قدّم عبد القادر مساهل، وزير خارجية الجزائر، أمام المستثمرين الجزائريين وكبار رجال الأعمال معطيات مغلوطة حول وضع اقتصاد بلاده مقارنة بنظيره المغربي، وقال في تصريحه المثير للجدل: إن "اقتصاد الجزائر، وفق مؤشر مناخ الأعمال دوينغ بيزنس، لم يعترف هذه السنة بأداء أي بلد من شمال إفريقيا، بل فقط باقتصاد الجزائر". وبالعودة إلى التقرير السنوي برسم سنة 2017 حول مؤشر مناخ الأعمال (دوينغ بيزنس)، والذي استند عليه الدبلوماسي الجزائري والذي يعدّ المرجع الأهم لتحديد اختيارات وقرارات المستثمرين الدوليين، نجد أن الجزائر تذيلت القائمة باحتلالها المرتبة ال156 من ضمن 190 دولة، مع أداء ضعيف انحصر في 47,76 نقطة من أصل 100، متخلفة بشكل كبير عن المغرب الذي جاء في المركز ال68 بمجموع 68,5 نقطة، وهي أفضل نتيجة في المنطقة المغاربية، تليه تونس في المرتبة ال77 ب64,89 نقطة. ويكشف التقرير، بشكل واضح وبالأرقام، كذب وبهتان تصريحات وزير خارجية الجزائر، التي رفض فيها بأن المغرب أصبح مثالا يحتذى به في إفريقيا بالنظر إلى استثماراته الضخمة وتوجهاته الجديدة. ويتبين، من خلال أرقام خبراء البنك الدولي، أن مناخ الأعمال في الجزائر لا يزال يعاني من تعقيدات كبرى في مجال إحداث المقاولات والحصول على تراخيص البناء والمسائل الضريبية. ويوضح تقرير مناخ الأعمال لسنة 2017 أن الجزائر تحتل المرتبة ال142 من أصل 190 دولة في ما يخص إحداث المقاولات، متمركزة بذلك في مرتبة متقهقرة قياسا بالمغرب ومصر، اللذين جاءا على التوالي في المرتبتين ال40 وال39، في حين احتلت تونس المرتبة ال103. ومن المرتقب أن يصدر البنك الدولي تصنيف مؤشر الأعمال لسنة 2018 خلال الأسبوع الجاري، وهو المؤشر الذي سيضع تصريحات رئيس دبلوماسية الجزائر على المحك، بالنظر إلى الوضعية الاقتصادية الهشة لقطاع الاستثمار في الجار الشرقي. ويرى الموساوي العجلاوي، الخبير المتخصص في الشؤون المغاربية، أن المقارنة بين الاقتصاد المغربي والجزائري لا تكمن فقط من خلال تقرير البنك الدولي، بل حتى من خلال أرقام مكتب الاستثمارات التابع لوزارة الخارجية والتي كشفت أن "الاقتصاد الجزائري مغلق بنسبة 51 على 49؛ بمعنى أنه لا يمكن لأي رأسمال أجنبي أن يدخل إلى السوق الجزائرية إلا إذا تخلى عن 51 في المائة من رأسمال مشروعه". ويُوضح الباحث في المعهد المغربي للدراسات الإفريقية، ضمن تصريحات لهسبريس، أن العديد من الشركات الفرنسية المتخصصة سوق السيارات كما هو الحال في المغرب فشلت في الجزائر للأسباب المشار إليها، معتبرا أن "المقارنة بين الاقتصادين غير واردة، لأن المغرب متناقض على الجزائر، سواء من حيث البنيات التحتية أو التشريعات المتعلقة بالاستثمار التي تجعل منه بلدا منفتحا أمام العالم". "هذه الدينامية التي يمتاز بها المغرب في السنوات الأخيرة هي التي جعلت منه ثاني مستثمر على مستوى القارة الإفريقية، وأول مستثمر على مستوى مجموعة دول غرب إفريقيا"، يضيف العجلاوي، الذي أشار إلى أن آخر الإحصائيات الحديثة تظهر أن المغرب أصبح في سنة 2017 خامس مستثمر دولي في إفريقيا بعد الصين وأمريكا واليابان وكوريا. وعاد الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية إلى تصريحات مساهل أمام رجال الأعمال الجزائريين، وأشار إلى أن "هؤلاء المستثمرين خلقهم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والذي يمثلهم هو رجل الأعمال النافذ علي حداد المقرب من سعيد بوتفليقة"، وهم من دفعوا مساهل إلى قول تلك التصريحات بعدما أحرجوه بالوضع المتقدم الذي وصل إليه الاقتصاد المغربي في محاولة لضربه سياسياً. وأورد العجلاوي أن ضعف اقتصاد الجزائر يظهر أيضا من خلال عملة البلاد التي تقيس مدى قوة البلدان، وقال إن "الدينار الجزائري يُمثل حوالي خمسة سنتيمات مغربية، الأمر الذي يُبرز فشل نظام الحكم الجزائري". وكان الاتحاد العام لمقاولات المغرب قد عبّر عن شجبه ورفضه للتصريحات التي أطلقها عبد القادر مساهل، وزير الخارجية الجزائرية، واصفا إياها ب"اللامسؤولة" و"الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة". وأكد الاتحاد العام لمقاولات المغرب أن تصريحات مساهل مسيئة، و"تشكل أولا سبة لذكاء نظرائنا الفاعلين الاقتصاديين الجزائريين، المدركين لدقة النموذج الاقتصادي والشراكة المغربية، التي تقوم على أساس جنوب - جنوب رابح، وحامل للتنمية وللتطور لمجموع قارتنا".