"العرض السياسي الجديد لنزار بركة يقربه من اجتياح "باب العزيزية" بعد مقال "الأمل"، قدم نزار بركة عضو اللجنة التنفيذية سابقا لحزب الاستقلال عرضا جديدا تضمن "أفكارا ومقاربات مبتكرة" تنبني على دعامات رئيسة منها أن آفاق تدبير تحالفات الحزب، يتعين أن ترتكز على أسس يندرج في مقدمتها البرنامج وثانيا الرصيد الوطني والديمقراطي المشترك، ثم التقارب الإيديولوجي وأخير المشروعية المشتركة. أما الدعامات الأخرى للعرض الذي قدمه نزار بركة تحت شعار "من أجل حزب الاستقلال فاعل في مغرب اليوم والغد" نشرت مضامينه جريدة "العلم" لسان حزب الاستقلال، الاثنين الماضي في صفحتين، فتتعلق بقيم المشروع الاستقلالي الذي يتعين إعطاء الأولوية على التوالي للحوار والتوافق والعيش المشترك والفكر والاجتهاد مع العمل على تجويد حكامة التنظيم غبر الديمقراطية الداخلية والشفافية في التدبير والقرب من المواطن. وأوضح نزار بركة في "تحليل تركيبي" لمخرجات مرقمة للأرضية التفاعلية أن هذا العمل يمثل "ثمرة لمجهود جماعي تشاوري"، شارك في إنجازه "1008 من الاستقلاليات والاستقلالين، ينتمون إلى تنظيمات الحزب وهيئاته ومنظماته الموازية وروابطه المهنية وجمعياته القطاعية من مختلف الجهات الاثني عشر للمملكة". ومن الملاحظ أن مبادرة نزار بركة المرشح بقوة لتولى مهام الأمين العام لحزب علال الفاسي خلال المؤتمر 17 للحزب المنتظر تنظيمه في نهاية الشهر المقبل، وهو سيؤهله لاقتحام باب العزيزية حسب الوصف الذي أطلقه على المقر المركزي للحزب بشارع ابن تومرت بالرباط غريمه ومنافسه المعلن حميد شباط الأمين الحالي للحزب تأتى بالخصوص بعد المقال المطول الذي نشره بإحدى اليوميات البيضاوية بعنوان "الأمل". وكان بركة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد قدم في هذا المقال رؤيته من "أجل إنقاذ الحزب الذي حان الوقت، لكي يستعيد قوته وتلاحمه بنقد ذاتي شجاع وموضوعي وإصلاح الأخطاء" التي راكمها في السنوات الأخيرة. كما تتزامن الخرجة الثانية الإعلامية لبركة على صفحات لسان الحزب التي يتولى مهام إدارتها، عبد الله البقالي رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الذي غبر رفقة عضوي اللجنة التنفيذية للحزب عبد القادر الكيحل وعادل بنحمزة عن رفضهم ترشح حميد شباط لخلافة نفسه. وبصرف النظر عن التطورات التي يعيشها حزب الاستقلال والمخاض والتدافع بين مكوناته وفعالياته، والمواقف المختلفة من هذا التدافع ، فإن مبادرة نزار بركة، تعد سلوكا سياسيا مبتكرا في الحياة الحزبية الوطنية، خاصة وأنها اعتمدت أرضية تفاعلية هي عبارة عن استمارة على النيت إما إلكترونيا أو على الوعاء الورقي، وهي طريقة تنظيمية مستجدة، بإمكانها أن تساهم في الانتقال من الشرعية التاريخية والديمقراطية إلى مرحلة يكون فيها الاحتكام إلى البرنامج والكفاءة والنزاهة والدمقرطة، بالإضافة إلى تحديث الممارسة السياسية، وتحفيز النقاش الديمقراطي، ودفع الهيئات الحزبية إلى العمل على إبداع أشكال جديدة في التفاعل بين أعضائها خلال مؤتمراتها ومحطاتها التنظيمية. وإذا كان هذا العرض السياسي قد لامس عددا من الحقول منها تحديد المرجعية والمشروع المجتمعي والتنظيم والحكامة الداخلية وتموقع الحزب فضلا عن تشخيص لوضعيته سلبا وإيجابا، ورهاناته المستقبلية ، إلا أن الإعلام لم يتطرق إليه ألبتة وعلى طول الصفحتين اللتين خصصتهما جريدة الحزب للتحليل التركيبي لهذه "الأرضية التفاعلية" التي تضمنت المنهجية والآليات المعتمدة. ويطرح التساؤل حول الغاية من تجاهل الأرضية للمسألة الإعلامية في الوقت الذي كان لحزب الاستقلال أدوار طلائعية في الصحافة والإعلام، ويرجع الفضل للحزب تاريخيا في جعل الصحافة وسيلة وأداة في بناء الوطن والمواطن، وتمكن من إنتاج كبار رجالات الصحافة والإعلام. كما أن هذا الغياب في برنامج نزار بركة لا يتساوق مع الدور المحوري المتعاظم لوسائل الاتصال الجماهيري في عملية الاتصال السياسي خاصة في مراحل التحول ب"الديمقراطيات الناشئة" التي تتطلب سياسة إعلامية مبنية على تصورات مغايرة ونوعية، تمكن الفعاليات السياسية والمجتمعية من تقبل الرسائل السياسية التي تؤثر في مواقف الرأي العام في اتجاه التماثل الإيجابي مع الهيئة السياسية عبر العمل على أحداث توازن بين مصالح الفاعل الحزبي ووسائل الإعلام باعتبارها مؤسسة ديمقراطية باستثمار تجربتها التاريخية والنوعية في إعادة كسب ثقة الجمهور الذي أصبحت ميديا الإعلام فضائه المفضل الذي لا يستقى منه معلوماته فقط، ولكن لتشكيل آرائه وتصوراته وتحديد اختياراته واتخاذ مواقفه خاصة بالنسبة للفاعلين السياسيين. فرغم تغييبه لرهان الإعلام في أرضيته الجديدة لخوض غمار المنافسة على منصب الأمانة العامة لحزب الاستقلال والتي تضمنت تشخيصا دقيقا لحالات الحزب وقدمت مقاربات لتجاوز حالة الترهل التي أصابته بفعل عوامل داخلية وخارجية، ذاتية وأخري موضوعية\، العرض الجديد لنزار بركة "من أجل حزب الاستقلال فاعل .." يقربه أكثر من اجتياح "باب عزيزية" الحزب، وبالتالي سيترجم الخلاصات السابقة من أجل بناء تصور تشاركي وفق منهج علمي ومقاربة تفاعلية ديمقراطية لإعادة الحزب إلى واجهة الفعل السياسي الفعال"، وفق ما دبجه بركة مقال بتوقيع باسم "مناضل في صفوف حزب الاستقلال"، عوض مرشح "سباق المسافات الطويلة" لنيل ثقة الاستقلاليات والاستقلالين من أجل التربع على الأمانة العامة للحزب خلال المؤتمر المقبل لحفدة علال الفاسي.