يترقب الألمان المناظرة التلفزيونية التي ستواجه فيها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم الأحد، خصمها المرشح عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتس، والتي من شأنها أن تحسم اختيار الناخبين لمستشارهم المقبل على بُعد 3 أسابيع من إجراء الانتخابات التشريعية المقررة يوم 24 شتنبر الجاري. وستبث قناتا "أ إر دي" و"تزي دي إف" العامتان وقناتا "إر تي إل" و"سات 1" الخاصتان، على الهواء مباشرة، أطوار المناظرة الوحيدة التي من المتوقع أن يتابعها نحو نصف عدد الذين يحق لهم التصويت البالغ عددهم 61.5 مليون شخص، وفقا لما ذكرته مؤسسة استطلاعات الرأي فورسا. ومن المنتظر أن تبعث هذه المناظرة التلفزيونية بعض الدينامية في الحملة الانتخابية التي اتسمت بالملل حسب تقارير إعلامية، حيث ستكون المواجهة بين ميركل المتميزة بحضورها الشعبي الكبير وخبراتها الواسعة في مواجهة أزمات عالمية ومحلية وبين شولتس المعروف بقدراته الخطابية المؤثرة، والذي كان قد أعلن أنه ينوي الاستمرار في "المعركة حتى اللحظة الأخيرة" على أمل إزاحة ميركل من عرش المستشارية. ويرى المراقبون أن انتصار أحد المرشحين في هذه المبارزة المباشرة سوف يزيد بشكل واضح من مشاركة الناس في الانتخابات، وتدفع بالكثير من الناخبين الذين لم يتخذوا قرارهم بعد إلى الحسم في اختيارهم. وكان استطلاع للرأي أفاد بأن نحو ربع الألمان الذين يحق لهم الانتخاب لم يحسموا موقفهم من المشاركة في الانتخابات، مشيرا إلى أن ارتفاع نسبة الألمان الذين لا يعتزمون الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات أو لم يحسموا أمر مشاركتهم بعد ب2 في المائة لتصل إلى 26 في المائة، وهي أعلى نسبة يتم تسجيلها في الاستطلاع منذ نهاية يناير الماضي. وتخشى الأوساط السياسية والشعبية في ألمانيا من استفادة اليمين الشعبوي والمتطرف من النسبة الكبيرة للناخبين الذين لم يحددوا بعد خياراتهم في التصويت لكسبهم، مستفيدا من تنامي المخاوف من مشاكل الهجرة والإرهاب والإسلاموفوبيا. وقالت ميركل إنه لم يكن لديها الوقت لمراجعة أشرطة الفيديو من المناظرات السابقة؛ ولكن ستعد نفسها من خلال قراءة مواد مختلفة. وعبّرت، في تصريح لصحيفة "راينش بوست"، عن أملها في أن يشاهد الكثير من الألمان المناظرة التلفزيونية. وتمنح استطلاعات الرأي تفوقا لحزب ميركل "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" أمام الحزب الاشتراكي الديمقراطي بفارق من 14 ل18 نقطة بينهما، فيما يحتل حزب البديل اليميني الشعبوي المرتبة الثالثة. ويرى المراقبون أن ميركل لا تخاطر، وتتجنب الوعود الواضحة، وتطرح نفسها كضامنة للاستقرار في عالم الأزمات وفي وجه الصدمات الانتخابية التي تمثلت في بريكست وفوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتكرر ميركل القول إنه بالرغم من 12 عاما في الحكم، ما زالت حماستها نفسها "أركز على الفوز لينتصر الاتحاد المسيحي الديموقراطي في ألمانيا". وتشكل هذه المناظرة فرصة أخيرة بالنسبة إلى المرشح الاشتراكي الديمقراطي من أجل تحقيق أمل حزبه في الانتصار على الاتحاد المسيحي الديمقراطي، حليفه في "التحالف الكبير" الحاكم. ويسعى الحزب إلى اقناع الناخبين عبر التركيز على شخصية مارتن شولتز المعروف بأنه إنساني أكثر من ميركل، وبأنه "يتحدث مع الناس فهو يملك موقفا واضحا ولغة واضحة وتوجها واضحا". وأشارت الصحف المحلية، في تعليقاتها على المناظرة، إلى أن "شولتس لا يمكن إلا أن يخلق المفاجأة بشكل إيجابي" في مواجهته مع ميركل، فيما أكدت أخرى أنه يتعين على شولتس تهدئة أعصابه واستخدام براعته في الهجوم على ميركل دون أن يتصرف بشكل سيء أو حتى مؤذ. كما أعربت الصحافة عن اعتقادها بأنه يمكن للمرشح الاشتراكي الديمقراطي كسب نقاط إذا نجح في الإيقاع بميركل في مواقف سياسية خلافية، حيث تميل إلى التصرف بطريقة مراوغة، وليس متسرعة جدا، وتترك مجالا للمناورة لفترة طويلة، وبالتالي ستفقد بعض النقاط. وكان أوميد نوريبور من حزب الخضر قد انتقد هذه المناظرة، موضحا أنها تضم مرشحين من الحزبين اللذين يقودان سوية حكومة التحالف الكبير، تاركة المعارضة تتناقش مع بعضها البعض. وستكون هذه الانتخابات الخامسة التي تشهد مناظرة تلفزيونية بين منافسين على المستشارية. وكانت هناك مناظرتان بين المستشار غيرهارد شرود ومنافسه إدموند شتويبر في العام 2002، ومذاك كانت هناك مناظرة واحدة بين المتنافسين. والجدير بالذكر أن هذه هي المناظرة الخامسة التي تشارك بها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، حيث واجهت في عام 2002 غيرهارد شرويدر وإدموند شتويبر.