على بعد ثلاثة أسابيع على الانتخابات البرلمانية الألمانية، نظمت أربع قنوات تلفزيونية مناظرة بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ومنافسها الاشتراكي، مارتن شولتس. مناظرة تابعها أكثر من 16 مليون شخص، ناهيك عن ملايين المشاهدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في جميع دول العالم. لقد حاول الطرفان بدل كل ما في جعبتهما لإقناع الجمهور بحججه المختلفة على أمل كسب ثقة الثلث المتشكك الذي لم يحسم بعد قرار تصويته بحسب استطلاعات الرأي. والمثير للانتباه أن النصف الساعة الأولى خصصت لموضوع واحد وهو «اللجوء والإسلام». كما خصصت نفس الحصة للسياسة الخارجية وعلى رأسها العلاقة مع تركيا. إذ شكلت هذه المواضيع مادة رئيسية للمتناظرين لتسجيل مواقفه وانتقاداته للطرف الآخر. موضوع الهجرة واللجوء مثير للجدل. وقد أحدث استقطابا في المجتمع. كما تسبب في انقسام بين حزب ميركل وحليفها البفاري الحزب المسيحي الاجتماعي. موضوع ساهم في تقوية الحزب الشعبوي: البديل من أجل ألمانيا. وهو الحزب الذي سبق أن قال أن قضية اللجوء واللاجئين هبة من السماء، صبت في مصلحة هذا الحزب. فكيف السبيل إلى التعامل مع هذا الموضوع؟ وكيف يمكن توحيد مواقف الأوروبيين حوله؟ وماهي خطط منافس ميركل مارتين شولتس في حال فوزه بمنصب المستشارية؟ شكل هذا الموضوع محورا رئيسيا في المناظرة. فعلى امتداد نصف ساعة من الوقت المخصص لها. هاجم شولتس سياسة المستشارة في اللجوء، عندما انتقد موقف ميركل بفتح الحدود أمام اللاجئين في خريف 2015 قائلا: „كان من الخطأ وضع الشركاء الأوروبيين أمام الأمر الواقع". ميركل من جهتها دافعت عن قرارها حين قالت :" لا زلت أعتقد وكما في السابق، أنه قرار صائب تماما" وأضافت „هناك حالات تستدعي أن يكون المرء وفيا لمبادئه". وهو ما دفع بشولتس لاستغلال التناقض بينها وبين حليفها هورست زيهوفر في صف ميركل بخصوص هذه القضية." ففي مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تويتر تحدث المتابعون عن لكمة زيهوفر التي وجهها شولتس. لقد طالب مارتن شولتس، بمراجعة كل حالة ترحيل للاجئين مرفوضين على حدة. وأضاف شولتس، زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أنه بدون ذلك فإن الولايات التي يقودها تحالف ميركل المسيحي، والولايات التي يقودها الحزب الاشتراكي، ستواصل تبادل الاتهامات في موضوع الترحيل. وأعرب شولتس أيضاً عن اعتقاده بأن على „المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين" أن يسرع من وتيرة عمله.وهاجم شولتس سياسة ميركل في ملف اللجوء قائلاً: هل ستؤدي مأساة اللاجئين في عرض البحر الأبيض المتوسط، إلى إغلاق الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي؟ وكيف يمكن التعامل مع ليبيا، وأردوغان، وترامب؟ فبخصوص العلاقة مع أنقرة، قال مارتن شولتس، زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أنه حال فوزه منصب المستشار في ألمانيا ، فإنه سوف يلغي المفاوضات الخاصة بعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي. وأضاف „عندما أكون المستشار سألغي مفاوضات عضوية الاتحاد الأوروبي مع تركيا". ومن جانبها اعتبرت ميركل أن تركيا لن تنضم أبداً إلى الاتحاد الأوروبي، في موقف قد يزيد العلاقة بين ألمانياوتركيا تأزماً. وقالت ميركل في المناظرة التلفزيونية قبل ثلاثة أسابيع من موعد الانتخابات التشريعية „لا أرى أن الانضمام قادم، ولم اؤمن يوما بأنه يمكن أن يحدث"، مضيفة أن المسألة تكمن في معرفة من „سيغلق الباب" أولاً، تركيا أو الاتحاد الأوروبي. قالت ميركل إنها لن تسمح بأن تمارس حكومة أنقرة ضغوطاً على الأتراك في ألمانيا. طبعا كانت الدول المغاربية حاضرة في المناظرة. ففي الوقت الذي أبان شولتس عن مواقف صارمة تجاه الأشخاص المنحدرين من هذه البلدان والذين رفضت طلبات لجوئهم. إذ طالب شولتس بعدم التسامح معهم وترحيلهم على الفور، حاولت ميركل الدفاع عن سياسيتها في هذا الباب، وتحميل المسؤولية للاشتراكيين الذين يرأسون بعض الولايات، في عرقلة قرار تصنيف الدول المغاربية، خاصة المغرب وتونس والجزائر كدول آمنة. فميركل تعتبر هذه الدول آمنة، وبالتالي ضرورة ترحيل مواطني هذه البلدان، مشيدة بالخطوات التي قطعتها حكومتها في هذا المجال، داعية إلى بدل المزيد. واضح أن النقاش بخصوص هذه القضية، يأتي على خلفية أحداث كولونيا لرأس السنة 2015. منذ 2005 تم اقرار مناظرة متلفزة وحيدة للكبار. فالنظام الألماني ديمقراطية برلمانية وليس ديمقراطية رئاسية. كما أن النظام الألماني يعرف انتخاب الأحزاب وليس زعماء الحكومات. والديمقراطية البرلمانية تشمل العمل المبرمج ومساهمة المعارضة.