غابت القضايا الوطنية وأحوال السياسة الداخلية للمملكة عن الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس، مساء اليوم الأحد، بمناسبة الذكرى ال64 لثورة الملك والشعب. وهو ما أرجعه متتبعون وباحثون إلى أهمية هذه الذكرى في أذهان المغاربة، فيما رأى آخرون أنه مرتبط بنوعية الخطابات التي بات يلقيها الملك مؤخرا. وقال أشرف مشاط، باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، إن خطاب اليوم هو "خطاب الاستمرارية لخطاب السنة الفائتة، وهو من الجيل الجديد للخطب الملكية التي أصبحت مواكبة للأحداث، سواء الداخلية أو الخارجية". ولذلك، يرى أشرف أن خطاب الملك لهذه السنة كان موجها كليا للشأن الخارجي للمملكة، وقال إن "رسائل الخطاب حملت الإجابة وتأكيد العزم على الارتقاء بالصورة الذهنية التي لدى المواطن المغربي عن الدور الذي يقوم به المغرب داخل إفريقيا، سواء قبل العودة إلى الاتحاد الإفريقي أو بعدها، عن طريق تفعيل خطة لخوض معركة تنموية شاملة من أجل مستقبل مشرق لإفريقيا والارتقاء بكرامة المواطن الافريقي". وأضاف مشاط، في تصريح لهسبريس، أن خطاب الملك "سمى الأشياء بمسمياتها من خلال الرد على مجموعة من المغالطات التي روجها أعداء الوحدة الترابية على مدار الأشهر الماضية"، واعتبره إعلانا أيضا على أن الوقت الآن هو وقت العمل عن طريق رؤية استراتيجية ومندمجة من أجل تنمية مشتركة مع إفريقيا على أساس رابح رابح. "وهذا سيكون عن طريق العمل بنفس جديد واستراتيجي ومواكب للأحداث الإقليمية والدولية للدبلوماسية المغربية، سواء داخل القارة الإفريقية أو على الصعيد الدولي، بما يعود بالنفع على القارة الإفريقية على المدى المتوسط والبعيد"، يقول مشاط. من جهته، يرى المحلل السياسي رشيد لزرق أن سبب غياب الحديث عن السياسة الداخلية في خطاب الملك يعود إلى كون ذكرى ثورة الملك والشعب "لها دلالات في وجدان المغاربة، ولا يمكن أن تقترن بإعمال إجراءات حازمة بخصوص الأزمة التي يعرفها المشهد السياسي؛ لهذا ينبغي انتظار الأيام القادمة". واعتبر لزرق، في تصريح لهسبريس، أن تخصيص الخطاب للحديث عن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي يجد تفسيره في كون المغرب "بذل مجهودا جبارا للعودة إلى إفريقيا التي تعتبر عودة إلى الأصل بغاية تحقيق التنمية في إطار مقاربة رابح رابح؛ وهو ما له تأثير على الاقتصاد الوطني وأيضا مرتبط بقضية الوحدة الترابية". وقال المتحدث إن المغرب بات "يعلن عن الجدية في المضي قدما لتنزيل كل الاتفاقيات بفعالية في إطار الاندماج الإفريقي وتنفيذ الالتزامات الدولية، بالنظر إلى المردود الاقتصادي لهذه الاتفاقيات على مستوى الاقتصاد الوطني، سواء من حيث التجارة أو الاستثمار أو النمو الاقتصادي، وتأثيراتها الإيجابية بشكل مباشر على الشغل والتنمية الاجتماعية، وعلى القضية الأولى للمغرب المتمثلة في وحدته الترابية". واعتبر لزرق أن الخطاب الحالي هو تأكيد للخطاب الذي ألقاه الملك في أديس أبابا بإثيوبيا بمناسبة عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، الذي أبرز من خلاله أن المغرب يملك نحو ألف اتفاق تعاون مع معظم الدول الإفريقية جنوب الصحراء، وشدد فيه على الالتزام بالتعهدات تجاه القارة.