يعتقد الكثير من المثقفين المغاربة أننا لا نملك تاريخا مع نوبل، وخاصة مع نوبل للآداب. إن الكتاب المغاربة لا يجرؤون على الحلم بنوبل للآداب، ويظنون أن الكتاب المشارقة أولى بالفوز بهذه الجائزة المرموقة. فمنذ فوز نجيب محفوظ بالجائزة لم يتقدم كاتب مغربي للترشح لها، أو على أقل تقدير أن يكون في لائحتها، سواء الطويلة أو القصيرة. فهل لازالت عقدة المشرق حاضرة في أذهان الكتاب المغاربة؟ شخصيا، أعتقد ذلك. لكن قبل الإجابة عن هذا السؤال أود أن أبين، باختصار شديد، طريقة اختيار الكتاب المرشحين، وسأعطف على التجربة المغربية، الوحيدة واليتيمة-حسب علمي-مع هذه الجائزة. 1//كيفية اختيار المرشحين في كل عام ترسل الأكاديمية السويدية طلبات ترشيح للمنتخبين لجائزة نوبل للآداب: أعضاء في الأكاديمية، أعضاء في أكاديميات الأدب والمجتمعات، أساتذة في الأدب والألسن، أحد الحاصلين على الجائزة سابقا، ورؤساء منظمات الكُتاب يسمح لهم باختيار المرشحين. الترشيح الذاتي غير مسموح به. فقط خمسون مؤلفا يتم قبولهم من آلاف الطلبات المقدمة كل عام. هذه الاقتراحات يجب أن تتسلمها الأكاديمية بحلول الأول من فبراير، إذ يتم اختبارها، وخمسة فقط يتم قبولها بحلول الصيف بعد فحص واختبار لها من لجنة نوبل. الأشهر اللاحقة تقضى في مراجعة الأعمال المؤهلة للانتخاب. في أكتوبر من العام نفسه يقوم أعضاء اللجنة بالتصويت، والعضو الحاصل على أكثر من النصف يصنف بالحائز على جائزة نوبل.. والإجراء نفسه يتم مع كافة الترشيحات لباقي فروع نوبل. يحصل الفائز أيضا على ميدالية ذهبية ودبلوم نوبل، ويستدعى لإلقاء محاضرة أثناء مراسم تقديم الجائزة في العاشر من ديسمبر من العام نفسه، في ستوكهولم. لا يتم منح جائزة نوبل لأي شخص متوفى مهما كانت إنجازاته؛ فمن شروط الترشح لها أن يكون الشخص على قيد الحياة. كما يمكن أن يتم ترشيح الشخص نفسه أكثر من مرة. ويتم تلقي الاقتراحات والترشيحات من أساتذة لهم باع طويل في المجال نفسه، سواء كانوا أساتذة في مجالات الأدب أو العلوم أو أعضاء حكومات وهيئات دولية. 2//التجربة المغربية مغربيا، قامت لجنة دعم مغربية فرنسية سنة 1987 بترشيح صاحب "الشخصانية الواقعية"، الفيلسوف محمد عزيز لحبابي، للفوز بالجائزة. هذه اللجنة ترأسها عضو اتحاد كتاب المغرب الكاتب قاسم الزهيري. وقد وصل الفيلسوف لحبابي إلى اللائحة القصيرة للكتاب المرشحين للفوز بنوبل للآداب في تلك السنة. وفي الأخير فاز بها الشاعر الروسي جوزيف بروكسي. وبالعودة إلى السؤال أعلاه: هل يعيش الكتاب المغاربة على وقع عقدة المشرق؟ فإن انتظار فوز أدونيس بالجائزة ومن ثم التفكير -ربما- في نهج سياسة أكثر اندفاعا من طرف الأجهزة الثقافية الوطنية للدفع باسم أو أسماء مغربية للترشح للفوز بالجائزة، ما سيرفع من قيمة المنتوج الثقافي الوطني ويضعه في مصاف العالمية. هذه الانتظارية صارت غير ذات معنى ولا تخدم الإنتاج الإبداعي العربي عموما والمغربي خصوصا. إن كتابا من طينة الشعراء محمد بنيس، محمد بن طلحة، عبد الكريم الطبال، واللائحة طويلة وروائيين من وزن مبارك ربيع، محمد برادة، بنسالم حميش... أو فلاسفة من قبيل عبد الله العروي وبنعبد العالي... هؤلاء يستحقون تكريما على المستوى العالمي ويكون ترشيحهم من طرف الأكاديميين المغاربة أو من طرف الهيئات الثقافية أكبر اعتراف لهم بعطاءاتهم الإبداعية. كما نمتلك أسماء كبيرة في مجال الكتابة بالفرنسية، أمثال عبد اللطيف اللعبي...كل هؤلاء العلامات والمنارات تستحق ترشيحا لنوبل، وذلك بالأساليب المنصوص عليها في لوائح الجائزة. ولا يفوتني هنا ذكر بعض الأسماء النسائية الرائدة والمجددة، كخناثة بنونة ومليكة العاصمي.. وأعتذر للذين لم أذكرهم، ليس انتقاصا، فهم أساتذتي وأكن للجميع الاحترام والتقدير. هناك اليوم حاجة ماسة إلى بناء وإعادة بناء الشخصية الوطنية والوطنية المغربيةLe nationalisme marocain ، والاهتمام بالأدب والوصول به إلى العالمية أكيد من خلال الإبداع أولا، ولكن أيضا من خلال العمل على ترشيح الكتاب المغاربة ودون أي عقدة نقص، سواء تجاه المشرق أو تجاه الغرب. هذا الاهتمام يعد بابا رئيسا لهذا المشروع. أما الهيئات التي يمكن أن تلعب دورا مهما في ترشيح الأسماء المغربية فهي اتحاد كتاب المغرب وأكاديمية المملكة، باعتبارهما أعلى الهيئات الثقافية الوطنية. أن يفوز كاتب مغربي بنوبل للآداب: لازال يراودني الحلم. [email protected]