لم تعد حماية الطبيعة في مواقع متفرقة كافية للحفاظ على نظام دعم الحياة، حتى ولو تضاعفت المناطق المخصصة لصون النباتات والحيوانات بمعدل عشرة أضعاف. ومن ثم فسوف تحتاج البشرية إلى 27 كوكب أرض بحلول 2050، لمواجهة زيادة السكان، والاستهلاك المفرط، وعدم كفاءة استخدام الموارد. فقد أفادت دراسة جديدة بأن حجم وعدد المناطق المحمية في البر والبحر قد ازداد بشكل كبير منذ الثمانينات بحيث تجاوز مجموعها الآن 100،000 محمية تغطي مساحة 17 مليون كيلومتر مربع من الأراضي، ومليوني كيلومتر مربع من المحيطات. وعلى الرغم من هذه الأرقام المشجعة، فتكشف كل المؤشرات أن الأنواع سوف تنقرض بمعدل أسرع من أي وقت مضى، رغم إضافة محميات جديدة وغيرها من تدابير الحفاظ، وفقا لدراسة نشرتها سلسلة التقدم الأيكولوجي التي يصدرها سلاح البحرية الأمريكية. وصرح مؤلف الدراسة الرئيسي كاميلو مورا من جامعة هاواي في مانوا "من المدهش أننا (البشرية) لم نتناول تعامل مع مدي فشل المناطق المحمية في إبطاء معدل فقدان التنوع البيولوجي”. وأضاف قائلا لوكالة انتر بريس سيرفس "لقد فوجئنا بمدي وضوح الأدلة السنوات ال 30 الماضية. لقد كانت واضحة جدا". وذكرت الدراسة أن قدرة المناطق المحمية على معالجة مشكلة فقدان التنوع البيولوجي - انخفاض أعداد كافة أنواع الكائنات الحية وتنوعها، قد بولغ في تقديرها. فالواقع هو أن ليست أن معظم المناطق المحمية محمية حقا. وشرحت أن الكثير منها هي مجرد "حدائق على الورق" محمية إسما، وهو الواقع الذي ينطبق على ما يصل الى 70 في المئة من المناطق المحمية البحرية والمنتزهات. وتظهر الدراسة أن الإنفاق العالمي على المناطق المحمية يقدر إلىوم بستة مليارات دولار سنويا، يتم تمويلها بشكل غير كاف لضمان الإدارة الفعالة في العديد منها. فتتطلب فعالية إدارة المناطق المحمية القائمة ما يقدر بنحو 24 مليار دولار سنويا، أي أربعة أضعاف النفقات الحالية. ومن جانبه، صرح مؤلف الدراسة المشارك بيتر سيل، الأخصائي في علم الأحياء البحرية والمدير المساعد لمعهد جامعة الأممالمتحدة للمياه والبيئة والصحة، أن "استمرار فقدان التنوع البيولوجي وعواقبه على رفاه الإنسانية هو مصدر قلق كبير، حث على إطلاق نداءات قوية للتوسع في استخدام المناطق المحمية كعلاج" لهذه المشكلة. وشرح لوكالة انتر بريس سيرفس أن "المناطق المحمية هي آمال كاذبة من حيث (قدرتها على) منع فقدان التنوع البيولوجي"، علما بأن الدارسة تستند إلى البيانات العالمية الموجودة بشأن التهديدات البشرية وفقدان التنوع البيولوجي. وبسؤاله عن أتفاق "ناغويا"(اليابان) العالمي في عام 2010 بشأن حماية التنوع البيولوجي ووضع 17 في المئة من الأراضي و 10 في المئة من المحيطات تحت الحماية بحلول عام 2020، أجاب انه "من المستبعد جدا أن يتم بلوغ تلك الأهداف" نظرا لتزايد الصراع بين احتياجات الغذاء والموارد الأخرى، "وحتى لو تحققت هذه الأهداف، فإنها لن توقف تدهور التنوع البيولوجي". وفسر ذلك بعدة أسباب، من بينها "التسرب". وشرح أنه لو جري تسييج غابة ما، فسيزداد الضغط على غابة أخري. كذلك فإذا تم تسييج أحدي مناطق الشعاب المرجانية ومنع صيد الأسماك وقوارب الصيد فيها، فسوف تذهب إلى مكان آخر. وسبب آخر لعدم اعتبار المناطق المحمية بمثابة الحل المكافي للمشكلة، هو أن الأسوار أو زوارق الدوريات لا يمكنها منع زحف آثار التلوث أو التغيير المناخي، وفقا للعالم الذي أضاف سببا آخر ألا وهو أن الضغوط التي تمارس على الموارد "آخذة في التصاعد بسرعة، بحيث أصبحت المشكلة كامنة في التهرب من حلها". وقال مورا أن فقدان التنوع البيولوجي هو مسألة رئيسية لأنها نظام الدعم الوحيدة الموجود لحياة البشر، فهو يوفر كل شيء، من الغذاء والماء النظيف والهواء، إلى الاستجمام والسياحة، مرورا بالمواد الكيميائية التي تسيير حضارتنا المتقدمة. والان تعتمد الإستراتيجية الوحيدة المهيمنة على المناطق المحمية كأداة لوقف فقدان التنوع البيولوجي، وفقا للعالم الذي شرح لوكالة انتر بريس سيرفس أن "هذا يعني وضع كل البيض في سلة واحدة". هذا ويعتبر توسع البصمة البشرية السبب الرئيسي لفقدان التنوع البيولوجي في العالم. وقال مورا أنه عندما كان تعداد سكان العالم خمسة مليار نسمة في عام 1985، كان حجم الموارد الطبيعية المستخدمة أو المتأثرة قد تجاوز بالفعل قدرة هذا الكوكب على التحمل لأجل غير مسمى، وفقا لتقديرات عديدة. والآن، ويبلغ سكان العالم سبعة مليار نسمة، أصبحت الأرض عاجزة أكثرا فأكثر على الاستمرار. ووجدت الدراسة أنه بحلول عام 2050، يتوقع أن يصل عدد السكان في العالم 10 مليار نسمة، ومن ثم سيبلغ معدل استخدام الموارد الطبيعية التراكمي ما يعادل إنتاجية ما يصل إلى 27 كوكب، في حالة عدم تغيير أنماط الاستهلاك. العالم الحالي بمجموع سبعة مليار نسمة يتطلب تحولا كبيرا في استخدام الموارد. ففي الوقت الحاضر، تؤثر البصمة الإيكولوجية للمواطن الأميركي العادي على حوالي10 هكتارا، مقابل أقل من هكتار واحد في هايتي، علما بأن كوكب الأرض قادر على تحمل الجميع إذا اقتصرت البصمة البشرية على التأثير على متوسط هكتارين.