل ستة ايام، ان يعرض امام المجلس جواب الحكومة يتلوه نقاش لا يعقبه تصويت. بالاضافة الى آليات المراقبة البرلمانية السالفة الذكر، فقد عزز مشروع الدستور الجديد تلك الاليات ب: -تقديم رئيس الحكومة امام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة اما بمبادرة منه او بطلب من ثلث اعضاء مجلس النواب، او اغلبية اعضاء مجلس المستشارين. - تخصيص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها. -تمكين اللجان المعنية بكلا المجلسين من طلف الاستماع الى مسؤولي الادارات، والمؤسسات، والمقاولات العمومية بحضور الوزراء التابعين لهم، وتحت مسؤوليتهم. حل مجلس النواب من طرف رئيس الحكومة امام الصلاحيات السالفة الذكر، التي يتمتع بها مجلس النواب في علاقته مع الحكومة، وفي اطار التوازن المطلوب، اعطى الفصل 104 لرئيس الحكومة الحق في الاقدام على حل مجلس النواب، بعد استشارة الملك ورئيس المجلس، ورئيس المحكمة الدستورية بمرسوم يتخذ في مجلس وزاري، على أن يقدم رئيس الحكومة امام مجلس النواب تصريحا يتضمن بصفة خاصة دوافع قرار الحل وأهدافه. جدولة مقترحات القوانين: اشرنا سابقا الى أن الحكومة تتحكم في جدول اعمال جلسات البرلمان من حيث الاسبقية والترتيب الذي تحدده ولتجاوز تغليب مناقشة مشاريع القوانين المقدمة من طرف الحكومة على مقترحات القوانين المقدمة من طرف البرلمان، نصت الفقرة الاخيرة من الفصل 82 على أن «»يخصص يوم واحد على الاقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين، ومن بينها تلك الصادرة عن المعارضة« «وهذا من شأنه ان يدفع اعضاء البرلمان والفرق البرلمانية للارتقاء بالعمل التشريعي والمبادرة الى الرفع من انتاجيته، ناهيك عن ضمان حق المعارضة في ذلك. الاحزاب السياسية بما ان مجلس النواب والحكومة ينبثقان عن الاحزاب السياسية, نرى ضرورة ادراجها ضمن تحليل العلاقة بينهما. واول ما يثير الانتباه هنا هو ان مشروع الدستور قد خص الاحزاب السياسية بفصل خاص [الفصل 7] وميزها عن غيرها من التنظيمات الاخرى التي لا تعاد لها مكانة، واعترف لها بدور التأطير والتكوين السياسي والتنشئة على قيم الغيرة الوطنية والمواطنة المسؤولة، وتعزيز انخراطهم في الحياة السياسية، وتدبير الشأن العام، والتعبير عن ارادة الناخبين والمشاركة في ممارسة السلطة على اساس التعددية والتناوب بالوسائل الديمقراطية وفي نطاق المؤسسات الدستورية. نلاحظ هنا أن الفصل المذكور استهل الحديث عن مهام ومسؤوليات الاحزاب بكلمة [تعمل] وهي كلمة لها دلالتها لامن المكانة ولا من حيث الدور ولامن حيث الواجبات والمسؤوليات. هذا بالاضافة الى اعطائها الضمانة الاساسية التي تخول لها القيام بمهامها تلك، حيث نص الفصل التاسع على ان حلها او توقيفها لا يكون الا بمقتضى مقرر قضائي. خلاصة اولية موجزة تركزت مطالب التعديل الدستوري فيما يتعلق بموضوعنا على: الفصل بين سلطات الملك القائم على الشأن الديني وسلطاته كرئيس للدولة، وذلك بإعادة صياغة الفصل 19من الدستور الحالي وتقسيمه الى قسمين: دسترة المنهجية الديمقراطية جعل الحكومة مسؤولية امام الملك، ومجلس النواب واعمال مبدأ المساءلة اعطاء الصلاحية التنفيذية اللازمة للقيام بمهامها وتحمل مسؤولياتها الارتقاء بالوزير الاول الى رئيس الحكومة، ودسترة المجلس الحكومي توسيع اختصاصات مجلس النواب التشريعية والرقابية وتسهيل هذه الاخيرة، وجعله المشرع العادي ومن خلال ما اوردناه في هذه القراءة، والاطلاع على مضامين الفصلين 71 المتعلق باختصاص القانون، والفصل 92 المتعلق بمداولات مجلس الحكومة يتضح ان مشروع الدستور الجديد قد استجاب بصفة عامة لهذه المطالب، وبذلك يكون خطوة جد هامة في اتجاه تيسير مسيرة الانتقال الديمقراطي لبلادنا والدفع بها اكثر الى الأمام.