عبر محمد أحمجيق، شقيق "دينامو حراك الريف" نبيل أحمجيق، أبرز المعتقلين، عن فرحة عائلات المعتقلين بإقدام هؤلاء على تعليق إضرابهم عن الطعام، وذلك تجاوبا منهم مع "الزلزال" الذي أحدثه الملك محمد السادس، بإعفائه مجموعة من الوزراء والمسؤولين بسبب وقوفهم وراء تعثر مشروع "الحسيمة منارة المتوسط". في حواره التالي مع هسبريس، أكد أحمجيق أن المعتقلين اعتبروا خطوة الملك إشارة قوية لتبرئتهم من المنسوب إليهم بحكم أن الإعفاءات تصب في مصلحتهم، مضيفا أن هذا الأمر يعد "مؤشرا ايجابيا لحلحلة الأزمة وطيها عبر إطلاق سراح جميع المعتقلين". وأشار شقيق أحمجيق، على أن الملك محمدا السادس كان صريحا عندما جلد الطبقة السياسية، في خطابيه الأخيرين، مؤكدا أن رسالته كانت واضحة، وبها إقرار بأن هناك خلل يجب الإسراع في معالجته. الآن، بعد 43 يوما من الإضراب عن الطعام، شقيقكم المعتقل نبيل يعلن بمعية رفاقه المعتقلين عن تعليقه ذلك. كيف تلقيتم كأسرة هذا الخبر؟ لا يمكننا إلا أن نكون سعداء بهذا الأمر، بعدما صدمنا لوضعه الصحي الذي تدهور جراء دخوله في الإضراب عن الطعام لأزيد من 40 يوما. فطوال الزيارات التي قمنا بها إلى سجن عكاشة الذي يتواجد به، ومعاينتنا لحالته الصحية، كنا جد قلقين مما آلت إليه صحته لا سيما وأن وزنه تراجع بشكل لافت للانتباه، حتى أن هذا الإضراب كان يشكل لنا فوبيا. والحمد لله، فإن رفعه وباقي المعتقلين الإضراب عن الطعام، أراحنا قليلا على الأقل، في انتظار الفرحة الكبرى بإطلاق سراحهم قريبا. تعليق الإضراب عن الطعام جاء تجاوبا مع خطوة الملك بعزل وزراء ومسؤولين بسبب مشروع الحسيمة، كيف نظرتم لذلك؟ نعم، هذه الخطوة من طرف نبيل وباقي المعتقلين، جاءت تجاوبا كما أسماها في كلمته أمام هيئة المحكمة مع الخطوة السديدة للملك بإعفائه المسؤولين، ونحن نتمنى الآن، أن يتخذ الملف مسارا إيجابيا يعكس مطلبنا الاستعجالي المتمثل في الإفراج الفوري عن المعتقلين. خلال زيارتكم للمعتقلين، هل كانت قضية "الزلزال الملكي" حاضرة في نقاشاتكم؟ بالتأكيد، فهذا هو الحدث الرئيسي، إذ الكل يتابع تطوراته ومآلاته، والمعتقلون أشادوا بهذه الخطوة التي أسماها شقيقي بالخطوة السديدة. من خلال نقاشنا معهم أثناء الزيارة، فقد زكوا خطوة الملك، ولولى هذا القرار السديد، لما تفاعلوا معه عبر تعليق إضرابهم عن الطعام، وهذا يصب في خانة إيجاد حل سياسي لقضيتهم، ويؤكدون على أن هذه إشارة قوية لتبرئتهم من المنسوب إليهم بحكم أن الإعفاءات تصب في مصلحتهم، وفي حلحلة الملف. كما اعتبروا هذا الأمر إشارة قوية من أعلى سلطة في البلاد، وبالتالي فعلى المسؤولين الذين على عاتقهم الملف التحرك، والنظر في كون الملف لا حل قضائي له بقدر ما حله يجب أن يكون بمداخل سياسية. طيب، كيف تنظرون أنتم إلى "الزلزال" الذي أحدثه الملك بإعفائه لمسؤولين كبار بسبب مشاريع في الحسيمة؟ هذه الخطوة السديدة غير المسبوقة، تؤكد براءة المعتقلين، وهي إقرار ضمني ليس فقط بمشروعية المطالب، بل حتى ببراءة هؤلاء الموقوفين، ونحن نرى أنه مؤشر ايجابي لحلحلة الأزمة وطيها عبر إطلاق سراح جميع المعتقلين. وأؤكد على أننا نتمنى بأن كل مسؤول تبث في حقه أي تقصير في المسؤولية أن تتم محاسبته وفق القوانين المنظمة، حتى يمكن للبلاد أن تخطو خطوات إلى الأمام وتعرف الدمقرطة والتغيير المنشود. إلى حد الساعة مرت أربع جلسات من المحاكمة.. كيف تابعتم أطوارها؟ الملاحظ ونحن نعاين جلسات المحاكمة أن طريقة الولوج إلى المحكمة وما يرافقها من إجراءات مشددة على كل الراغبين في الحضور ومتابعة أطوارها، هي في الحقيقة إجراءات لم نستسغها وليس لها داعٍ ولا سند قانوني لها؛ إذ هي إجراءات تضرب في العمق شعار القضاء في خدمة المواطن. وقد سجلت احتجاجي على منع العائلات وفرض دخول فردين للجلسة. المثير في أطوار الجلسة هو صك الاتهامات والشنآن بين الدفاع والنيابة العامة؛ إذ اعتقد أن هناك رسائل غير مطمئنة، وقراءتنا لهذا هي قراءة استباقية ويمكن أن أقول بأن المعتقلين تنتظرهم أحكام قاسية بناء على أطوار المحاكمة. الملك أكد في خطاباته الأخيرة أن هناك اختلالات بمشروع "الحسيمة منارة المتوسط" تم فتح تحقيق فيها ووصلت لمرحلة الإعفاءات للمسؤولين.. أنتم كأسر كيف ترون ذلك بالرغم من استمرار اعتقال أبنائكم؟ هي شجاعة، وإقرار من أعلى سلطة في البلاد عندما بادر إلى فتح تحقيق في تعثر مشروع منارة المتوسط وكذا إعفائه عدد من الوزراء والمسؤولين، كما يعد تزكية لما كان الحراك ينادي به، والتي هي مطالب اجتماعية. هل هذا يعني أن الملك يؤيد الحراك بصيغة ما؟ لا أنظر إليه على أنه تأييد، بقدر ما أراه تزكية لمطالب مشروعة ما دام أنه أعطى تعليماته بفتح تحقيق في الموضوع، وما ترتب عنه الآن من إعفاء للوزراء والمسؤولين، وهو إقرار بأن هناك وضعا غير سليم من خلاله يجب أن تتم محاسبة كل من تورط في تعثر هذه المشاريع. فكيف يعقل أن مشاريع قدمت أمام أنظار الملك ولم يتم الشروع في إنجازها بالرغم من مرور سنتين على تقاذف المسؤوليات بين الأطراف السياسية في هذا الموضوع؟ الحراك ليس ترفا نضاليا بقدر ما هو حاجة موضوعية إلى تحقيق الكرامة. ما دام أن أعلى سلطة في البلاد أيدت المطالب الاحتجاجية.. فما هي رسالتكم إلى الملك في ظل هذه الاعتقالات؟ الملك كان واضحا في مناسبتين: الأولى عندما قام بجلد الطبقة السياسية بما لها من تقصير في المسؤولية تجاه تأطير وتدبير الشأن العام، والثانية في خطاب افتتاح الدورة التشريعية الذي كان صريحا كل الصراحة في الدعوة أو إعلان الموت للبرنامج التنموي المغربي، وأعتقد أن هذين الخطابين كفيلين باستقراء الوضع العام الذي تعيشه البلاد اليوم، وأظن أنهما إحدى تمظهرات هذا الحراك. الملك في خطاباته يرسل رسائل قوية إلى من يعنيه الأمر، وبدورنا نعبر عن تشبثنا ومطالبتنا الملحاحة بالتدخل لإطلاق سراح المعتقلين. على ذكر الأحزاب السياسية وعتاب الملك لها وللبرنامج التنموي.. أنتم كأسر كيف كان تعامل الأحزاب مع الحراك بالنسبة إليكم؟ الملك أعلنها صراحة عندما جلد الطبقة السياسية ورسالته كانت واضحة، وبها إقرار بأن هناك خلل يجب الإسراع في معالجته يكمن في ترك الأحزاب السياسية أو عدم تحمل مسؤولياتهم إزاء وضع يستدعي الإقرار بالتقصير. الملك اليوم يجد نفسه في مواجهة مع شعبه، أين المؤسسات؟ أين المسؤولون عن تدبير الشأن العام؟ أين الدولة؟ اليوم هذا الاستشعار الذي تفطن له الملك يجب أن يعاد فيه النظر وعلى الجميع تحمل مسؤوليته. هذا الاختلال يجب أن يعالج بالمبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة. اليوم وأنا استحضر شريط الحراك بعد عامه الأول وما رافقه من أشكال حضارية وإبداعية، كان المنبه إلى استشعار الخطر وكان بمثابة دق ناقوس الخطر يرسل رسائل إلى الدولة بأن هذا الوضع لا يستقيم، وبالتالي يجب التجاوب والتعاطي الذي من شأنه أن يمنح الساكنة ما تستحق من عناية واهتمام. اليوم الملك أقر بفشل النموذج التنموي، فمن يتحمل المسؤولية؟ هل نشطاء الحراك والقابعون بالسجون؟! هم عبروا بعفوية ومسؤولية وطالبوا بمطالب كل الشعب المغربي، وأعتقد أنه بات واجبا تنزيل ربط المسؤولية بالمحاسبة واقعا وعملا، ويجب أن يتم تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات. يعني أن الأحزاب السياسية بالريف لم تؤد العمل المنوط بها عبر ممثليها في المجالس المنتخبة؟ سأحيلك على خطاب العرش الذي كانت فيه صراحة لا متناهية من طرف الملك، فلو تحملت الأحزاب السياسية مسؤوليتها لما كان هذا الوضع. الأحزاب السياسية اليوم هي جزء من المشكل وليس من الحل، الذي يتآمر على الحراك ويسهر على تدبير الشأن العام، والذي له مسؤولية سواء محلية أو وطنية، فهل تقلدها هؤلاء الشباب؟ هناك أطراف سياسية تدبر الشأن العام يجب الإقرار بأنها فشلت فشلا ذريعا في تفعيل برامج على أساسها تحظى المنطقة بدينامية تنموية وأن تعرف نموا متسارعا في هذا المجال. يعني تفضلون تدبير التكنوقراط على المتحزبين؟ شخصيا لا أميل لا للتكنوقراط ولا للمتحزبين، وأنا أحمل المسؤولية لكل من له ارتباط بتدبير الشأن العام، لأنه حتى التكنوقراط لا يمكن إعفاءهم من المسؤولية، فالإشكال اليوم في تنزيل القوانين؛ إذ نقرأ في الجرائد أخبارا تتعلق بتبديد أموال عمومية واختلاسات، لكن لا نسمع عن سجن مسؤول، وهذه المفارقة في تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات يجب إحداث زلزال سياسي فيها، وإعمال الصرامة والضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه المساس بالمصالح الاجتماعية للمواطنين. هناك محاكمات ومبادرات تنسج هنا وهناك.. أنتم كأسر هل من حملة ترافعية أكبر للإفراج عن المعتقلين؟ نحن كأسر هذا همنا ومسؤوليتنا من أجل الدفع بهذا المطلب الملحاح الذي هو مطلب كل القوى الحية بالبلاد، مطلب تتقاطع فيه كل الحركة الحقوقية والشرفاء والمتضامنين مع قضية الريف العادلة. مطلب إطلاق السراح هو مطلب ننظر إليه من زاوية الاستعجالية، وبالتالي فالترافع سيكون في هذا الصدد، ونحن لن نمل أو نتراجع عن التأكيد والترديد بالمطالبة بسراحهم. اليوم على الدولة وعلى كل من له صلة بالموضوع أن ينظروا إلى إيجاد صيغ ممكنة من شأنها أن تدفع بإطلاق سراح المعتقلين وبالتالي إنهاء هذه المأساة التي أصبحنا في غنى عنها لما شكلته لنا من معاناة نفسية ومعنوية ومادية. ضمن هذه الحملة الترافعية.. ألن تطرقوا باب رئيس الحكومة؟ أعتقد أن رئاسة الحكومة قالت كلمتها في الموضوع في خرجتها الصحافية عندما أشارت إلى أن الملف ليس بيدها، وهي إشارة واضحة إلى أن رئيس الحكومة غير قادر على المساهمة في حلحلة هذا الملف.