استفاق المغاربة الأسبوع الماضي على صدمة مهولة أثارها انتشار "فيديو" على مواقع التواصل الاجتماعي، يوثق لمحاولة اغتصاب جنسي قام بها أطفال مراهقون على فتاة تعاني من اختلال نفسي في حافلة للنقل الحضري بمدينة الدارالبيضاء. ووفقا لما ظهر في "الفيديو" فقد قام ثلاثة مراهقين بنزع ملابس الفتاة وتلمسها بطريقة لا أخلاقية، مع توثيق ذلك بالكاميرا، وسط موجة من الضحك والصراخ، في حين حاولت الفتاة الدفاع عن نفسها والبكاء من أجل تركها والابتعاد عنها، دون أن يتدخل السائق أو أحد ركاب الحافلة. ولقي هذا الحادث غير الأخلاقي موجة استنكار واسعة لدى المغاربة، لاسيما أن الفتاة التي تعرضت لمحاولة اغتصاب تعاني من "تأخر عقلي"، كما أنها وجدت دون أي مرافق، ما جعلها ضحية سهلة للمراهقين الذين حاولوا استغلالها ببشاعة أمام أنظار الجميع. ودخلت على الخط عدد من الجمعيات وهيئات المجتمع المدني عبر تقديم شكاوى لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، وعبر بلاغات وبيانات تستنكر هذا الحادث الإجرامي، وتطالب بتطبيق العدالة واتخاذ إجراءات عملية وسريعة للحد من مثل هذه الظاهرة. غير أن هذا الحادث الذي وقع، كما يؤكد العديد من المتتبعين والمتخصصين، ما هو إلا "جزء صغير ظاهر من جبل جليد يشكل أحد الطابوهات التي لم تصل إلى درجة النقاش العمومي الجريء، من أجل تشخيص أسبابها بدقة والعمل على إيجاد حلول لمواجهة هذه الظواهر المخيفة". هل يتعلق الأمر بفشل ذريع للسياسات العمومية التي تستهدف الفرد والمجتمع في المغرب؟ أم أن الأمر يتعلق بعدم تفعيل الترسانة القانونية وإخفاق المقاربة الأمنية في توفير الأمن المجتمعي؟ أم أن مثل هذه الجرائم الهمجية استفحلت بفعل انهيار منظومة القيم الدينية والمجتمعية الناتج عن تراجع التربية الدينية الملتزمة داخل الأسر المغربية والمساجد والمؤسسات التعليمية، وجمعيات المجتمع المدني؟. من أجل الإجابة عن هذه الأسئلة، وتسليط الضوء على ظاهرة التحرش والاعتداء الجنسي المتنامية حديثا، ينظم مركز هسبريس للدراسات والإعلام، اليوم الجمعة، ندوة في الموضوع، بمشاركة كل من الأستاذة نجية أديب، رئيسة جمعية "ماتقيش ولادي"، والدكتور سعيد بنيس، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، والدكتور جواد مبروكي، طبيب نفساني. تجدر الإشارة إلى أن متابعة "ندوة مركز هسبريس للدراسات والإعلام" ستكون متاحة بالصوت والصورة على موقع هسبريس الإلكتروني، كما سيتم نقل أطوار الموعد باعتماد "تقنيّة المباشر" على صفحة هسبريس بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، والقناة الرسمية لجريدة هسبريس الإلكترونية ب"يوتيوب"، ابتداء من السادسة من مساء هذا اليوم.