كاد علم ما يسمى "جمهورية الريف" أن ينسف المسيرة الوطنية التي نظمتها، اليوم الأحد بمدينة الدارالبيضاء، شبيبات الأحزاب اليسارية المشكلة لفيدرالية السيار وحزب النهج الديمقراطي. ودخل بعض المنظمين من الأحزاب اليسارية في خلاف حاد مع أحد أعضاء الحركة الأمازيغية عندما أخرج علم الجمهورية ليرفعه بالقرب من أسر معتقلي الحراك، الأمر الذي دفعهم إلى ثنيه عن ذلك. ودخل الطرفان في شنآن بسبب العلم المذكور؛ إذ اعتبر المنظمون أنه خروج عن المتفق عليه، بينما اعتبره الشاب القادم من الناظور أمرا عاديا لكون العلم يشكل جزءا من الهوية الريفية. وبدت مسيرة الأحزاب اليسارية، المدعومة بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان ولجنة دعم عائلات معتقلي الحراك، "يتيمة" بسبب غياب "جيش" جماعة العدل والإحسان المحظورة. وبالرغم من كون زعماء أحزاب اليسار تقدموا المسيرة، وعلى رأسهم نبيلة منيب وعبد الرحمان بنعمرو ومصطفى البراهمة، إلا أن عدد المشاركين فيها لم يتجاوز ألف مشارك، بحسب مصدر مستقل، بينما ذهب مصدر أمني إلى التأكيد على أن العدد لا يصل إلى 600 مشارك. كما عرفت المسيرة الوطنية التي انطلقت من ساحة النصر بدرب عمر في اتجاه ساحة الماريشال وسط المدينة، واستمرت لساعتين، غياب التنظيم؛ إذ بدا كل طرف يغرد خارج السرب. وقالت نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، في تصريح لهسبريس، إن "هذه المسيرة تعبر عن التضامن المطلق مع ساكنة الريف، وتأتي من أجل المطالبة بالإفراج عن المعتقلين وفتح الحوار، وتؤكد ضرورة بناء الديمقراطية". وبخصوص غياب جماعة العدل والإحسان التي شاركت في كثير من المسيرات إلى جانب أحزاب اليسار، قالت منيب: "لّي جا مرحبا بيه، فهو يساند أهلنا والمطالب المشروعة، ومن لم يحضر عليه أن يفسر ذلك"، مضيفة: "نحن هنا دائما مع هذا الشعب وسنظل متضامنين وفي كل المعارك وصامدين حتى يتحقق حلم الشعب المغربي في بناء دولة العدالة الاجتماعية". من جهته، مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، أكد على أن "الوضعية جد حرجة، وحراك الشعب المغربي لن يوقفه أحد إذا توفي أحد المعتقلين المضربين عن الطعام". ودعا زعيم الحزب المعارض الدولة إلى "التفاوض مع المعتقلين وإطلاق سراحهم وتنفيذ المطالب التي أقرت بنفسها مشروعيتها"، لافتا إلى أن "العودة إلى الدولة البوليسية لن ينفع في شيء". ورفع المحتجون في هذه المسيرة، التي عرفت ترديد بعض الأمهات الزغاريد والهتاف بالحرية، شعارات تطالب بالإفراج السريع عن المعتقلين وتنفيذ المطالب الاجتماعية التي خرجت على إثرها المسيرات في الحسيمة ونواحيها. وشدد المنظمون على أن المسيرة "رسالة واضحة إلى نظام الحكم ومن يدور في فلكه بأن الشعب المغربي كله يد واحدة من أجل بناء مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، مغرب المساواة الفعلية". وبحضور والد قائد الحراك ناصر الزفزافي ووالدته وأسر معتقلين آخرين من بينهم والدة نبيل أحمجيق، ندد المتظاهرون بما أسموه القمع وحملات التشويه ومحاولات اختراق الحراك للنيل من قناعة أهالي الريف. وعبر المنظمون في بيان ختامي للمسيرة عن إدانتهم لكل "أشكال القمع والترهيب في مواجهة الحركات الاحتجاجية، من عسكرة وعنف واختطافات واعتقالات"، وطالبوا ب"محاسبة المسؤولين عن استشهاد بنات وأبناء الشعب المغربي"، وب"الإطلاق الفوري دون قيد أو شرط للمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وعلى رأسهم معتقلو حراك الريف والمتضامنون معهم"، بتعبير البيان.